أتمنى ألا يتنازل المواطن المغربي حسن ، وزوجته التونسية عن متابعة ابن العقيد الليبي حنبعل القذافي ، الذي جعل منهما عبدين ، وبرهن للعالم على أن هذه الأمة العربية التي تدين بالاسلام الذي جاء من أجل تحرير الانسان وتحريم العبودية ما زال أبناؤها يتم استعبادهم من طرف الحكام وأبنائهم الطاغين في القرن الواحد والعشرين . "" لقد كانت الصدفة وحدها التي جعلت حسن وزوجته يتقدمان بشكاية ضد ابن القذافي المتجبر ، بعدما تفاجأت عاملات الفندق الذي ينزل فيه حنبعل وهن يشاهدن زوجة هذا الأخير وهي تعذب خادمتها التونسية بلا شفقة ولا رحمة ، كما يفعل الأسياد مع عبيدهم في العصور الغابرة ، ليتصلن بعد ذلك بالشرطة السويسرية التي اعتقلت حنبعل وزوجته ألين ، ليقضيا يومين رهن الاعتقال قبل أن يتم اطلاق سراحهما بكفالة فاقت 300 ألف دولار . أن يقضي ابن القذافي الذي يحسب نفسه فوق القانون يومين رهن الاعتقال لدى البوليس السويسري الذي لا يفرق بين الحاكمين والمحكومين يشكل ضربة قاصمة لظهر النظام الليبي الذي لن ينسى أبدا هذه الضربة الموجعة التي كان وراءها مواطن مغربي قادته ظروف العيش القاسية التي لاقاها في وطنه إلى الوقوع في براثن العبودية في الجمهورية العربية الديكتاتورية العظمى . ما قامت به الشرطة السويسرية يستحق منا نحن المغاربة والتونسيين أن نقف لها وقفة تقدير واحترام وشكر ، وإن كان عملها يدخل في إطار مهامها الإجبارية . فهؤلاء النصارى الذين لا يجمعنا بهم أي شيء يدافعون عنا في الوقت الذي لا نلقى فيه في "أشقائنا" العرب الذين تجمعنا بهم روابط كثيرة سوى الذل والإهانة والاحتقار . لذلك سيكون من الأفضل ألا يتنازل حسن وزوجته عن متابعة حنبعل القذافي مهما كان الثمن ، صحيح أن شقيق حسن يوجد الآن بين الأيادي غير الآمنة لزبانية القذافي في ليبيا ، ومن حقه أن يخاف عليه مثلما نخاف عليه نحن أيضا ، لكن مثول حنبعل أمام العدالة السويسرية سيجعل من حسن وزوجته يدخلان إلى التاريخ ، لأنهما سيكشفان للعالم عن مزيد من بؤر العبودية في جمهورية معمر ، وفي كثير من قصور السلاطين والأمراء العرب المستبدين ، ولا شك أن العدالة السويسرية ستنصف حسن وزوجته ، وربما تساعد تحقيقاتها على إنقاذ "عبيد وإماء" آخرين . وبالموازاة مع ذلك ستتحرك منظمات حقوق الإنسان العالمية ، والمهم بعد كل هذا أن يتم تمريغ كرامة ابن القذافي في التراب ، وجرجرته أمام المحاكم كأي مجرم حقير ، كي يقتنع في النهاية أنه مجرد إنسان عادي ، وليس إلاها كما قد يتخيل . فالحرية في نهاية المطاف لا بد لها من ثمن . وإذا كانت شرطة سويسرا وعدالتها وبرلمانها يهتمون بقضية المواطن المغربي الذي يحظى برعاية مكثفة هناك ، في الوقت الذي تضرب فيه الدولة المغربية الطم عن الموضوع ، وتتحدث صحافتها عن "الديبلوماسية السرية" التي تقوم بها الرباط لدى طرابلس من أجل طي هذا الملف بدون خسائر ، فإننا نطلب من السلطات المغربية أن تتخلص من سريتها ، وتضع هذا الملف أمام الرأي العام ، فالمغرب ليس دويلة نشأت فجأة على هامش الخريطة ، بل دولة لها تاريخ يمتد لأكثر من 1200 عام ، ومن المفروض أن يكون بلدنا بعد كل هذه القرون الطويلة بلدا قويا ، وليس مجرد جبان يفضل حل مشاكله مع الآخرين في السر كما يفعل كل الجبناء . نحن نعرف جيدا أنكم خائفون من القذافي ، ومن مزاجه المتقلب ، لأنه يملك النفط وأنتم لا تملكون أي شيء ، هذا ما تقولون في اجتماعاتكم المغلقة ، لكننا نرفض أن نصدق هذه الأكاذيب . المغرب ليس بلدا فقيرا إلى الحد الذي تريدون منا أن نقتنع به ، والدليل هو أن لدينا موظفين سامين يحصلون على رواتب شهرية ليس لها مثيل حتى في الدول الصناعية الكبرى ، وطيلة أربعين سنة كان اللصوص الكبار يسرقون خزائن الدولة وينهبونها حتى وصل حجم الأموال المسروقة إلى 15 مليار دولار ، عندما كان الدولار طبعا يساوي عشرة دراهم ، وملك البلاد تضعه مجلة "فوربيس" الأمريكية في الصف الثامن على لائحة أغنى ملوك العالم ، متفوقا حتى على إليزابيث ملكة بريطانيا العظمى التي لا تملك سوى ثلث ما يملكه ملكنا ، ومدرب المنتخب الوطني لكرة القدم وحده يتوصل على رأس كل شهر براتب خيالي يصل إلى سبعين مليون سنتيم . وزيد ..وزيد .. هذا إذن هو المغرب الذي تريدون أن توهمونا بأنه بلد فقير جدا ، ونحن نرفض أن نصدق ذلك. إذا كنتم تعتقدون أننا أغبياء فنحن لسنا كذلك ، وإذا كنتم تعتقدون تضحكون علينا فإنما تضحكون على أنفسكم ، فحتى الحمقى لا يصدقون مثل هذه الترهات التي تنطقون بها ، وينطق بها إعلامكم الرسمي . إذا كان القذافي سيغضب منكم إذا طالبتموه بإطلاق سراح شقيق حسن ، فليغضب إذن ، وإذا لم يكفه الغضب ولم تسعه الدنيا فليشرب البحر ، وإذا كان سيقطع عنكم براميل النفط التي تتوسلونها إليه فليقطعها ، فنحن على استعداد تام كي نعود إلى العصر الحجري ، نستضيء بالشموع وقناديل الكربون ، ونركب البهائم ، فهذا أفضل وأرحم من أن نرى كرامتنا وكرامة بلدنا تهان بهذا الشكل المخزي على يد قائد عسكري وصل إلى الحكم على ظهر دبابة . لقد قال لكم المحامي السويسري فرنسوا مومبريز الذي يدافع عن حسن بأنه لم يسبق له في حياته أن رأى دولة لا تهتم بمواطنيها مثل المغرب ، ألا يكفيكم هذا التقريع والتوبيخ أيها الجبناء .هل ماتت العزة والأنفة والكرامة في قلوبكم ، هذا إذا افترضنا أنكم ما زلتم تملكون قلوبا ، واش ما بقاتش فيكم النفس ؟ إذا كان الأمر كذلك ، فإن من حقنا أن نخاف على وطننا ، فإذا كان أمرنا كمواطنين لا يهمكم ، فليس مستبعدا أن تضعوا الوطن برمته في المزاد ، وتبيعوه يوما بأرخص الأثمان . من يدري ؟ [email protected]