هل حقا أن المبعوث الشخصي للامين العام للأمم المتحدة بشان الصحراء يحابي المغرب ؟ "" مؤخرا صرح السيد فالسوم أن البوليساريو تمتلك الشرعية القانونية ، في حين أن المغرب يمتلك مشروعية الأرض . فهل ما صرح به فالسوم صحيحا لأنه تضمن مغالطة مسطرية وقانونية ليست في صالح المغرب . أن يقول السيد فالسوم بان البوليساريو يمتلك المشروعية القانونية من خلال جميع القرارات التي سبق لمجلس الأمن أن اتخذها، وكلها كانت تدعو أطراف النزاع إلى الاتفاق على صيغة لتنظيم الاستفتاء لتقرير المصير في الصحراء فيه حيف بالنسبة للمغرب لعدة اسباب نوجزها كما يلي : 1 إن التقارير السابقة التي أصدرها مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء المغربية كانت تركز على ضرورة ( اتفاق ) أطراف النزاع حول حل . معنى هذا ان اي طرف اذا لم يكن متفقا مع اي حل تطرحه جهة ما ، او احد أطراف النزاع ، فان الحل يبقى عديم الجدوى والفائدة ، ولا يمكن فرضه على الطرف الأخر الذي يرفضه او لا يوافق عليه . اذا شرط (الاتفاق ) اي اتفاق الأطراف يبقى ضروريا لاعتماد الحل الذي يرضي طرفي النزاع . إذا قرارات مجلس الأمن لم تكن في صالح البوليساريو بل كانت في صالح المغرب ( التاكيد على الاتفاق) ، ومن ثم فان المشروعية القانونية هي في صالح المغرب وليس في صالح البوليساريو . 2 البوليساريو فقدت كل مشروعية قانونية ( هذا اذا افترضنا كما قال السيد فالسوم ان لها هذه المشروعية ( باتخاذ مجلس الأمن الدولي للقرار الأخير 1813 الذي صوت عليه أعضاء مجلس الأمن بالإجماع . إن هذا القرار يستبعد من أجندته الاستفتاء لتقرير المصير بالصحراء ، ويركز على الحل الواقعي الذي يعني استبعاد خلق دولة البوليساريو المارقة في الجنوب المغربي حيث ستفصله عن حدوده الطبيعية مع موريتانيا. مجلس الأمن لا يمكن ان يصدر قرارين متناقضين في نفس الجلسة وبالنسبة لنفس القضية . لكن يمكن لمجلس الأمن ان يصدر قرارين مختلفين في جلستين متباعدتين عندما تظهر عناصر جديدة او معطيات جديدة في نفس الملف . في هذا الحال فان مجلس الأمن يتخذ قرارا مخالفا للقرارات السابقة . اي إلغاء تلك القرارات تمشيا مع الملابسات الجديدة في الملف . نفس الشيء تقوم به المحاكم في جميع دول العالم . اذا اتخذت محكمة من المحاكم قرارا بشان قضية ، لكن في ما بعد تبينت معطيات جديدة او عناصر جديدة في القضية . هنا المحكمة تكون مجبرة بإعادة بحث النازلة على ضوء هذا الجديد الذي ظهر في أخر لحظة ، فتصدر أحكاما او قد تتخذ قرارات مخالفة للقرار او للحكم الاول . اي ان القرار الأخير يلغي القرار الأول بناء على عدالة القضية مجلس الأمن في قراره الأخير 1813 بشان الحل الواجب اعتماده في حل قضية الصحراء المغربية المفتعلة ، ركز على الحل الواقعي الذي يعني استبعاد اي حل يكون مضمونه الاستفتاء لتقرير المصير المؤدي إلى الانفصال. هذا يعني من الناحية القانونية الصرفة ان القرار الأخير لمجلس الأمن قد ألغى جميع القرارات السابقة التي تقول بالاستفتاء لتقرير المصير ، رغم ان الحل يبقى مرهونا في جميع القرارات التي اتخذها المجلس بشرط ( موافقة الأطراف ) وهو الحل الذي لن يجد ابدا طريقه إلى التطبيق اذا لم يوافق عليه احد أطراف النزاع . اذا مجلس الأمن لا يمكن ان يحتفظ بقرارين متناقضين . من جهة القرار الذي يحث على الاستفتاء لتقرير المصير المؤدي إلى الانفصال . ومن جهة اخرى القرار الأخير الذي استبعد فيه مجلس الأمن الاستفتاء لتقرير المصير كخيار ، وركز على الحل الواقعي الذي يعني ان تتخذ أطراف النزاع المعطيات الجديدة التي هي استحالة تكوين دولة قزمية عميلة للاستعمار بالجنوب المغربي . هذا يعني في لغة القانون والمساطر ان مجلس الأمن بقراره الأخير يكون قد الغى اتوماتيكيا جميع القرارات السابقة التي سبق للمجلس ان اتخدها بشان قضية الصحراء المغربية . هذا يعني وبالملموس ان المشروعية القانونية الان هي بجانب المغرب ( القرار الأخير 1813) إلى جانب مشروعية الأرض حيث تتحكم القوات المسلحة الملكية الباسلة في الوضع وتتصرف وتتحرك بكل سهولة بسبب الخبرات التي راكمتها في الميدان منذ 1975 اذا الفريق الذي أصبح خارج التغطية ومحروما من المشروعية القانونية هو البوليساريو وعرابهم قصر المرادية وعسكر الجزائر . والمغرب عليه ان يتمسك بهذا القرار الأخير لمجلس الأمن وان يعمل على تطويره نحو الافضل . اي بما يحافظ على المكتسبات ويضعف الأعداء الذين أصبحوا الآن يدورون في حلقة فارعة بسبب المواقف الجديدة المساندة للقضية المغربية من أطراف وازنة بالمجتمع الدولي ، وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالامريكية ،فرنسا ، اسبانيا وكل أعضاء مجلس الأمن والاغلبية الساحقة بالامم المتحدة التي أضحت تتفهم بشكل جلي الأسباب الحقيقية للمشكل المفتعل . الان المشروعية القانونية ( القرار الأخير لمجلس الأمن الذي الغى جميع القرارات السابقة)هي بجانب المغرب إلى جانب مشروعية الأرض التي يتكم فيها المغرب بسهولة تامة . البوليساريو فقدت ما اعتبره السيد فالسوم ( مشروعيتها القانونية ) واصبحت خارج التغطية القانونية التي قد تبرر لها في المستقبل بعض الحماقات الطائشة . السؤال : امام هذا التحول الايجابي الذي عرفته القضية الوطنية ( مشروعية المغرب القانونية ومشروعية الأرض ) هل هناك من مخطط تحضر له البوليساريو وراعيهم عسكر الجزائر وقصر المرادية ؟ ان التحولات الجذرية الأخيرة التي عرفها مشهد الصحراء المغربية ، سيدفع بمرتزقة البوليساريو الذين يتحركون بأوامر من الجزائر العاصمة ، وبسبب الإحباط واليأس والاستنزاف اليومي الحاصل في صفوهم ، إلى الرجوع إلى المناوشات العسكرية من اجل إثارة الرأي العام الدولي الذي بدا يبتعد عن أطروحتهم ، ومن اجل دفع مجلس الأمن إلى اتخاذ قرارات عشوائية الغاها القرار الأخير الذي استبعد الاستفتاء لتقرير المصير المؤدي إلى الانفصال . هذه المناوشات ستكون قابلة الوقوع ابتداء من صيف 2009 لعدة اعتبارات من أهمها خلط الأوراق بمجلس الأمن ، حيث يراهنون على بعض التحولات السياسية في بعض الدول ( الانتخابات ) في الولاياتالمتحدةالأمريكية ، انحدار شعبية الرئيس الفرنسي ساركوزي ، تراجع شعبية الحزب الاشتراكي الاسباني ، اضافة إلى الاستفادة من استقلال الكوسوفو ، واخطار حرب القوقاز ، والمراهنة على انقلاب موريتاني موال لأطروحة الانفصال بالصحراء . من خلال تحليل جميع المسارات التي مرت بها حركات انفصالية في العالم شبيبة بالبوليساريو ، فان الرجوع إلى العمل العسكري ، الذي تهدد به البوليساريو اليوم ، سيكون انتحارا عن طيب خاطر ، وطلقة اخيرة لما قبل الاستسلام . إذا هاجمت البوليساريو المغرب ، فان هذا يعني ان الهجوم كان بأوامر من الجزائر ، وهو ما يعني تعقيد الوضع بالمنطقة على حساب السلم والأمن المهددين . لكن التحولات التي يعرفها الحقل الحقوقي والقانوني الدولي ، يمكن للمغرب ان يستثمرها لإدخال الجزائر والمرتزقة في عنق الزجاجة . يمكن للمغرب بالاضافة إلى حقة المشروع الذي يعطيه القانون الدولي في استعمال جميع الاسلحة للدفاع عن النفس ، ان يلجا إلى محكمة العدل الدولية ، وإلى المحكمة الجنائية الدولية التي ستلاحق اليوم الرئيس عمر البشير بالرغم من ان السودان لم يوقع على اتفاق روما المنشئ للمحكمة ، خاصة وان قضاة وقانونيي المحكمة بصدد التباحث حول إمكانية إضافة جريمة رابعة تختص المحكمة بالنظر فيها إلى جانب جرائم الإبادة الجماعية ،جرائم الحرب ، الجرائم ضد الإنسانية ،الا وهي جريمة العدوان . إن هذه الجريمة التي ستختص بالنظر فيها المحكمة الجنائية الدولية ابتداء من 2009 ، ستتزامن مع دخول تهديدات البوليساريو والجزائر حيز التنفيذ في نفس السنة ،وهو ما يعني إن المغرب يمكنه إن يطالب المحكمة بالبث في الهجوم على أراضيه رغم انه لم يوقع على اتفاقية روما المحدثة للمحكمة . الآن ان السودان في شخص رئيسه سيتابع من طرف المحكمة رغم ان السودان ليس طرفا موقعا على قانون إنشاء المحكمة . المغرب رغم انه لا يعترف بالمحكمة الجنائية الدولية، يمكنه اللجوء إليها لمقاضاة الجزائر ومرتزقتهم بدعوى الإخلال بالأمن وبالسلم الدولي ، الأمر الذي سيجعل وضع بوتفليقة العليل ومحمد عبد العزيز المراكشي لا يختلف عن مصير كارازيدش الصربي. واختصارا ، فان التصريحات الأخيرة للسيد فالسوم لا تحابي المغرب ، وليست في صالحه ، لأنها أفقدته حقا أعطاه اياه القرار الجديد الذي اتخذه مجلس الأمن بالإجماع ، وهو القرار الذي الغى اتوماتيكيا جميع القرارات السابقة التي سبق للمجلس ان اتخذاها . ومن ناحية ان قوله بان البوليساريو تملك المشروعية القانونية هو إنكار للقرار الأخير لمجلس الأمن الذي استبعد فيه الاستفتاء لتقرير المصير المؤدي إلى الانفصال ، وتركيزه على الحل الواقعي الذي يعني استبعاد إنشاء دولة حرامية بالجنوب المغربي . بل انه تشويه حتى للقرارات السابقة لمجلس الأمن التي ، رغم انها كانت تدعو إلى الاستفتاء ، فان صحة هذا الاستفتاء تبقى معلقة على شرط هو ضرورة ( موافقة او اتفاق ) أطراف النزاع على ميكانيزمات تنظيم الاستفتاء ، بحيث اذا لم يكن احد أطراف النزاع موافقا على صيغة او مسطرة الاستفتاء ، فانه لا يمكن فرضه بالقوة ، تحت حجة الامر الواقع . إن الذي أصبح يفتقد إلى المشروعية القانونية إلى جانب مشروعية الأرض هم البوليساريو والجزائر . اما المغرب الان وبفضل القرار الأخير الذي صوت عليه مجلس الأمن بالإجماع ،فهو وحده يمتلك المشروعية القانونية إلى جانب مشروعية الأرض ، وهذا ما يجهله السيد فالسوم بيتر الذي يكون قد أساء إلى حقوق المغرب من خلال تصريحاته الأخيرة .