اهتمت الصحف العربية، الصادرة اليوم السبت، بتطورات المشهد السياسي في مصر، وبمستجدات الأزمة السورية، وكذا بملف المصالحة الوطنية الفلسطينية، وبالأزمة السياسية في لبنان والمتمثلة في استمرار الجدل حول تمديد المجلس النيابي لنفسه. وهكذا، واصلت الصحف العربية الصادرة من لندن تسليط الضوء على تطورات المشهد السياسي في مصر في أعقاب تدخل الجيش وعزل الرئيس السابق محمد مرسي. وكتبت هذه الصحف، في هذا الصدد، عن تفجر صراع على "احتلال ميدان التحرير"، ضمن موجة من المواجهات بين الطرفين استخدمت فيها الأسلحة وأوقعت قتلى وجرحى، وذلك بعد يومين من عزل الرئيس محمد مرسي، مشيرة إلى أن هذه التطورات تأتي ساعات قبل انعقاد اجتماع اليوم للزعماء المصريين لتنفيذ "خريطة طريق" للمستقبل. وأبرزت أن الرئيس عدلي منصور أصدر أمس الجمعة أول قراراته الجمهورية، بحل مجلس الشورى الذي كان يهيمن على الأغلبية فيه التيار الإسلامي، كما قرر تعيين رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء محمد رأفت شحاتة، مستشارا أمنيا له. واهتمت الصحف الإماراتية بعدة مواضيع أبرزها التهديد الأمريكي بقطع المساعدات عن مصر، عقب قرار الجيش عزل الرئيس مرسي ومستجدات الأزمة السورية. وكتبت صحيفة (الخليج) أن رد الفعل الأمريكي على نتائج أحداث "ثورة 30 يونيو" كان "مفاجئا وتمثل في تهديد الإدارة الامريكية بإعادة النظر في المساعدات التي تقدمها لمصر منذ اتفاقيات كامب ديفيد"، مبرزة أن هذا يكشف أمرين "الدعم الأمريكي ل(الإخوان) من جهة، واستخدام المساعدات في إطار سياسة العصا والجزرة التي تستخدمها الولاياتالمتحدة في علاقاتها مع الدول الحليفة من جهة أخرى". وفي موضوع آخر، قالت صحيفة (البيان) إنه في خضم الانشغال السياسي والإعلامي بالحدث المصري الذي اختلفت حوله رؤى أوساط عربية ودولية بين ترحيب وتحفظ أو شجب، "غابت سورية الشقيقة عن واجهة الاهتمام بأحداثها الدموية المتتالية، لا سيما مدينتها حمص التي تشهد الآن حصارا بين النيران وقتالا ضاريا وتئن منذ أكثر من عام تحت وطأة المجازر الوحشية التي يرتكبها النظام بحق المدنيين من سكان المدينة". وأضافت الصحيفة أن الائتلاف الوطني السوري المعارض وجه مساء أول أمس الخميس نداء عاجلا لإغاثة المدينة والحصول على أسلحة لمنع سقوطها بنيران الجيش النظامي، فيما وجه عضو الائتلاف عبد الرحمن بترا نداء إلى وسائل الاعلام لكي تولي الوضع في سورية المزيد من الاهتمام، معربا عن أسفه لكون الصحافة الدولية باتت تركز أنظارها على الوضع في مصر فقط. وسجلت (البيان) أنه في "غمرة استباحة الجميع لدماء أبناء سورية وأبناء حمص لم يستطع مجلس الأمن الدولي تمرير بيان يطالب بإمكانية وصول عاملي الوكالات الإنسانية بشكل عاجل لمدينة حمص وتحرير المدنيين العالقين فيها، مما يضع سكانها أمام إبادة جماعية محتملة في ظل غياب تدخل دولي عاجل وواضح". كما شكلت التطورات التي يشهدها الوضع السياسي والاجتماعي في مصر، والتعثر الذي يعرفه ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية أبرز اهتمامات الصحف القطرية. فتحت عنوان "لا للعودة للمربع الأول بمصر" قالت صحيفة (الراية)، في افتتاحيتها، "إنه يجب على المصريين جميعا بمختلف أحزابهم ومواقفهم أن يدركوا أنهم أمام مسؤولية حماية بلادهم ومستقبلها، وأن تحقيق أهداف ثورتهم يقع على عاتق الجميع، وهذا لن يتحقق إلا بالحوار الجاد وتعزيز اللحمة الوطنية وتغليب مصلحة مصر كوطن يسع الجميع على المصالح الحزبية بعيدا عن تجييش الشارع والتهديد والتهديد المضاد الذي سيقود إلى عواقب وخيمة يدفع ثمنها الجميع". وحثت الصحيفة على "اليقظة من أجل تفويت الفرصة على المتربصين بمصر الذين يستغلون الصراع السياسي لإدخالها في مستنقع الحرب الأهلية إذا لم يراع الجميع خطورة الأوضاع الحالية خاصة بعدما احتكم المؤيدون لمرسي والمعارضون له للشارع وكل يدعي الشرعية ولا يعترف بالآخر، في وقت يدرك أن مصر في أشد الحاجة للتلاحم بين أبناء شعبها من أجل مواجهة استحقاقات المرحلة الحرجة". من جهتها، أكدت صحيفة (الشرق) أن مصر "تعيش منذ أسبوع ويعيش معها العالم بأكمله بين مؤيد ومختلف، وتوسعت أرض الكنانة لتشمل الأرض العربية بأكملها"، مضيفة أن كل العرب "أصبحوا اليوم يمارسون أدوارهم في ما يجري على أرض مصر، تراهم تارة مع الجانب الأول وتارة مع الجانب الآخر، والكل يتمنى أن تبقى مصر معافاة من كل الشرور وألا تراق على أرضها قطرة دم واحدة بسبب الممارسة الديمقراطية". وترى الصحيفة أن معركة الديمقراطية التي خاضها الشعب المصري بملايينه في الساحات والميادين "كانت تعبيرا صادقا وعاكسا حقيقيا للديمقراطية التي أراد المصريون أن يسيرون عليها"، معربة عن أملها "في أن يحمي الله مصر والمصريين مما يتمناه لهم الأعداء بألا تقودهم الساحات والميادين إلى مواجهات بالأيدي والسلاح بدلا من الرأي والرأي الآخر، وأن يتمتعوا بالحياة الديمقراطية الحقة". في الشأن الفلسطيني، طالبت صحيفة (الوطن) بضرورة الإنجاز السريع لملف المصالحة الفلسطينية "ما سيعزز من قوة المفاوض الفلسطيني، في حال العودة قريبا إلى مائدة التفاوض مع إسرائيل تحت رعاية المنتظم الدولي والقوى الدولية المعنية بإنفاذ مسلسل التسوية السياسية السلمية، على أسس عادلة، يقبل بها الفلسطينيون أولا ويؤيدها العالم الحر بأسره معهم". وأوضحت الصحيفة أن "المشهد الفلسطيني الراهن تحتل فيه الأولوية تقوية المفاوض الفلسطيني في وجه التعنت الإسرائيلي المستمر منذ فترة ليست بالقصيرة"، مبرزة أن ذلك لن يأتي في ظل إعلان السلطة الفلسطينية بأنها تعلي من سقف التوقعات الإيجابية بإمكانية نجاح مهمة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الهادفة إلى استئناف مسيرة عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وفي لبنان، اهتمت الصحف أساسا بالأزمة السياسية المتمثلة في استمرار الجدل حول تمديد المجلس النيابي لنفسه، وعدم النجاح حتى الآن في تشكيل حكومة جديدة برئاسة رئيس الوزراء المكلف تمام سلام خلفا للحكومة المستقيلة التي يرأسها نجيب ميقاتي، ودور (حزب الله) في هذه الأزمة خاصة في الاشتباك الدامي بين الجيش وجماعة أحمد الأسير، إمام مسجد بلال بن رباح، في منطقة عبرا بمدينة صيدا (جنوب). فقالت (السفير) إنه "يختتم اليوم الشهر الثالث على تكليف تمام سلام تشكيل الحكومة الجديدة، وليس في الأفق ما يؤشر إلى إمكان وضع العجلة الحكومية على سكة التأليف، ومغادرة المراوحة على هذا المسار"، مضيفة أنه "على الخط المقابل، تتجه أزمة السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى مزيد من التعقيد، في ظل التصلب في الموقف بين الرئيس نبيه بري من جهة، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ومن خلفه (تيار المستقبل) وقوى 14 مارس (معارضة سابقة) من جهة ثانية حيال قانونية انعقاد جلسة المجلس النيابي". ورأت (المستقبل) أنه "لطالما تحجج (حزب الله) بمقولة إشكالية مفادها أن المقاومة ليست بحاجة إلى إجماع وطني، بغية الإبقاء على سلاحه خارج كل قيد، وفوق الجميع، وغير مطروح للنقاش، لكن ما يحدث اليوم، وما ينبغي أن يعيه هذا الحزب هو أن إجماعا وطنيا متعدد المستويات والأشكال آخذ في التشكل، ويعتبر أن السلاح غير الشرعي هو أزمة داخلية مستفحلة لا يمكن تجاوزها بالمكابرة عليها، وعلى الخوض فيه نقاشا ومطالبة باستعادة الدولة لمكانتها كمقرر لحال الحرب ولحال السلم وسيدة بحكم القانون على جميع الأراضي اللبنانية". وتابعت الصحف التونسية اهتمامها بتطور الأوضاع في مصر وتقييمها لزيارة الرئيس فرنسوا هولاند لتونس. فقد أبرزت كل من (الشروق) و(الصباح) و(الصريح) انقسام الطبقة السياسية التونسية في تقييمها لتطور الأوضاع في مصر وعلاقة ذلك بالمسار الانتقالي في تونس، وقالت إن جزء من المعارضة التونسية يرى أن عزل الرئيس محمد مرسي جاء تجسيدا لإرادة الشعب المصري، مقابل ذلك تعتبر العديد من الأحزاب في الأغلبية والمعارضة أن تدخل الجيش وعزل الرئيس المنتخب ديمقراطيا "يمثل تعد على الشرعية وانتكاسة للمسلسل الديمقراطي في هذا البلد"، مستبعدا في الآن ذاته تكرار السيناريو المصري في تونس. من جهة أخرى، قالت يومية (الشروق) بخصوص الزيارة الرسمية التي قام بها خلال اليومين الأخيرين لتونس الرئيس الفرنسي أن هذه الزيارة "تركت لدى الطبقة السياسية التونسية من أقصى يمينها إلى أقصى يسارها عدة رسائل ترمي إلى كسب ود جميع الأطراف". ورأت، في هذا السياق، أن تأكيد فرانسوا هولاند، في كلمته أمام نواب المجلس التأسيسي، على "إمكانية تلازم الإسلام والديمقراطية، نزل بردا وسلاما على الأطراف السياسية الإسلامية التونسية، ليستدرك موقفه (أي هولاند) من قضية اغتيال شكري بلعيد عبر تأكيد دعم فرنسا لجهود التحقيق في قضية اغتياله، لينتهي في الأخير إلى زيارة ضريح الزعيم النقابي فرحات حشاد، الذي تم اغتياله في الفترة الاستعمارية، مقدما اعتذاراته، بالتوازي مع إعلانه فتح أرشيف اغتياله ...". في ذات السياق، كتبت جريدة (الصحافة)، في افتتاحيتها، أن زيارة الرئيس الفرنسي جاءت لتؤكد "اهتمام بلدان الاتحاد الأوروبي بتجربة تونس وهي تقود ربيعا عربيا متعثرا في المنطقة، خاصة بعد انهيار نظام الإخوان المسلمين في مصر وما قد ينتج عنه من تداعيات، تونس ليست بالضرورة في منأى عنها". وبعد أن أشارت إلى أن تونس تحولت خلال الفترة الأخيرة إلى "وجهة تستقطب اهتمام الفاعلين السياسيين الأوروبيين والأمريكيين يراقبون أول تجربة ديمقراطية في المنطقة العربية ويختبرون من خلالها مدى نجاح الإسلاميين في إدارة شؤون البلاد في إطار مناخ من الديمقراطية واحترام الحريات وحقوق الإنسان"، اعتبرت أن تجربة تونس تبدو اليوم بالنسبة للرأي العام العالمي "مخبرا لمدى التزام الإسلاميين واستيعابهم لقيم مدنية الدولة وديمقراطية المجتمع وحق الاختلاف". وخلصت إلى أن كل ذلك يستوجب من الحكومة التونسية أن "تعيد رسم خارطة علاقات تونس الدبلوماسية بما يعزز صورة البلاد على المستوى الإقليمي والدولي". وفي الجزائر، اهتمت الصحف بتخليد العيد الوطني للبلاد في غياب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لأول مرة منذ استقلال البلاد. وأبرزت جريدة (الوطن) أنه لأول مرة منذ الاستقلال يغيب رئيس الجمهورية عن حفل ترقية ضباط الجيش الذي يجري في 4 يوليوز سنويا بوزارة الدفاع الوطني والتي تدخل حصريا ضمن اختصاصات رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة. وأضافت الصحيفة أن قائد الأركان أحمد قايد صلاح سيترأس الحفل الذي لا يكتسي فقط طابعا بروتوكوليا وإنما يعد لحظة التأكيد مجددا على السيادة الوطنية المتمثلة في رئيس الجمهورية. وبالمقابل، أشار كاتب المقابل إلى أن "أزيد من نصف قرن على الاستقلال لم تسفر اليوم سوى عن نظام حكامة يقوم على الارتجالية والاستغلال وأحيانا التدليس كما شهدنا مؤخرا بخصوص الحالة الصحية للرئيس". من جانبها، أبرزت (مون جورنال) أن الرئيس بوتفليقة يظل "الغائب الأكبر" عن تخليد ذكرى الاستقلال. أما (ليكسبريسون) فقدمت صورة "قاتمة" عن الإنجازات بمناسبة ذكرى الاستقلال وأكدت بعد 51 سنة من الاستقلال "ربما قد آن الأوان لفهم لماذا لا شيء كليا أو تقريبا يتغير عندنا وحان الوقت أيضا للتساؤل بشأن أفضل طريقة لتسيير البلاد".