اشتغل مجلس الأمن الدولي في أوائل سنة2012 لأجل إيجاد حل لمشاكل مالي لما قام الجيش بقلب نظام الحكم ضد الرئيس حماني توري بقيادة القبطان سانوكوAmado Sanogou يوم 22 مارس2012 وأعلن الطوارق قيام دولة أزواد بعد تهجير الكثير من الأفارقة من ليبيا، ومن بينهم الطوارق على إثر سقوط نظام حكم الكدافي، حيث أصدر مجلس الأمن الدولي التابع لهيئة الأممالمتحدة القرار Résolution رقم2085 الذي يقضي بمساعدة مالي من أجل الخروج من أزمتها وبمشاركة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا المعروفة باسمCédéao وأسند مجلس الأمن مهمة مساعدة مالي إلى لجنة تسمى ميسماMisma وبدأت الاستعدادات للشروع في إيجاد الحلول السياسية والعسكرية، وتم تعيين الجينيرال شيحو عبد القادر من نيجيريا كقائد عام ل Misma لكن فرنسا استغلت ضعف الرئيس الانتقالي يوكونداتراوري الذي تعرض لاعتداء جسدي مدبر لتنقله إلى مستشفياتها العسكرية المتخصصة في إيواء المرضى –من الرؤساء الأفارقة- ومكث هنالك عدة أسابيع وقع خلالها لفرنسا على بياض لتهجم عسكريا على أزواد كما فعل سلطان المغرب في30مارس1912 عند ما وافق لفرنسا على نشر عسكرها على أرض المغرب، ودخلت إلى أراضي دولة مالي في بداية سنة2013. وبالضبط حوالي أسبوع فقط من صدور القرار رقم2085عن مجلس الأمن دخولا استعماريا يشبه دخولها إلى هده المنطقة سنة8951 كي تغلق الباب على الأممالمتحدة، وتسرق مهمة Misma ويظن الشعب المغربي و الذين يتفرجون على ما يجري في مالي أنه لا يعنيهم، ولم يكن مغاربة تلك الفترة يتصورون أن فرنسا سوف تستعمرهم سنة 1912 أي بعد17سنة فقط من استعمار مالي، حيث أخدت فرنسا مهمة "حفظ أمن مالي" وهي مهمة تتعلق بسيادة شعب مالي ومن شؤونه الداخلية، لكن فرنسا صريحة وواضحة في قولها بان أمن مالي ،هو بوضوح ، أمن فرنسا. والسؤال: كيف اختلط أمن فرنسا مع أمن مالي وهي تبعد عنها آلاف الكيلومترات؟ وكيف تورطت الدولة المخزنية في مساندة استعمار فرنسا لمالي دون إعطاء معلومات للشعب وفضحها الرئيس هولا ند عند ما شكرها معلنا رسميا في خطابه أن المغرب شارك في الهجوم على مالي وهو ما لم تصارح به السلطات المخزنية شعبها العزيز؟ والسؤال الآخر: هل ما يجري في مالي يهم أمن المغرب؟ تهدف هده المقالة إلى توضيح وتحليل الضرر الخطير الذي سيصيب المغاربة نتيجة استعمار فرنسا لمنطقة مالي، ويتجلى الخطر بالدرجة الأولى في عدم فهم ما يجري هناك في الوقت المناسب، وفي عدم شفافية سياسة المخزن حول الصحراء وعدم ربط استغلال فرنسا للمعادن في الساحل مع ما تفعله بمعادن المغرب وملف الصحراء.. وعندما نسمع "مالي" علينا ان ننظر إلى خريطتها الجغرافية لنجد أن أقصى شمالها هو تاودني Tawdenni التي تعني الصحراء بالأمازيغية، وهي امتداد للصحراء الكبرى التي تغطي شمال موريتانيا وتمتد نحو المغرب. كما أنه لا يمكن الفصل بين مالي والنيجر وبوركينافاسو والجزائر والمغرب وموريتانيا بالنسبة لمصالح فرنسا، وهو ما تسميه "أمن الساحل" وهو في الحقيقة احتلال الساحل ومقدمة لإحياء مشاريع قديمة للاستعمار تهدد المغرب. وقليل من شباب المغرب الآن من يعرف بطلا مراكشيا يسمى "الباشا جؤدر LE PACHA DJOUDER" وهو قائد عسكري في جيش أحمد المنصور الذهبي، أحد سلاطين السعديين، الذي قام سنة 1590 بالهجوم العسكري على مدن دولة مالي الحالية، وبالضبط مدن جيني، تومبوكتو، وكاو GAO التي احتلها الجيش الفرنسي في يناير2013 بعد 423 سنة من دخول المغاربة إليها مجتازين من تاودني، والتي أعلن فيها الطوارق إنشاء دولة أزواد في ربيع سنة 2012. وبمناسبة الحديث في مغرب اليوم عن اللائكية وحرية الاعتقاد وحقوق الإنسان، فقد اشتهر جؤدر باشا الذي يستحق أن يكون بطل فيلم سينمائي، بقيادة جيش مراكشي، من المسلمين، وعين جؤدر حراسه الشخصيين من 80 مسيحيا، لأن الكنيسة الكاثوليكية منعت الخصي La castration الذي يتألم منه، ولم يكن جيشه جهاديا، من أجل نشر الإسلام في إفريقيا، وإنما كان مثل جيش فرنسا الآن اقتصاديا من أجل الاستيلاء على الذهب والملح. واشتهر جودر أيضا بكونه كان مخصيا castré، أي قطع السلطان خصيتيه، ليكون من حاشيته، وهذا الضابط، لم يكن ليعمل لصالح دولة أجنبية كما يفعل بعض ضباط خدمة فرنسا اليوم، وهم فيما يظهر غير مخصيين (...).!! فعندما دخلت فرنسا إلى مالي في بداية هدا العام، هذا العام 2013، نشرت عبر العالم وبجميع اللغات خطب الرئيس هولا ند ومواقف البرلمان الفرنسي، تزعم بأنها هجمت على مدن تومبوكتو، وكاو، لكي تطرد "الإرهابيين" وتقصد مجموعات أنصار الدين والقاعدة في الغرب الإسلامي، وجندت جيش جمهورية تشاد ود ول Cédéao لكي تغطي بهم هجومها. وروجت دعايات كاذبة عن قتل قائد قوات القاعدة في الغرب الإسلامي عبد القادر درودكال من طرف جيش تشاد، واتضح أخيرا أنها لم تتمكن من قتله، وإنما روجت الدعاية لرفع معنويات جيش تشاد الذي كان مرتزقا في حرب أزواد، ولكي توهم العالم أنها تحارب الإرهاب.. لكنها بعد طرد هؤلاء لم يغادر جيشها هذه المنطقة، بل تقاطرت عليها زيارات أعضاء الحكومة والبرلمانيين الفرنسيين ابتداء من الرئيس هولا ند نفسه، إلى وزراء الخارجية والدفاع.. وانتقلت فرنسا في مالي إلى مرحلة ثانية، وهي إجراء الانتخابات الرئاسية التي أعلنها هولاند تحت بنادق العسكر، وحدد تاريخها في أواخريوليوز2013، وخطب خطبة ملغومة على رؤساء دول الاتحاد الإفريقي في الحبشة يوم 23ماي 2013 أظهر فيها أنه يريد من هجومه على مالي حماية الساحل. واستهزأ بالرؤساء الأفارقة قائلا لهم: "أنا سعيد بأن أراكم تتحدثون بالفرنسية". واستعمل كلمة "الحماية" ذات السمعة السيئة بالمغرب. والحقيقة هي أنه يحمي مناجم اليورانيوم وشركة AREVA في شمال النيجر،الدولة التي تحتل عالميا الدرجة الخامسة في إنتاج اليورانيوم، إلى جانب كندا وناميبيا وكازاخستان.. وهو ملتزم بعقود مع دول أخرى مثل الصين وكوريا واليابان.. تتعلق بتزويد معامل الطاقة النووية في اليابان مثلا، التي اشتهرت بكارثة FUKUSHIMA التي حدثت يوم11مارس2011. ويتساءل الناس لماذا هجمت فرنسا على الساحل في بداية 2013؟ للجواب على هذا التساؤل ينبغي التذكير أن هناك حدث خطير وقع بفرنسا خلال شهردجنبر2012 وهو أن المرصد الفرنسي للطاقة النوويةL'observatoire du nucléaire فجر فضيحة رشوة تبلغ 26 مليون أورو، اتهم فيها شركة AREVA بدفعها لرئيس دولة النيجر السيد ايسوفوISSOUFOU MAHAMADOU، الذي كان قبل رئاسته لبلده موظفا لدى هذه الشركة، وذلك من اجل أداء ثمن شراء طائرته. ووقع تستر كبير على ملف القضية التي وصلت إلى القضاء الفرنسي، زيادة على كون الحزب الاشتراكي الفرنسي ملتزم بسن قانون متابعة الأثرياء الدين يهربون الأموال نحو جنات الضرائبles paradis fiscaux ومن هؤلاء مغاربة أصدقاء فرنسا، الذين جعلوا فرنسا جنة لتهريب الأموال المغربية، وقد وضع هولا ند مخططه المستقبلي بتدريب رؤساء وملوك إفريقيا على الخضوع له، بإعلانه في أديس أبابا، بدون مشاورتهم وبدون حضور المغرب وحضور مندوب ( الجمهورية العربية الصحراوية) أنه يستدعيهم جميعا لمؤتمر قمة افريقية ،بباريس يومي 6-7 دجنبر 2013، تحت شعار "من اجل السلام والأمن في إفريقيا". أين وصلت الآن فرنسا في مالي؟ إنها أولا قتلت برنامج الأممالمتحدة حول تطبيق القراررقم 2085، وثانيا انتقلت من مهمة طرد القاعدة في الغرب الإسلامي وأنصار الدين ومجاهدي غرب إفريقيا Mojao وحلت محلهم في شمال مالي. ثالثا شرعت في تصفية MNLA الحركة الوطنية لتحرير أزواد، وهي منظمة لائكيه، لكي لا تترك في "مالي" مسلما، ولاكا فرا، ولا لائكيا، سوى أتباعها وجيشها وشرعت في تحضير احتلال منطقة كيدال، حيث ترفرف الرايات الأمازيغية، لتتحول من محاربة الاسلاميين إلى الحرب ضد الأمازيغ... والبقية تنظر مصيرها.