رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للاتحاد الإفريقي: رئاسة المغرب تميزت بإنجازات "غير مسبوقة"    تأجيل محاكمة برلماني سابق و15 متهما في قضية تفويت أراض سلالية بمراكش    العدالة والتنمية يطالب بالتحقيق في مشاركة رجال السلطة في توزيع مساعدات "جود"    بنك المغرب: رصيد المغرب من العملة الصعبة يبلغ 368 مليار درهم    القصر الكبير : انهيار منزل يُصيب سيدة وابنها ويُثير مخاوف السكان    العدالة والتنمية يدعو لاحترام القانون والشفافية في عمليات الهدم بالرباط وسلا    وزيرة الاقتصاد تكشف آليات استفادة الخواص من صندوق المقاصة    تساؤلات حول تصريحات عمدة الرباط بشأن هدم مباني حي المحيط    أعاصير "مدمرة" تضرب ولايات أميركية    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال 25).. فريق الجيش الملكي يفوز على ضيفه المغرب الفاسي (3-1)    البولندي مارشينياك حكم ديربي مدريد يكسر صمته بشأن لقطة ألفاريز    تصفيات مونديال 2026: نيمار يغادر معسكر المنتخب البرازيلي بسبب الإصابة    دوري الأمم الأوروبية: كورتوا يعود لتشكيلة المنتخب البلجيكي    صحيفة 'إل كونفيدينسيال' تبرز دور المغرب في نشر إسلام معتدل ووسطي    وزارة الانتقال الطاقي: ميزانية الاستثمار الحالي في الطاقات المتجددة تبلغ 20 مليار درهم    وزير الداخلية الفرنسي: النظام الجزائري لا يحترم شعبه ويتجاهل معاناته    إدارة السجون: "الشباكية" سليمة عكس ما يروج له    مْسِيحْ المْوس: حين يصبح الضحك على الذقون سياسة رسمية !    مؤسسة لالة زهرة اليملاحي للتنمية العادلة وإحياء الثرات بالعرائش تنظم رمضانيات ليكسوس لإحياء الثرات    أبرز المعارك الإسلامية.. غزوة "بني قينقاع" حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة    انخفاض جديد في أسعار المحروقات بالمغرب ابتداء من السبت    الاستثمارات الإشهارية تناهز 452 مليون درهم خلال الأيام العشرة الأولى من رمضان    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    الولايات المتحدة تطرد سفير جنوب إفريقيا لأنه "يكره" ترامب    المغرب والعراق يعززان التعاون الدبلوماسي بإعفاء متبادل من التأشيرات    "عبق التراث" يميز وثائقيات "الأولى"    كيوسك السبت | نداء لعودة الأطفال المحتجزين لدى الجماعات المسلحة لأوطانهم    هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة: صافي الأصول يتجاوز 723 مليار درهم    الاتحاد الأوروبي يفرض رسوما على صادرات المغرب من إطارات السيارات    مركز يستنكر توقيف عملية جراحية    صهيوني مجرم "بيدوفيلي" .. هارب من العدالة الإسرائيلية يعيش بحرية في أكادير منذ عام 2006    واشنطن تطرد سفير جنوب إفريقيا    "كلية وجدة" تحتفي بذاكرة أساتذة    أندية إنجليزية تخطب ود بوعدي    الركراكي : المواجهتان القادمتان لن تكونا سهلتين … ويعطي إشارات للاعب سيكون المميز عالميا … !    استياء عارم من إغلاق المسبح المغطى بالجديدة عارم من إغلاق المسبح المغطى بالجديدة    مستشفى القرب بميضار يعاني شللاً شبه كامل بسبب تسرب مياه الأمطار    أزمة في المستشفى الجديد بتنغير    بيكيه ينهمر في البكاء أمام المحكمة … !    وكالة بيت مال القدس تواصل توزيع "قفة رمضان" بالمدينة المقدسة    الغذاء المتوازن و صحة القلب في رمضان !!    وسائل إعلام: ترامب يعين ديوك بوكان سفيرا في المغرب تكريسا لدبلوماسية "البزنس أولا"    "التوظيف الأخلاقي للذكاء الاصطناعي: بين الفرص والتحديات في ندوة فكرية بطنجة"    عامل سيدي إفني يحذر رؤساء الجماعات من استغلال وسائل الجماعة لأغراض سياسية    بالصدى .. الثقة والزئبق    عرقلة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بسبب ارتفاع الأسعار وترويج المواد الغذائية الفاسدة    فرنسا تعلن استيراد الحصبة من المغرب    طنجة: توقيف شخص متورط في حادثة سير عمدية مع الفرار    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    جماعة العرائش تنظم الدورة الأولى من رمضانيات السماع والمديح    الفرجة الرمضانية بين النقد السريع والنقد المدفوع    "ألف يوم ويوم".. سيمون بيتون تحكي الحاج إدمون عمران المليح    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    ماذا يحدث للجسم إذا لم يتناول الصائم وجبة السحور؟ أخصائية توضح    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوصوف: حكومة سانشيز وخدعة "ثلاث ورقات" ضد المصالح المغربية
نشر في هسبريس يوم 20 - 05 - 2021

اعتبر الدكتور عبد الله بوصوف، الخبير في العلوم الإنسانية، أن المغرب نجح في جعل ملف تهريب زعيم المرتزقة محورا ساخنا داخل الحكومة الإسبانية التي لم تستجمع قواها الشعبية بعد هزيمة مرشحيها في الانتخابات الجهوية في مدريد، وإعلان أحد أبرز رموزها بابالو إغليسياس، زعيم حزب بوديموس اليساري، عن استقالته السياسية "وهو ما قد يُهدد حكومة سانشيز".
وأكد بوصوف في مقال توصلت به هسبريس تحت عنوان "حكومة سانشيز وخدعة 'ثلاث ورقات' ضد المصالح المغربية" أن الضغط الإعلامي والسياسي عجل باستدعاء القضاء الإسباني لزعيم عصابة المرتزقة، للاستماع إليه في قضية تعذيب واختطاف، "ما سيجعل وزيرة الخارجية الإسبانية في حرج شديد مع المعارضة ومع الإعلام الإسباني".
وشدد الخبير المغربي على أنه بعد انكشاف لعبتها أمام العالم وسقوط ورقة التوت عن التحالف السري بين جنرالات الجزائر ويساريي إسبانيا، من المتوقع أن تعمل حكومة سانشيز على خلق جبهات وهمية للدفاع عن قراراتها أمام ضغط الرأي العام الإسباني والدولي.
إليكم نص المقال كما توصلت به هسبريس:
نعيش هذه الأيام معركة جديدة، ليس بمفهومها الكلاسيكي ولكن معركة متعددة الواجهات والآليات يشارك فيها الفاعل الاقتصادي والإعلامي والحقوقي والحزبي والمجتمع المدني، وحتى المواطن العادي. ومن الواجب الحسم في المواقف والاختيارات وليس الاختباء وراء خطابات شعبوية هدفها الحفاظ على مصالح شخصية أو فئوية ضيقةّ، لأن شعار المرحلة هو إما أن تكون مغربيا أو لا تكون.
وهي معركة تعتمد على الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي كأحد أهم الأدوات الأكثر تأثيرا في الرأي العام، وهو ما يعني ضرورة استعدادنا لتفكيك الأخبار الزائفة (الفايك نيوز) والتشهير والأخبار والصور المفبركة.
لقد نجح المغرب في جعل ملف تهريب زعيم المرتزقة محورا ساخنا داخل الحكومة الإسبانية التي لم تجمع قواها الشعبية بعد هزيمة مرشحيها في الانتخابات الجهوية في مدريد، وإعلان أحد أبرز رموزها، بابالو إغليسياس، زعيم حزب بوديموس اليساري، عن استقالته السياسية، وهو ما قد يُهدد حكومة سانشيز. كما انتقلت حرارة الملف إلى البرلمان الأوروبي. ولا بد أن يكون الضغط الإعلامي والسياسي عجل بتحديد القضاء الإسباني لاستدعاء زعيم عصابة المرتزقة للاستماع إليه في قضية تعذيب واختطاف، ما سيجعل وزيرة الخارجية الإسبانية في حرج شديد مع المعارضة ومع الإعلام الإسباني بسبب تصريحاتها السابقة حول إمكانية عودة "غالي" بعد استكمال استشفائه، وهي التصريحات التي تخرق مبدأ فصل السلطات وتعطل مرفقا عموميا، أي العدالة الإسبانية.
لكن المعركة الجديدة تجعلنا نستحضر أيضا أسباب نزولها وحسابات الربح والخسارة في مغامرة حكومة سانشيز باستضافته لمطلوب للعدالة الإسبانية من أجل جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والاعتقال التعسفي واغتصاب مواطنين إسبان! فماذا سيُعوض حكومة سانشيز عن خسارة "دولة إسبانيا" لجارها الجنوبي الذي تشترك معه التاريخ ومعادلات سياسية وأرقام مبادلات اقتصادية ومصالح إستراتيجية وأمنية قوية؟.
صحيح أن تاريخ العلاقات المغربية الإسبانية في العقدين الأخيرين عرف أحداثا قوية، كأزمة جزيرة ليلى سنة 2002. وقد ساهمت عدة عوامل في جعل إسبانيا في حالة قلق دائم وارتياب من المشاريع الكبرى التي دشنها المغرب، كميناء طنجة المتوسطي ومدينة محمد السادس طنجة تيك والمنطقة الصناعية بالشمال، وتقوية البنية التحتية بمدن الشمال المغربي. وعززت هذا القلق بعض الخطوات المغربية القانونية لحماية اقتصاده ومصالحه الإستراتيجية، مثل منع التهريب المعيشي القادم من المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، وما نتج عنه من شل للحياة الاقتصادية بهما؛ إلى جانب قيام المغرب بترسيم حدوده البحرية ومنطقة صناعية حرة حسب قانون البحار ومعاهدة مونيتغو باي (الجامايكا) دجنبر 1982؛ بالإضافة إلى ملف "تقنين الكيف" وما ينتظر أن يضخه من أرباح على خزينة الدولة.
من جانب آخر، يضطلع المغرب بدور محوري في الحفاظ على أمن وسلم المنطقة المتوسطية، جعل منه لاعبا أساسيا في مجال التعاون الأمني ومحاربة الإرهاب الدولي، وشريكا موثوقا يحظى بتقدير عالمي، لعل من مظاهره توشيح الدولة الإسبانية أمنيين ساميين مغاربة خلال سنوات 2014 و2019 تقديرا لمجهوداتهم في هذا المجال، واعترافا قويا بأهمية دور الأجهزة المغربية في المحافظة على السلم والأمن، ليس الإسباني فقط، بل الأوروبي.
فالمغرب من هذا المنطلق يعتبر حليفا إستراتيجيا لأوروبا، تربطه ببروكسيل في إطار وضعه المتقدم مع الاتحاد الأوروبي اتفاقيات في مجالات عديدة، من ضمنها محاربة الهجرة غير الشرعية ومحاربة الجريمة المنظمة والإرهاب الدولي والتعاون الأمني والاستخباراتي، إضافة إلى اتفاقيات في مجال الصيد البحري والفلاحة، وأخرى في مجال التعاون القضائي وفي المجال البيئي والحقوقي... وقد استفادت إسبانيا بحكم الجوار والمصالح المشتركة من مساحات تفضيلية عديدة، خاصة في مجال الصيد البحري والفلاحة والاستثمار، وكذا من مشاريع ضخمة جعلت منها شريكا اقتصاديا قويا للمملكة في معادلة التصدير والاستيراد.
إن رصد العديد من صور معادلات الربح والخسارة في مغامرة حكومة سانشيز، وخرقه قواعد اللعب النظيف ضد المصالح الإستراتيجية المغربية، يدفعنا إلى البحث عن تفكيك شفرات خدعة "ثلاث ورقات" التي تمارسها الحكومة الاشتراكية في علاقتها مع المغرب، والتي تعتمد على توجيه خاطئ يجعل من المشاهد يتتبع الورقة الخطأ.
باعتبارها بلدا مستعمرا للشمال وللصحراء المغربية تمتلك إسبانيا جزءا من أرشيف المنطقة وشواهد وحقائق تاريخية تؤكد مغربية الصحراء، تستغلها لكسب المزيد من المصالح أحيانا في ما يخص مستقبل سبتة ومليلية أو في ملف الحدود البحرية، خاصة قرب جزر الكناري، أو حتى في "توظيف" المغرب كدركي لحراسة السواحل الإسبانية من الهجرة غير الشرعية.
كما أن استقبال زعيم المرتزقة "غالي" بهوية مزورة لم يكن لأسباب إنسانية "بحتة" كما تقول الرواية الإسبانية الرسمية، بل لتحقيق أهداف إستراتيجية "بحتة"، لأن التسوية العاجلة لملف الصحراء المغربية لا تخدم المصالح الإستراتيجية الإسبانية، ما ظهر جليا من رد فعل مدريد تجاه قرار اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بمغربية الصحراء، الذي غير موازين القوى وأضعف أوراق الضغط التي تمتلكها إسبانيا. وكل هذا يؤكد أن استقبال إسبانيا لزعيم المرتزقة كان بتخطيط وترتيب وليس حالة استعجالية إنسانية كما قيل.
من جهة أخرى، فإن إسبانيا باستقبالها زعيم المرتزقة تحت يافطة "الدواعي الإنسانية" فهي ترد المصعد لجنرالات الجزائر الذين وضعوا كل براميل الغاز والبترول وشركة سونطراك Sonataci الحكومية، تحت تصرف شركة Repsol الإسبانية في ظل القوانين الجزائرية الجديدة للاستثمار في البتروكيماويات، أمام ما يشهده قطاع البترول بالجزائر من تراجع، سواء من حيث الاحتياطي أو من حيث العائدات، خاصة في ظل تراجع الأسعار وجائحة كورونا، وهي حقائق تضمنتها بعض الدراسات ك "Papera Oxford" حول واقع ومستقبل البترول والغاز بالجزائر.
إذن، نحن نميل إلى استعمال حكومة سانشيز ورقة زعيم المرتزقة "غالي" من أجل ضمان تدفق البترول والغاز الطبيعي الجزائري إلى إسبانيا عبر أنابيب مباشرة وليس عبر المغرب وعبر شركات بترول إسبانية؛ وتفاديا لأسعار غاز روسيا والنرويج، بعيدا عن كذبة "الأسباب الإنسانية"، التي أباحت بها حكومة سانشيز خرق مبدأ فصل السلط واستقلالها الدستوري.
الآن، وبعد أن انكشفت لعبتها أمام العالم وسقطت ورقة التوت عن التحالف السري بين جنرالات الجزائر ويساريي إسبانيا، من المتوقع أن تعمل حكومة سانشيز على خلق جبهات وهمية للدفاع عن قراراتها أمام ضغط الرأي العام الإسباني والدولي، مثل إقحام مدينتي سبتة ومليلية كحدود أوروبية وليست إسبانية لتضمن مساندة بروكسيل في ضغطها على المغرب في موضوع الهجرة غير القانونية. لكن الحكومة الاشتراكية بهذا التصرف تقدم هدية انتخابية ثمينة لحزب "فوكس" العنصري الذي سيتصدر المشهد السياسي بادعائه حماية السيادة الوطنية الاسبانية ومحاربته للهجرة، وهو ما سيفقد سانشيز العديد من الناخبين.
وفي السياق نفسه نتوقع أن ترفع بعض الجرائد الإسبانية المعروفة بعدائها للمغرب من وتيرة إنتاج الأخبار الزائفة بُغية تهريب النقاش إلى مساحات بعيدة عن عدالة قضية ضحايا زعيم البوليساريو، ومسؤوليته عن جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في مخيمات الاحتجاز بتندوف الجزائرية.
لكن هذه الإستراتيجية لا يمكن أن تعطي أكلها لأن التقادم لا يمتد إلى الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، ولنا في محاكمة "نونبرغ" وغيرها من محاكمات على خلفيات البوسنة والهرسك (يوغوسلافيا سابقا) أقوى دليل على أن مصير "غالي" اليوم سيحدده المرض أو القضاء الإسباني وليس سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، وعبد المجيد، رئيس الجزائر، وخلفهما شركتيْ "سوناطراك" و"ريبصول".
ولن تنطلي علينا لعبة الحكومة والإعلام الإسبانيين برسم حدود الملعب وتحديد طريقة اللعب وجرنا وراءه، فنحن أصحاب حق وسندافع عن مصالح المغرب الوطنية والترابية كدولة عريقة ذات سيادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.