ليس في العنوان أي تحوير للحديث النبوي الشريف، بقدر ما هو اختزال لما تتلقفه أسماع المغاربة عن ما أرّق السيد محمد الوفا الذي أراد أن يحارب الغشاشين، فلم يفطن إلى أنه يحارب نفسه، ليس لأنه غشاش، ولكن لأن منظومتنا التعليمية بُنيت منذ عقود على الغش، فأنتجت جيلا مغشوشا في هويته وفكره، وأعطت نخبة سياسية مغشوشة في وعودها وبرامجها، وقدمت بلدا مغشوشا في عمقه وصورته الخارجية ! سيدي الوفا، لم أدخل قلبك كي أطلع على نيتك، لكن دعني أحسن بك الظن وأقول إنك تريد القضاء على ظاهرة سلبية وبالتالي تساهم في تنقية الكثير من الشوائب التي تعيق هذا البلد الجميل، أهنئك على شجاعتك في رغبتك تربية تلاميذنا على الصدق، لكن وقبل أن تصلح الذي وقع ويقع وسيقع، لماذا لا تكون صادقا مع نفسك، وتتساءل عما جعل تلاميذنا بكل هذه الكميات من الغش؟ أليس حزب الاستقلال الذي تنتمي إليه، كان من المساهمين في زرع بذور الغش ببلادنا؟ حزبك الذي يوزع الدجاج لشراء ذمم الناخبين، فدجاجتين لكل صوت أو ما ملكت أيمان الاستقلاليين، حزبك الذي يتهافت الأعيان والانتفاعيون والانتهازيون على الانضمام إليه طمعا في بسط نفوذهم باستغلال ميزان علال الفاسي، حزبك الذي انتخب ممثلا رديئا ساهم في قتل السياسة المغربية وحوّلها إلى مسرحية بشعة لا تسر الناظرين، فلم لا يصدق حزبك مع ذاته ويراجع مساره إكراما لتاريخه وبعض المناضلين الذين ترعرعوا في كنفه بدل الاستمرار في غش المغاربة وبيع الوهم لهم؟ أليست تلك الحكومة التي تنتمي إليها من منابع الغش في هذا الوطن؟ بماذا تسمي وعد المغاربة قبل الانتخابات بتحقيق نسبة نمو تصل إلى سبعة في المئة، وبعد الانتخابات تتقلص النسبة إلى ثلاثة في المئة؟ تلك الحكومة التي تباهيتم بأنكم انسحبتم منها وما أنتم بمنسحبين ولكن شُبِّه إليكم فغششتم المغاربة من جديد بانسحاب مع وقف التنفيذ، تلك الحكومة التي غَشّت المعطلين عندما أعلنت عن وقف التوظيف المباشر فوظفت محظوظين من مناطقنا الصحراوية، تلك الحكومة التي خدعت الشعب عندما أعلنت أنها أتت لتحارب الفساد والاستبداد، فطبّعت معهما وجعلتهما شريكا لها في الحكم، ولم تجد بديلا عنهما لإطلاق السهام سوى العفاريت والتماسيح، ألا نسمي هذا غشا يا سيادة الوفا؟ أليست مدارسنا مغشوشة في الكثير من أساتذتها ممن يقبضون أجورا في نهاية الشهر من الدولة فلا يهدونها إلا الشواهد الطبية التي تخول لهم جرّ تلاميذهم إلى الساعات الإضافية؟ أليست جامعاتنا وكرا للأبحاث العلمية المسروقة والتي بفضلها يشتغل الكثير من الأساتذة معطيين الدروس في شروط النزاهة العلمية وهم منها براء؟ أليست الكثير من طرقنا تنقرض يوما بعد يوم بسبب الغش في المواد الأولية؟ أليس اقتصادنا زائفا وهو القائم على صدقات الغير؟ أليست سلوكياتنا ضربا من السكيزوفرينيا عندما نشترط العفة في الآخر بينما نسبح في محيطات العفن؟ ألسنا مجتمعا مغشوشا يتحدث في كل ساعة عن الأخلاق بينما نحن من بين أكثر الأوطان التي تنتشر بها الدعارة والرشوة بل وحتى الاعتداء الجنسي على الأطفال ! سيدي الوفا..نحن لم نعاشر الصدق أبدا في حياتنا، وتلامذتنا عندما يغشون، فهم لا ينافقوننا، بل بالعكس، يقدمون الحجة والبرهان على أنهم ينتمون إلينا، فلا تعاقبهم لوحدهم، بل عاقبنا جميعا، والأجدى أن تبدأ بنفسك ! http://www.facebook.com/ismailoazzam