نزل قرار إمهال رئيس جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة الشيخ محمد عبد الرحمان المغراوي إلى يوم الجمعة 28 يونيو الجاري لإغلاق جميع دور القرآن التابعة لجمعيته، كالصاعقة على الشيخ السلفي المعروف، حيث بدا كأن هذا القرار يستهدف أساسا رأسماله الدعوي، ويرمي إلى "التصفية" الكاملة لبضاعته، تماما عندما يضطر التاجر أحيانا إلى إشهار إعلان بتصفية سلعه كلها LIQUIDATION TOTALE الذريعة التي قدمها مندوب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بجهة مراكش تانسيفت الحوز، في رسالته إلى المغراوي، لم تقنع أحدا من سلفيي مراكش وغيرهم، ولا أحدا من طلبة وخريجي دور القرآن المنتشرة في بعض مدن البلاد، حيث استقبلوا القرار بكثير من الدهشة، وغير قليل من التساؤلات الهامسة حول خلفيات وبواعث القرار. حماد القباج، المنسق العام لجمعيات دور القرآن بالمغرب، صرح قبل أيام قليلة بأنه "لا يحب الخوض بغير علم في التفسيرات التي يقدمها البعض من قبيل: أن هذا الأمر تحركه جهة معينة لها نفوذ، ولها قصد سيء في إجهاض عملية الإصلاح التي انطلقت في المغرب مع دستور جديد، وإرادة ملكية وشعبية لمحاصرة الفساد، ورفع راية الإصلاح". هذه الرؤية يتقاسمها مع القباج عدد من سلفيي مراكش خاصة، حيث يتساءلون عن بواعث قرار إغلاق دور القرآن، وعن التوقيت الذي جاء فيه قبيل شهر رمضان الكريم، وهل هو توقيت بريء تماما، لكن دون أن يجزموا بشيء محدد، فالأمل ما يزال يعتريهم جميعا في "تراجع" الواقفين وراء هذا القرار المفاجئ لهم. وللبحث عن الدوافع الخفية عاد بعض الذين لهم ذاكرة "طويلة" إلى أسابيع خلت عندما راج في منابر إعلامية بأن "وزارة الداخلية غضبت من الشيخ المغراوي، لأن المنسق العام لجمعيات دور القرآن شارك في ندوة نظمها مركز تابع للسلفية الجهادية، ويشرف عليه عضو بالجماعة الإسلامية المقاتلة المغربية". و لا يجد مسؤولو وطلبة دور القرآن أية مسوغات منطقية في التبرير الذي قدمه مندوب الأوقاف في مراسلته للمغراوي، حيث أورد بأنها "لا تخضع للقوانين الجاري بها العمل داخل مدارس التعليم العتيق"، فالجمعية يقول المغراوي في بيانه "ليست للتعليم العتيق، وإنما "مقرات إدارية للجمعية"، وبالتالي فالقانون المغربي يتيح لجمعيات المجتمع المدني التمتع بالحرية والاستقلالية عن وصاية أي قطاع حكومي. رد جمعية المغراوي رأى فيه كثيرون بأنه يحمل في ثناياه جرعة قانونية واضحة لا تخطئها العين، و"جرأة" في الرد لا تنكرها اللحظة، ربما بدافع من النَّفس الإصلاحي الذي يسود البلاد في رأس سلفيي التيار "المغراوي"، اعتمادا على "الدستور الجديد الذي منح مكتسبات هامة للمجتمع المدني وفضائه الجمعوي"، بيْد أنها جرأة تبقى محسوبة بحسابها ومقدرة بقدرها.