فِي محكَمة الأسرة، بعمالَة الحي الحسنِي في البيضاء، حشدٌ غفير حجَّ صباحَ الثامن والعشرين من مايْ المنصرم، حيث بدَا رجالٌ ونساء بباب المحكمَة، وهم ممسكون بملفاتٍ فِي أيديهم، ووجوههم تشِي بشيءٍ من التوتر، وكثير من العجلَة فِي أمرهم. بعض الأزواج جاؤوا بملفات طلاق، وأسلموا أنفسهم للانتظار بالمدخل بعد استدعائهم من طرفِ القَاضِي، فيمَا يبدُو آخرونَ فِي حالة شرود وهم يصبُونَ إلى معرفَةِ الخطوات والإجراءات التي يتعينُ سلوكُهَا فِي مسطرَة توثيق زيجاتهم، بعدما دخلوا القفص الذهبي عن طريق الفاتحة، دون اللجوء إلى المحكمَة. لا يزالُ أمام الأزواج متسعٌ من الوقت، يمتدُّ إلى غاية الرابع عشر من فبراير 2014، كتاريخ جديد حددته وزارة العدل والحريات، لتوثيق زواج الفاتحة بعقد قانوني. على أنَّ عدم التوثيق خلال الآجال المحددة، سيعرضُ الأزواج الذِين لم يوثقوا زيجاتهم لعقوبات، بالرغم من غيابِ ما يفصل طبيعة تلك العقوبَات فِي بيان الوزارة. رئيسُ محكمة الأسرة بالدارالبيضاء، عبد الحق بلعكوش، يوضحُ أنَّ الأجل الممنوح ليسَ نهائياً، فحتَّى بعدَ تخطيه، ستكونُ الوزَارة مضطرة إلى تحديد تاريخ جديد. بالنظر إلى العدد الكبِير للزيجات التِي تتمُّ عن طريق الفاتحَة"، مردفاً "أنَّ حثَّ الأزواج على توثيق زيجاتهم يستدعِي تنظيم حملات تواصل مكثفَة، على شاشة التلفاز، كمَا على أثِير الإذاعَة". بحيث تسعى وزارة العدل إلى تنظيم موائد مستديرة ولقاءات مباشرة مع ساكنة المناطق المعنية بالظاهرة إلى درجة كبيرة، مع إشراك أعوان السلطة فِي المبادرات التِي يتمُّ اتخاذُهَا. وَمنذُ دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق فِي ماي 2005، تمَّ توجيه أزيد من 50.000 طلب لتوثيق الزواج أمام المحاكم المغربيَّة في الفترة ما بينَ 2010 وَ2011. وهوَ رقمٌ ارتفعَ إلى 100.000 ما بينَ 2005 وَ2012. مما يدلُّ على وجودِ رغبَةٍ لدَى المتزوجين عن طريق الفاتحَة لضبط وضعيتهم بسرعة. ففي الدارالبيضاء، على سبيل المثال، تشيرُ الأرقام المقدمَة من لدن محكمة الأسرة بالبيضاء، إلى وضع 1418 طلب لتوثيق الزواج خلال 2010 وَ1494 سنةَ 2011. بينمَا تمَّ قبُولُ 1200 حالةً بحرَ السنَة الماضيَة. أمَّا الحالاتُ التِي تمَّ رفضهَا، فكان السبب فيها عدم احترام الفصل 16، كأن ينظُرَ القَاضِي فِي ما إذا كانَ لدَى الزوجين أطفال، أو أنَّ الزوجَة حامل، زيادةً على اشتراط حياة الزوجين معاً، لأنَّهُ فِي حال ما إذَا كان أحدُ الزوجين ميتا فإن طلب التوثيق يتمُّ رفضهُ أتوتوماتيكيًّا. ممَا يجعلُ مسألة الإرث بالنسبَة إلى الزوجَة أو الأطفال، على السواء، أمراً مستحيلاً. كمَا أنَّ طلبَ توثيق الزواج، يتمُّ رفضهُ فِي حال كان أحدُ الزوجين قد ارتكب جريمَةً متعلقَة بالحق العام، أو أن يكون الزوجَ قد سجن بعد اغتصاب زوجته المستقبليَّة. وعلى العموم، فإنَّ الزواجَ يوثقُ بموجب عقد قانوني بالمحكمة، في حالتين، أولهمَا الاعتراف طوعاً من قبل الزوج، أمَّا الحالة الثانيَة، فيكون الاعتراف فِي حالة نزاع، حيث يُبدِي الزوجُ رفضه لتوثيق الزواج. وإذا ما كان الزوجان قد أنجبَا أطفالاً فإنَّ المحكمة تطلبُ ما يثبتُ النسب، أيْ تحليل الحمض النووي، كما أنَّ نسب الأب، يتمُّ إقراره إمَّا عن طريق العلاقات الزوجيَّة، أو اعتراف الأب وشهادة عدلين. وعليه فإنَّ مسطرة توثيق الزواج جد مبسطَة شأنها شأنَ إبرام عقد الزواج لأول مرة. وفِي مقابل ذلك، من الممكن أن تزداد المسطرَة تعقيداً فِي حالة التعدد. إذ يجدُ القضاة أنفسهم مضطرين لإخبَار الزوجَة الأولَى بأنَّ زوجها بصدد توثيق زواجه بإمرأة أخرَى. وإن كانَ بعضُ رجالِ القانون يرونَ أنَّ هذَا الوضع غير قانوني، لأنَّ مسألتيْ التعدد وتوثيق الزواج جاءت مدونة الأسرة بتفصيلات بشأنهمَا.