يواجه الرئيس المصري المؤقت، عدلي منصور، الذي تولى رسميا اليوم إدارة المرحلة الانتقالية، وحكومته الجديدة المنتظر تشكيلها، تحديات كبرى متمثلة في عدد من القضايا الداخلية، التي تتطلب حلول عاجلة، وحاسمة، تجنباً لسيناريو "عدم إرضاء الشعب الثائر"، الذي ساد طيلة العامين ونصف الماضيين، سواء في عهد الفترة الانتقالية التي أعقبت مباشرة ثورة يناير 2011، او في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي. وعدم تلبية احتياجات رجل الشارع سواء على المستوى الأمني أو الاقتصادي لعب دوراً قويا في حشد التظاهرات المناوئة لنظام الرئيس المعزول محمد مرسي بشكل كبير وهو ما يفرض على الرئيس الانتقالي وحكومته تحديد المهام التي ستكون عليها البلاد خلال الفترة الانتقالية وأهم الملفات المطروحة والتي يجمع خبراء على أنها تنحصر في 4 ملفات رئيسية: الأمن والاقتصاد، والمصالحة الوطنية بين كافة القوى السياسية، واستيعاب شباب الثورة من خلال دمجهم في مؤسسات الدولة. طارق فهمي استاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية اعتبر أن "هناك سلسلة من التحديات المباشرة أمام الرئيس الانتقالي، لكنها ستتوقف على تحديد مهامه، وكذلك السياسات العامة لرئيس الحكومة الجديدة، الذي بدوره سيضع إطار لأهم الملفات التي تمثل حاجة لدى المواطنين، وهو ما يعني ضرورة أن تخضع الحكومة ومهامها وعناصرها وبرنامجها للنقاش بين مختلف القوى السياسية حتى يتحملوا مسؤوليتهم كاملة". وأضاف فهمي "العبء سيكون على الحكومة الجديدة، خاصة أنها ستنطلق نحو أداء دورها في ظل وجود رئيس مؤقت صلاحياته ستكون محدودة". والملفات التي تشكل أولوية لدى المواطن المصري في هذه المرحلة، بحسب فهمي "الملف الأمني، والملف الاقتصادي، وملف المصالحة الوطنية الذي سيشمل ترميم العلاقات على المستوى الداخلي بين القوى السياسية المختلفة دون إبعاد أو إقصاء أي من التيارات السياسية، والملف الأخير هو محاولة استيعاب قوى الثورة في منظومة عمل تستوعب قدراتهم وطاقتهم". متفقاً معه قال محمود عبد الظاهر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان للأناضول إن "القضايا الحياتية تبقى الأهم في برنامج الحكومة الجديدة، ولأي نظام من المفترض أنه جاء بعد النظام البائد لحسني مبارك، لذا كان عدم الالتفات إلى هذه القضايا كان من أهم الأسباب التي أدت إلى سيناريو إقصاء الرئيس مرسي". عبد الظاهر حدد الملفات الرئيسية بقوله "استعادة الأمن بشكل نهائي لمواجهة الانفلات الأمني الذي عانى منه المصريون الفترة الماضية، وملفي الاقتصاد والاستثمار للنهوض بحياة الإنسان البسيط، وأخيراً استعادة ما سماه "باللحمة الاجتماعية" بين كافة التارات، وتحديداً جذب شباب الإسلاميين للعمل المجتمعي". غير أن أحمد البرعي، المتحدث باسم جبهة الإنقاذ الوطني (التي تشكل قوى المعارضة الرئيسية) رأى أن ما سيشكل أولوية لدى الرئيس الجديد وحكومته ملفات العدالة الاجتماعية، حيث أنها تشكل الجزء الأكبر من مشاكل المصريين الذي خرجوا إلى الشوارع للتظاهر ضد عدم الالتفات لهم. البرعي أوضح للأناضول إن "أهم ملف يواجه الرئيس المؤقت وحكومته هو ملف العدالة الاجتماعية بكل ما يتعلق به من قضايا رئيسية مثل الحد الأدنى للأجور والمعاشات والاهتمام بالتأمين الصحي". ويعد تشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة هشام قنديل الذي عينه مرسي، في أغسطس الماضي، أحد أبرز المهام التي تنتظر الرئيس المؤقت عدلي منصور، خاصة بعد موجات الهجوم الواسعة من قوى المعارضة على الحكومات المتعاقبة منذ ثورة 25 يناير (كانون ثان) 2011. وجاء في بيان قيادة الجيش المصري مساء الأربعاء الذي أعلن فيه وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي عزل مرسي، وتولي رئيس المحكمة الدستورية عدلي منصور رئاسة البلاد مؤقتا لإدارة المرحلة الانتقالية، أن من ملامح هذه المرحلة "تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية". عبد الغفار شكر القيادي رئيس حزب التحالف الشعبي، أحد مكونات جبهة الانقاذ قال في تصريحات سابقة للأناضول إن "الجبهة تصر على أن تكون الحكومة الجديدة من الكفاءات القادرة على التعامل مع ملفات ثلاثة رئيسية، وهي: الأمن والاقتصاد والعدالة الاجتماعية". وحول أبرز الأسماء المرشحة لتولي هذه الحكومة، قال شكر "يجب أن تكون تلك الشخصية ذات مصداقية ومخلصة للثورة، ولديها من الكفاءة ما يؤهلها لتولي هذا المنصب، ونحن لدينا شخصيات كثيرة في الجبهة منها، محمد البرادعي، ومحمد غنيم الجراح العالمي ومنسق جبهة الإنقاذ بالدقهلية (شمال)، وفاروق العقدة، محافظ البنك المركزي السابق، وحسام عيسى، أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس".