دعا مسؤولون في الأممالمتحدة، اليوم الأحد، إلى البدء ب"عملية سياسية حقيقية" تهدف إلى ضمان إعادة إعمار قطاع غزة على المدى الطويل، محذرين من مزيد من الدمار بعد التصعيد بين إسرائيل والفصائل المسلحة في القطاع الذي استمر 11 يوما. وفي وقت تطلع فيه السلطات على حجم الأضرار، وبينما شرع السكان في تفقد منازلهم ومتاجرهم، زار وفد أممي رفيع المستوى القطاع بعد اتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين دخل حيز التنفيذ فجر الجمعة. وخاضت إسرائيل والفصائل المسلحة في قطاع غزة، الذي يقطنه نحو مليوني نسمة، أربع حروب في 2008 و2012 و2014، و2021. وقال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، لوكالة فرانس برس، إن إعادة إعمار غزة يجب أن تصاحبها جهود طويلة الأمد لتجنب جولة جديدة من إراقة الدماء. وأكد لازاريني أن إعادة الإعمار يجب أن ترافقها "بيئة سياسية مختلفة"، وأضاف: "نحن بحاجة إلى التركيز بشكل جاد وحقيقي على التنمية البشرية والوصول المناسب إلى التعليم والوظائف وإلى سبل العيش"، لكنه رأى أن ذلك يجب "أن يكون مصحوبا بعملية سياسية حقيقية". وفي لقائه مع صحافيين، قال لازاريني إنه "محبط بحق"، وحسب المفوض العام فإن "المعاناة في غزة تزداد بشكل مطرد بسبب عدم معالجة الأسباب الحقيقية للنزاع من جذورها". التقاط الأنفاس تسبب القصف المدفعي والجوي الإسرائيلي على قطاع غزة في استشهاد 248 شخصا، بينهم 66 طفلا، وإصابة 1900 شخص؛ وذلك بحسب ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، بالإضافة إلى تشريد الآلاف وإلحاق أضرار في مباني القطاع الفقير والمحاصر من قبل الدولة العبرية منذ نحو 15 عاما. على الجانب الإسرائيلي، أكدت خدمة الطوارئ مقتل 12 شخصا، بينهم طفل وشابة عربية إسرائيلية وجندي إسرائيلي وشخص هندي وتايلانديان، في حين أصيب نحو 357 بجروح مختلفة. ويعتبر عدد الضحايا في قطاع غزة مثار جدل، خصوصا في ما يتعلق بعدد المدنيين، بينما تقول لين هاستينغز، من وكالة الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إن القصف الشديد قد خلف أضرارا جسيمة على الصحة النفسية للسكان بجانب الأضرار المادية. وعن الحرب الأخيرة في العام 2014، قالت هاستينغز: "سنة 2014 كانت لدينا فترات راحة لأسباب إنسانية، تمكن الناس من الخروج والوصول إلى المتاجر وشعروا بالأمان مرة أخرى"، وأكدت للصحافيين: "نتحدث عن حجم الصدمات التي تعرضوا لها هذه المرة وبدون توقف أو التقاط للأنفاس". وأضافت هاستينغز: "لم أسمع من الناس أنهم يسعون إلى الحصول على مياه، حتى من أولئك ال800 ألف الذين ليس لديهم مياه نظيفة"، وأشارت إلى أن "الناس يتحدثون عن التأثير على حياتهم العامة وكيف سيتعافون من كل هذا". وبحسب مراسل فرانس برس، بدأت السلطات في قطاع غزة توزيع الخيام والأغطية. وقالت "أوتشا" إن ستة آلاف شخص على الأقل أصبحوا بلا مأوى بسبب القصف. وبعد أن أعادت إسرائيل فتح معبر كرم أبو سالم، أول أمس الجمعة، دخلت قوافل شاحنات تحمل أدوية وأغذية ووقودا، وهي مواد أساسية يحتاج إليها أهالي القطاع. وقال الصندوق المركزي للإغاثة في حالات الطوارئ، التابع للأمم المتحدة، إنه خصص 18,5 مليون دولار للجهود الإنسانية. ولقي اتفاق وقف إطلاق النار ترحيبا دوليا، ودعا مجلس الأمن الدولي، أمس السبت، إلى "الالتزام الكامل" به. وتعهد الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة، بالمساعدة في تنظيم جهود إعادة إعمار غزة، وقال إن إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل هو "الحل الوحيد" للنزاع، وأضاف بايدن: "ما زلنا بحاجة إلى حل الدولتين". وتعثرت محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية منذ العام 2014، حتى تلك المتعلقة بالقضايا الرئيسية المتنازع عليها المرتبطة بوضع القدس الشرقية المحتلة والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربيةالمحتلة. استمرار التوتر اندلع التصعيد الأخير بعد إطلاق حماس صواريخ في اتجاه الدولة العبرية تضامنا مع الفلسطينيين الذين كانوا يخوضون منذ أيام مواجهات مع الإسرائيليين في القدس الشرقية وباحات المسجد الأقصى الذي يعتبر ثالث الأماكن الدينية قداسة عند المسلمين، ما تسبب في إصابة أكثر من 900 منهم بجروح. وجاءت تلك المواجهات على خلفية التهديد بطرد عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح لصالح مستوطنين يهود. والأحد نظمت مجموعة من اليهود، بينهم مستوطنون، جولات في باحات المسجد بعد انقطاع استمر نحو ثلاثة أسابيع منذ العشر الأواخر من شهر رمضان، وبحسب مكتب العلاقات العامة التابع لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، فقد اقتحم 253 مستوطنا المسجد. وأكد مكتب الأوقاف اعتقال ثلاثة من موظفيه من جانب الشرطة الإسرائيلية، في حين قالت الشرطة إنها اعتقلت شخصين، ومن جهته حذر الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، من "العودة إلى مربع التصعيد والتوتر". وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية "استمرار اقتحام قوات الاحتلال وشرطته والمستوطنين المتطرفين باحات المسجد الأقصى". ووقعت صدامات جديدة، الجمعة، بين المصلين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في باحة المسجد الأقصى في القدس الشرقية التي تحتلها الدولة العبرية منذ 1967، أسفرت عن 21 إصابة، وفق ما أكدت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.