لم يكن قرار دخول الشقيقتين في حرب الرمال سنة 1963 موقفا صائبا من الطرفين ولم يكن النصر المغربي آنذاك بالنصر المبين لأسباب معروفة للكل ، أولها حمل السلاح على الأخ فحتى إذا ربحت النزال فلن تحس بطعم الانتصار لأن الضمير الآثم سيضل يذكرك بطلقاتك في صدر أخوك العربي المسلم ، وثانيا لأنه رغم تحقيق الجيش المغربي للنجاح كان الأمر بمثابة الخنجر المغروس في صدر أناس لا يفقهون . جيدا في لعبة الدبلوماسية وتقسيم الخيرات بالتي هي أحسن لأنهم أهل سلاح وأهل الحكم بالجزائر من العسكر ليسوا بأصحاب عواطف رقيقة ومشاعر إنسانية نبيلة وهذا ما وقع فعلا . وهاهي السنوات تمر ولازالت الأحقاد الدفينة متغلغلة في النفوس ولازال قادة العسكر الجزائري والمتحكمون في مصير منطقة ككل يتذكرون الهزيمة كما لو أنها البارح ، ولازالت مقولة بنبلة الشهيرة " حكرونا " ترن في آذان الجيل القديم الذي للأسف يتمتع بحشو الأبناء والأحفاد بخرافات تاريخية لا أساس لها من الصحة وحقد أسود لن يزيد الطين إلا بلة... وتسير قافلة البلدين ببطء رغم توفر كل المقومات الأساسية لنكون دولا متوسطة إن لم نقل متقدمة أو على الأقل غنية كدول الخليج العربي...فالجزائر الحبيبة أنعم عيها الله بالغاز والبترول وكل ما يمكن أن يتصوره العقل من خيرات والمغرب به من المقومات ما يجعله الدولة الأولى بالمنطقة إلا أن الصراع الأسود بين البلدين هو سبب تأخرهما وزرع الألغام المتبادلة لتشتيت البيت الداخلي وخلق التوتر الوطني للقضاء على تفكير خارجي صائب هو سبب المصيبة. لقد قالها بومدين ذات يوم وهو الرجل الذي هزم في حرب الرمال وأشبع بأفكار ناصرية جعلته يحلم بأن يصبح عبد ناصر المغرب العربي والرئيس الذي تهتف به الشعوب بمنطقتنا ...إلا أنه لم يفلح في شيء غير تكريس العداء بشكل كبير ورسم صورة ليست بصورة المغرب لقد قالها بالفم المليان وبدون خجل عندما كان يحدث عن الثأر من المغرب :" وضع حجرة صغيرة في الحداء المغربي " لم يكن الرجل يفهم مضمون هذا الكلام جيدا ولم يكن يعلم أن المغرب في عهد محمد السادس سيهزم الأطماع الجزائرية التي خطط لها على مراحل ليعلن جلالته الحكم الذاتي للصحراويين مما سيؤدي إلى القضاء على الأطماع المباشرة للجزائر وتوجيه الصراع نحو انفصاليي تندوف مباشرة واعتبارهم المفاوض الأول مما سيؤدي إلى انقسام شاسع في موقف سادة تندوف بين المرحب والرافض فرفاق عبد العزيز المراكشي ممن يتمتعون في صحراء الجزائر بالولائم والسيارات 4×4 والحريم من اللاعبات على حبل السياسة والسادة الذين يضعون بأرصدتهم بالخارج ملايير الدولارات ويتمتعون بممارسة لعبة الحكم وخلل العقل العربي في الأمر والنهي بجلوسهم فوق كراسي الحكم هناك وتمتعهم بجلد المغاربة بتندوف لم يقبلوا الحكم الذاتي بطبيعة الحال لأنهم يسيرون من طرف مخابرات جزائرية خبرت جيدا كيفية التعامل مع نخوة عرب الصحراء وعزة نفسهم وأيضا وقت وموعد الإطاحة بهم وبهدوء . أما من يوافق على الحكم الذاتي هناك فهم من علية القوم التي تعرف كتاب الله جيدا ويؤنبها ضميرها لخيانة أمة وكل سكان تيندوف من البسطاء فقد ورد في العديد من التقارير التي أعدتها منظمات حقوقية وهيئات صحية أن أهل الصحراء مغاربة ساخطون على عيشة العفن هناك ورافضون للعيش على فتات السادة وأحكام المخابرات. الأكيد أنه لن يحل المشكل بين المغرب والجزائر إلا بموت مخططي حرب الرمال والجنرالات اللذين لازالوا يشعرون بالهزيمة رغم مرور مدة كبيرة من الزمن ....والأكيد أيضا أن الشارع المغربي والجزائري له من القابلة والترابط والانصهار الآن أكتر من أي وقت مضى لسبب بسيط وهو فهم مبادئ الشريعة بشكل جيد وتفنيده للأطروحات الفاشلة التي درست له لحشوه بحقد فارغ لن يساهم إلا في تدميرنا وجعلنا دائما شعوب المؤخرة . وتبقى حرب الرمال مكمن الخلل وأهم الأسباب لقيام صراع من بين أخطر النزاعات على وجه الكرة الأرضية ...خلف أكبر العداوات بالعالم المعاصر نتيجة للخسائر البشرية والمادية المهدرة بالصحراء من الطرفين ونتيجة لبناء فكر عدواني ليس من الصعب تغييره مادام مخططوه على قيد الحياة يستنزفون خيرات الجزائريين ويعطون الأوامر لقصر الرئاسة الجزائرية الذي لم يعرف مند الاستقلال إلا الرؤساء المحجور عليهم. المصطفى اسعد كاتب وباحث متخصص بالإعلام الإلكتروني وقضية الصحراء المغربية مدير عام موقع عالم برس الإخباري ""