الجنرال خليفة حفتر يقف على أطراف الجزائر، بل إنه أعلن على تحويل شريط ممتد لما يناهز 1000 كلم منطقة عسكرية، ما يعني إغلاق الحدود نهائيا بين البلدين. وأكثر من ذلك، فقد أبدت قوات المشير استعدادها لمواجهة أي تدخل جزائري في المنطقة. ومع ذلك، لم يصدر عن الفريق السعيد شنقريحة، قائد الجيش الجزائري، أي تصريح أو رد فعل بخصوص ما يحدث تحت أقدامه، ولكنه في المقابل فضل الذهاب إلى روسيا، ممتطيا جواده الوهمي، ليلقي أمام أكثر من 600 شخصية مشاركة في "المؤتمر التاسع للأمن الدولي"، الذي انعقد بموسكو، كلمة شاردة لا علاقة لها بالأمن الدولي. الفريق السعيد شنقريحة ترك كل مشاكل الجزائريين، وخصص كلمته للدفاع عن "جبهة البوليساريو"، رغم أن حسابات روسيا في هذا المؤتمر كانت أكبر بكثير. وكم كانت الهوة كبيرة بين كلمات شنقريحة، الذي كان يتحدث عن دولة وهمية اسمها "الصحراء الغربية"، وبين كلمة الرئيس فلادمير بوتين، الذين أبدى قلقه من "وصول حلف الناتو" إلى حدود بلاده. وشتان بين حسابات الحقودين الصغار، وحسابات الكبار عندما يتعلق الأمر ب"التوازن العالمي". بوتين يقول إن "المهمة الرئيسية للأمم المتحدة هي منع نشوب حرب عالمية جديدة، ما يجعل من الضروري أن تكون لها قواعد جديدة تحت رعايتها، في وقت يستمر فيه تآكل القانون الدولي، ولا تتوقف محاولات استخدام القوة لتحقيق مصالح أنانية". أما السعيد شنقريحة، أحد المشاركين الصغار الذين لا يعرفون حتى الغاية من تنظيم هذا المؤتمر، فقد اعتبرها مناسبة ليدافع عما سماه "العضو المؤسس للاتحاد الإفريقي" في مواجهة بلد "محتل" اسمه المغرب. ولم تكن المناسبة لتمر دون أن يكذب سعيد شنقريحة على الحاضرين بخصوص "خرق اتفاق وقف إطلاق النار" الذي أعلنته البوليساريو، موردا أن المغرب خرق هذا الاتفاق، وهو الأمر الذي لا تعترف به الأممالمتحدة. ورغم أن حبل الكذب قصير، فإن شنقريحة، الذي شارك قبل أيام في "تهريب" زعيم ميليشيا البوليساريو من التراب الإسباني، حاول إطالة هذا الحبل بقوله إن الجزائر مستعدة للتعاون من أجل مواجهة التحديات الأمنية التي يعيشها العالم، لا سيما في المنطقة المغاربية، بينما يشهد الواقع والمسؤولون المغاربة بأن الجزائر ترفض التعاون في ما يتعلق بمحاربة "التطرف والإرهاب"، لا سيما بوجود معطيات تؤكد تورط عناصر البوليساريو في تنفيذ عمليات إرهابية. أليس "التستر على الإرهابيين" جريمة أكثر من جريمة الإرهاب نفسه؟ ويا لها من مفارقة، عندما جعل المتتبعون من كلام قائد الجيش الجزائري فرصة للتنكيت والسخرية عليه، هو الذي دفعته "عقدة المغرب" إلى تخصيص كلمته كاملة للدفاع عن "البوليساريو" دون أن ينبس ببنت شفة لصالح القضية الفلسطينية وقد كان من بين المشاركين في هذا المؤتمر، الفلسطينيون، وعلى رأسهم قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني اللواء نضال أبو دخان، كما ضم الوفد مدير الإدارة المالية العميد إياد عباس، وقائد منطقة رام الله والبيرة وضواحي القدس العميد حافظ رفاعي، وممثلا عن سفارة دولة فلسطين في موسكو. شنقريحة نسي "الله والوطن" مقابل تذكر البوليساريو. ولا شك أن جل الحاضرين في "المؤتمر التاسع للأمن الدولي" باتوا يعرفون هذا النوع من الجيران الذين ابتلي بهم المغرب، وعلى رأسهم المسؤولون الجزائريون. فاشهد يا تاريخ.