دعوة لقراءة مختلفة لمشهد سياسي مفتوح على احتمالات النكوص هذه بعض من الرؤى والأفكار البكر التي نضجت بذهني ووعيي من منطلق قراءات للمشهد العام وصراع الإرادات الكامنة داخله، وقد انبعثت هكذا في عقلي بفعل تأمل هادئ وروية في التفكير وتوتر تفاعلت تناقضاته في كمون داخل كياني الشخصي، وبعضها اختلطت فيه تداعيات من جراء مناقشات بالجملة مع عديد من الرفقاء والأصدقاء حول كثير من الأطروحات والقضايا المتناثرة. لقد انقدحت في وعيي بنات أفكارها وقصدت تجميع شعثها حتى تصير قابلة للتداول العام وللاشتراك الجماعي في إعادة إنتاجها وتأملها مع الأصدقاء والقراء من جديد، وبالتالي قررت، في لمحة، التفكير الجاد في اقتراف الصدح بها وإذاعتها بين الناس من خلال ممارسة تمرين نقدي مع الذات والعموم، وأرجو من الجميع مساعدتي في تقديم الموقف وبناء الرأي وتدقيق الوجهة. في البدء: نداء للتسامي لا استعلاء ولا تحيز أو اصطفاف علينا أن ننزع عن أنفسنا ولو مؤقتا الحالة الحزبية التي نتحصن بها، والإيديولوجية المذهبية التي نتلبس بها والانحيازات التي تسكننا والتي قد تضيق عن حلمنا لنهضة الوطن برحابته، تحمل إلينا هذه الأيام، والأيام المقبلة، أحداثا كبيرة ومهمة، فبعد الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح العميق للدولة، وبعد الاستجابة الرسمية للطلب على التغيير ممثلا في إجراء كثير من التعديلات الدستورية لهندسة جديدة للسلطة مؤذنة بتدشين عهد جديد للملكية وتدشين تداول ديمقراطي على موارد السلطة، وبعد إجراء انتخابات تشريعية غير مطعون في صدقيتها السياسية والإقبال الكبير من جموع الشعب على المشاركة السياسية ومراقبة تدبير الشأن العام الذي تتصدى له الحكومة الانتقال بقيادة العدالة والتنمية، وفيما يشبه بداية التصالح مع السياسة والتطبيع معها ، وبعد الاتجاه إلى تأسيس قواعد جديدة للعمل العام. بعد كل ذلك، يتهيأ الوطن الآن إلى إجراء إصلاحات عميقة وحاسمة في جو موسوم بالتردد والانتظار السياسي الكبير في ما يشبه ردة ونكوصا غير معلنين، وهي خطوات على درجة كبيرة من الأهمية في هذه المرحلة التأسيسية من عمر الوطن. في هذه المرحلة بالذات، علينا جميعا بمختلف انتماءاتنا السياسية والفكرية وتحيزاتنا التنظيمية ومواقعنا أن نتفاهم ونتعاون ونقدر الأمور حق قدرها، وننزع عن أنفسنا، ولو مؤقتا، الحالة الحزبية والإيديولوجية التي قد تضيق عن حلمنا الكبير لنهضة الوطن الكبير مع الآمال العريضة المبسوطة والمطروحة على بساط جدول أعماله ووضعه في المكان الذي يليق به بين الأوطان التي أنجزت انتقالها وتقدمها ونهضتها. تابعت خلال الفترة الماضية حالة الحراك الفكري والسياسي التي سادت على ساحة العمل العام والسياسي منه بالخصوص، والتي تميزت بالجدل والنقاش العميق في كثير من الأحيان، والشارد في أحايين كثيرة، وهناك بعض النقاط أود أن أسجلها وأبسطها في هذا السياق: أولا: نضال مستمر ومرير من أجل تدشين دولة المجتمع والقطع مع مجتمع الدولة لا جدال حول الضرورة المصيرية لدمقرطة الدولة ومأسسة القرار داخلها وعقلنة تدبير الشأن العام والسياسات العمومية، بالنضال المرير والمثابر من أجل تدشين دولة الشعب دولة العقل الخادمة للمجتمع لا المتحكمة في مفاصيله، والتي نسعى الآن إلى تكوين ملامحها ووضع أسس بنائها، ولا بديل لنا عنها، وأحيانا لا أجد مبررا للتذكير بجملة معاني ترتبك بهذا الأفق الجامع والموحد لقوى الصف الوطني المستقلة والسيدة على قرارها، والجدال في جدية وجدوى هذا الأمر لن يفضي إلا إلى فتح أبواب الجدل السفسطائي الفارغ وتقديم منحة مجانية لهواة الثرثرة من قبل المتوترين من الدين وقيمه والذين يراهنون على خلق تناقضات على أساس الهوية ويتهمون المجتمع بالمحافظة الدينية والفكرية العاجزة عن التقدم والكابحة للانتقال، إذ كيف نقول ذلك متناسين أن الدستور المعطى بين أيدينا الآن سبق وأن حسم في أمور المرجعية الإسلامية وللدولة والمجتمع، وكذا إقرارا للاختيار الديمقراطي منهجا لبنائها وإعادة تركيب العلاقة بينها على قاعدة الشرعية والمشروعية السياسية، وذلك بالتنصيص على مصدر المرجعية ومركز الشرعية لصياغة القوانين ولبناء السياسات وتحديد وجهتها. وبعيدا عن منطق الإثارة المغرضة لكيفيات التعامل مع مواطن الحادة للخلافات الفكرية والسياسية بين القوى والتنظيمات حول قضايا المرجعية والهوية والدستور والتنزيل والتأويل، لنلتفت إلى الأهم في المرحلة، وهو تحصين الانتقال والتحول السياسي من كل تهديدات الردة والنكوص والتراجع المستحيل في المنطق الديمقراطي والتاريخي، فلعلنا جميعا نتجه إلى النقاش والحوار في التطبيقات العملية التي تحقق الإصلاح المطلوب وتنعش دينامية التغيير الأكيد والعميق الذي حبلت به المرحلة في قضايا ذات الأولوية والتي كانت مضمون الحراك السياسي والنضال الديمقراطي (قضايا التحرر والحرية، العدل الاجتماعي، التنمية، التعددية، احترام التعدد والاختلاف، وتمنيع الإرادة والوطنية والكيانية الجامعة للأمة.. فالمطلوب منا جميعا، كقوى ونخب ومجتمع، أن نبتعد عن الحديث في القضايا الثانوية والمعزولة والمغرقة في التدقيق والاستعراض والإثارة، لا مجال للأطروحات التي تهيج التناقضات الثانوية في ما لا مجال فيه للضرورة ولا أولوية دونه على مستوى الحاجة ولا رصيد مجتمعي لأجندته في الحركة المجتمعية العميقة، سواء كان ذلك من جانب الوقت أو من جانب الواقع. ثانيا: مسؤولياتنا أمام نداء التاريخ.. تمنيع البلد من قوى الردة الديمقراطية وحماية الانتقال من النكوص ودعوة لتحمل المسؤولية لا التحصن بالانعزال في ما يتعلق بقيادة الانتقال الديمقراطي الحقيقي في المرحلة والتقدم للمشاركة في تحمل مسؤولية تدبير دفة القرار العمومي على مستوى الحكم بناء على نتائج انتخابات 25 نونبر 2011 والتنصيب البرلماني على أساس برنامج الإصلاحات المقرر والمعلن والموثق على مستوى مكونات التحالف السياسي القائم، فقد قررت قوى التحالف مجتمعة في إبانه التفكير والتصدي الجاد لمهام إجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية العميقة التي تروم تحصين البلاد وإنجاح مخطط الإصلاح في إطار الاستقرار، وأرجو من الجميع المساعدة في تقديم الرأي في ذلك من خلال مسح شامل وجامع سيظهر مدى إمكانية إتمام رهانات هاته المرحلة واستحقاقاتها الحاسمة، فما يحدونا جميعا هو تحقيق النفع والصالح الذى يعم الوطن وأهله إن الذي حذا بنا للمسارعة إلى الإقدام على تحمل تبعة التغيير والانتقال الناجز والحقيقي أساسا هو الآمال الشعبية العريضة والطلب المجتمعي على التغيير والذي حملنا الى دفة الحكم بمحض إرادة وتفويض شعبيين حاسمين في تحديد اختياراتنا في المرحلة، وأتصور أن هنالك أوقاتا تدعوك فيها المصالح العليا للأمة والوطن لأن تتجرد وتتقدم لتحمل مسؤولية وأمانة لا محيص عن تحملها والقيام بها والوفاء لالتزاماتها وإرغاماتها، فالبلاد تم تجريفها سياسيا على مدار عقود طويلة وتم إخلاؤها من التيارات الفكرية الغالبة وذات الانغراس الشعبي والتنظيمات السياسية عميقة الكبيرة التأثير التي تستطيع تحمل مسئولية تدبير الحكم مستندة إلى رصيد شعبي ضخم وتمثيلية مقدرة مجتمعيا على قاعدة الشرعية السياسية لتقوم بمسؤوليات ومهام التأطير السياسي والتمثيل الديمقراطي وممارسة السلطة المحددة الصلاحيات والاختصاصات، ولا ننكر أن البلاد كانت في حاجة إلى قيادة سياسية قوية يقف خلفها تيار شعبي عريض وكبير يعضدها في القيام بمسؤولية الحكم الصالح الرشيد . وما حكومة الانتقال الديمقراطي الحقيق بقيادة العدالة والتنمية والصعوبات التي تعترضها إلا خير مؤشر على ذلك وخير مستجيب لتلك الحاجة، وهي بذلك من خلال قادتها تتحمل مسؤولية الدمقرطة العميقة للدولة والتصدي للقيام بتطوير نموذج التنمية وإطلاق مسلسل النهوض المجتمعي الشامل، وإن شاء الله سيتيح مناخ الحرية المجال لكل التيارات الفكرية والسياسية للانطلاق والتواصل مع قواعد المجتمع بغية الوصول إلى هذه الحالة التي افتقدها ويفتقدها الوطن الآن، لكن واقع الحال يقول إن التيار الوطني الديمقراطي الإسلامي الوسطي المعتدل هو التيار الأساسي الجامع الذى تتوفر فيه حاليا هذه الحالة من الانبعاث والواقعية والانطلاق للفعل والإنجاز المباشر لأهداف الحراك الديمقراطي. واستنادا إلى قاعدة (واجب الوقت)، فإننا نجد أنفسنا أمام تساؤل مهم: لماذا لا يتقدم أبناء هذا التيار الأساسي الجامع الأصيل لتحمل المسئولية في هذا الوقت الحرج بالذات؟ يتقدمون ونصب أعينهم أهداف بذاتها يرجى تحقيقها: نهضة سياسية ديمقراطية تحول الدولة إلى مستوى أكثر شرعية وقربا وتعبيرا عن المجتمع، ونهضة اقتصادية شاملة، ونهضة تعليمية شاملة، ونهضة ثقافية وأخلاقية واسعة، ونهضة عمرانية بطول البلاد وعرضها. حديثي هنا موجه إلى بعض القوى والتنظيمات التي تنتظر اكتمال الشروط من تلقائها بدون فعل تاريخي سياسي على الأرض وفاء لأطروحات التغيير ونداءات النقد الذاتي، إنني لا أرى مبررا للتمترس حول مقولات جاهزة بعينها تكرس الانتظارية السياسية، والتشبث بها كأنها نصوص مقدسة ومحنطة في الماضي والجمود عند اجتهادات سالفة وسكونية رتيبة ربما تبدلت الشروط السياسية التي كانت تبرر التحصن خلفها، لذلك من المهم أن تستوعب تلك القوى الحركية والأطراف السياسية التي لا تزال تعيش على هامش الفعل السياسي وتنزاح بعيدا عن منطق المرحلة ورهاناتها وأسئلتها، من المهم أن تستوعب منطق الأمر الواقع وتستمع لنبض الشعب ومنطق التاريخ والمرحلة ولا تكون أسرى لمقولات لفظية صلتها بالواقع ضعيفة إن لم أقل مهزوزة، الأهم من ذلك هو رؤية المصلحة العليا للوطن والناس والاستجابة الفورية لها، ولنتذكر كلمة قالها بعض الحكماء: أن قومنا أحب إلينا من أنفسنا. إنني أدعو إلى أن يتم كل ذلك تحت مظلة دستورية متينة تحدد الواجبات والحقوق للحاكم والمحكوم على السواء ودستور 01 يوليوز 2011 يتيح بعضا من تلك الآمال ويفتح ذلك الأفق، نعم مطلوب تغييره وتعديل العمل بمنطقه ولكن الفرق أنني أدعو لذلك من داخل منطق التراكم لا القطيعة والإنجاز الفعلي لا الاتهام العاجز والمنسحب والمنعزل، أدعو أن يتم كل ذلك وفق عملية ديمقراطية صحيحة ذات مصداقية وجب تحصينها وتمنيعها، أن يتم كل ذلك تحت ضمانة الشعب ورعايته كمصدر للسلطة والسيادة والتعبير عن الارادة العامة للأمة، وبالطبع حفاظا على الأدوار الرمزية والضمانية والتحكيمية للمؤسسة الملكية وفق النمط البرلماني الذي يبني في الأرض ولا يمنح أو يعطي هكذا مكتملا ناجزا. المسألة في العمق إذن تتعلق بالمصالح العليا للوطن ومدى تصورنا لها وتمثلنا لأبعادها، القضية تتعلق بمستقبل شعبنا وأبنائنا وأجيالنا، ولا أبالغ إذا قلت تتعلق بمستقبل الأمة كلها لأننا سنعطي النموذج والمثال لا محالة بإذن الله، فالمغرب الناهض كبلد وأمة وشعب وقوى هي قاطرة النهضة لكل الديمقراطيين الوطنيين من أبناء هذه المنطقة، وهذه حقيقة من حقائق التاريخ المغربي فهو دلالة الحكمة والحضور المؤثر والموحي بالاحتذاء. الأمر هنا لا يتعلق بالمصداقية فقط، بل وأيضا بالاستحقاق، وهذا قول له موضع آخر للتفصيل فيه. إن مصداقيتنا وقيمنا كتيار أساسي على امتداد الوطن ولدى الأمة أجل وأعمق من التعريض بها في مدار خوض عملية سياسية غير منتجة ولا مفضية إلى نتائج لصالح أمتنا وشعبنا، سواء كانت من خلال انتخابات بخوضها أو عدم خوضها أو من خلال التصدي لمباشرة تدبير الشأن العام الحكومي، فهذه قرارات من شأنها أن تتغير أو تتعدل أو تتأكد وفق جانب المصالح العليا للدين والوطن والمجتمع والمشروع الحضاري العام الذي ننتمي إلى أفقه. والأهم أن يكون كل ذلك في العلن وخاضعا للدراسة والبحث والقرار الشوري الديمقراطي على أوسع نطاق ليس داخل مؤسساتنا الحزبية وتنظيماتنا الحركية فقط، وهي من أسف قليلة التفعيل، ولكن في أوساط النخب الفكرية والسياسية ومراكز البحث والدراسات، ثم لنخرج بالرأي الأكثر حزما وصوابا ويرجح فيه جانب المصلحة ونتوكل على الله.. إلى ذلك أرجو من الجميع أن يتمهلوا ويتريثوا ولا تسبق ألفاظهم أفكارهم، وهذا شأن المؤمن التقى النقي الصادق، أن يكون عقله على قوله رقيبا وعمله على قوله شهيدا. ثالثا: التجديد الفكري والسياسي عاصم من حالة الانسداد القيادي القيادات الحقيقية في المجتمعات هي التي تقف في لحظة جرأة صادقة لتتحدى التراكم العشوائي والغائم والضبابي للوقائع وللأحداث، فترفض السير خلف هذا التراكم الذي كونه الاستبداد والسلطوية والقهر والسلبية والجهل، ذات عهد بائد أرجو من الله ألا يعود ولا يطل علينا برأسه من جديد، والاستثناءات التي من طول بقائها أصبحت عاديات، وأيضا من التقاليد الموروثة التي علمنا القرآن المجيد أن نراجعها ونناقشها ونصوبها.. فمنطق (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) يتجاوز تطبيقه على عبادة الأصنام والجمود على المقدس الديني الوثني المجسد، بل يتسع ليشمل كل المألوفات والموروثات التي تجاوزها عامل الوقت والزمن ولم تنتبه الأجيال المتلاحقة إليها، وقد فسر بعض العلماء الآية (لكل أجل كتاب) بأن كل زمن وله مكوناته ومقرراته التي يجب أن تراعى وتحترم، والدين والعقل يفرضان علينا المواءمة للزمن الذى نحياه. إن أخشى ما أخشاه في هذه المرحلة هو الانسداد القيادي لتنظيماتنا السياسية ولنسقنا الحزبي العام، إذا جاز التعبير، باعتبار الدور المهم للقيادة في التجديد والتطوير، والوقوع في أسر الوضع القائم وعدم امتلاك الشجاعة والجرأة لتجاوزه كارثة كبيرة تحيق بالمجتمعات والدعوات والتنظيمات، وصدق من قال: الحياة نماء وتقدم دائم وتطور صاعد، لم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدم. رابعا: جدل الدين والسياسة والسلطة والمجتمع والنخبة جرأة في الطرح وحضور في المجال العام نعلم جميعا أن الإسلام أكثر من كونه دينا، كما كان يقول د. عبدالوهاب المسيري وعلى عزت بيجوفيتش رحمهما الله، لأنه بالفعل يحتوى الحياة كلها، وستجده دائما في مكونات الحياة الأساسية، ستجده في الأسرة والأمن، ستجده في السعادة والاستقامة والصدق والحرية، ستجده في المصلحة والقوة والمسؤولية، والناس في الغرب الآن يتحدثون عن (مجتمعات ما بعد الحداثة وما بعد العلمانية) التي يكون فيها للدين دور كبير بما يمتلكه من مكون أخلاقي عظيم وبما يمتلكه من ذخيرة كبرى للتعالي والترفع والتسامي تحول بين الناس وبين طغيان المطالب الدنيوية وصراعات الحياة التي أججتها القيم الرأسمالية الاستهلاكية. وهنا أتوجه إلى كل إخواننا من قوى اليسار والنخب اللبرالية حقا من العلمانيين الذين لديهم رؤية مباعدة وغائمة ومشوشة عن الدين تكونت عندهم من قراءة مجتزأة ومبتسرة للتجربة الغربية مع الكنيسة، أتوجه إليهم برجاء أن يتابعوا حركة الأفكار النقدية في الغرب المعاصر وما صاحبته من تجاوز لجدلية الدين والسياسة والمجتمع، فلم تعد لديهم هذه الحساسية المفرطة التي نطالعها في كتابات كثير من مثقفينا حول حضور الدين في الفضاء العام، الدين مهم للسياسة بما يكونه في النفس الإنسانية من قوة تحررية وتحريرية وأخلاقية وعزة وكرامة ورفض للتبعية والخضوع والعبودية. لقد تجاوز الإنسان مرحلة خداعه باسم الدين.. تلك فترات سحيقة البعد في التاريخ مضت وانتهت إلى غير رجعة.