عزا الدكتور مصطفى المرابط، رئيس مركز مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني، حدوث الثورات العربية إلى "ميل النخب إلى جبهة معيّنة، نتيجة عدم فهم هذه النخب للأزمات التي تعيشها مجتمعاتهم"، وعلى رأسها أزمة القيم التي يعاني منعا قطاع عريض من المسلمين. وسجل المرابط، الذي كان يتحدث في جلسة علمية بتونس ترأسها الدكتور عبد الجليل سالم رئيس جامعة الزيتونة، بأن الدراسات الإستراتيجية لأعتى الدوائر الاستخباراتية في العالم قدّرت اندلاع الصراع الإيديولوجي في العالم ابتداء من سنة 2025، غير أنّ الربيع العربي كسّر أفق هذه الانتظارات حيث مثّلت الانتفاضات التاريخية لعدد من الشعوب العربية الصخرة التي تهشّمت عليها القراءات الغربية الاستشرافية". وأورد المتحدث بأن "ربيع الثورات العربية مهدّد اليوم بالتضخّم غير المتوقّع للصراعات الإيديولوجية الزائدة عن اللزوم، الأمر الذي يجعل الشعوب المعنية بالفعل الثوري تعدل عنه إذا رأت أنّ الصراع الإيديولوجي هو باب لاختلال الأمن، واهتزاز الاستقرار، وتجنح إلى تغليب البعد الأمني على حساب الحريات والديمقراطية المفضية إلى الصراعات المريرة". وتطرق المرابط، في المحاضرة التي شارك فيها أيضا الفيلسوف طه عبد الرحمان، إلى أهداف وخصائص المؤسسة العلمية البحثية التي يرأسها، مبرزا بأنّ تأسيسه كان نتاج التفاعل مع أطروحات طه عبد الرحمان التي تراهن على التفكير الجماعي المشترك، انطلاقا من الوعي بأنّ العصر الراهن هو عصر "تفاكر"، لا مكان فيه للعمل الفكري الفردي". وأوضح بأن الدافع إلى تأسيس المركز هو الوعي بالأزمات الكبرى؛ السياسية والإستراتيجية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والقيمية؛ إلى جانب مخاطر ربيع الثورات العربية الذي صار يهدّد بالانشطارات التي تمتدّ من الطائفي والمذهبي إلى الإيديولوجي، مرورا بالإثني واللغوي". وذهب المرابط إلى أن المشروع الفلسفي لطه عبد الرحمان "يحثّ المتلقي على الانتقال من نموذج تعوّدنا على التفكير به إلى أنموذج جديد، مضيفا أنّ فلسفة طه تدعو المجتمع العربي والإسلامي إلى تغيير النظارات التي يرى من خلالها العالم" وفق تعبير رئيس مركز مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني.