ذهبت شائعاتٌ كانَ وزيرُ الاقتصادِ والماليَّة مصدرها، بحرَ الأسبوعِ المنصرم، إلَى أنَّ نظام مقايسة أسعار المواد البتروليَّة، الذِي تمَّ تطبيقهُ عامَ 1995، سيعودُ عمَّا قريب، رغمَ أنَّ الوزيرَ انبرَى إلَى تكذيبِ اتخاذِ أيِّ قرار يهمُّ المقايسَة، التِي يبقَى اللجوءَ إليها، بصورة أو بأُخرَى، خطوةً من أجلِ تخفيفَ عبءِ المقَاصَّة. ومن حيث المبدأ، لن يكون هناكَ إقدامٌ على المقايسَة إلَّا فِي إطار إصلاح صندوق المقَاصَّة، فِي الوقت الذِي تبدو فيه وزارة الشؤون العامَّة والحكامَة على وقعِ المفاجأة والدهشة إزاءَ الحديث عن المقايسَة، وكأنهَا خطوةٌ غريبَة، فِي حين أنهَا من السينَاريُوهاتِ المرتقبَة لإصلاحِ صندوقِ المقَاصَّة. ولعلَّ إيجاد فكرة المقايسَة مساحةً لهَا ضمن النقاش الدائر، مردهُ إلى أنَّ إصلاح صندوق المقاصَّة الذِي اعتقد الكثيرون أنَّها جُمدَ، عاودَ احتلال مكانة مهمة فِي أجندة الحكُومة. لفائدة التقليص الذِي طال نفقات الاستثمَار العمومِي. سيمَا أنَّ موقع رئيس الحكومة، نشرَ قبل فترة وجيزَة ورقَة مطوَّلَة حولَ صندوق المقَاصَّة، أوضحت أموراً كثيراً كانت غائبَة. لجان عدة لتتبع الملف منذُ اللحظة التِي تمَّ فيهَا إطلاقِ ورش الإصلاحِ شهرَ مارس المَاضِي، تمَّ الشروعُ على الفورِ فِي عقدِ اجتمَاعاتٍ مع البنك الدولِي، ولجانٍ لمتابعةِ الملف. شأنَ لجان أُخرى؛ كلجنَة لدراسة التبعات المتحملَة لتحرير الأسعَار، وأخرَى تشتغلُ معَ البنك الدولِي بخصوص الشرائح التِي من المرتقب أن توجه إليهَا الإعانات المُبَاشرة. فِي غضون ذلكَ، تبقَى هناك دائماً مستجدات على مستوَى الملف، فمنحُ المساعدات المباشرة، حسبَ ما ينَادِي به حزبُ الاستقلال، يجبُ أن يكونَ مشروطاً بتدريس الأبناء ومتابعتهم الطبيَّة. مختلفاً فِي ذلكَ معَ حزب العدالَة والتنميَة الذِي لا يريدُ أن يحبذُ أن تكون الإعاناتُ مشروطَةً. في سجال يبدُو أنه وقفَ حجرَ عثرة فِي طريقِ الإصلاح. بينَمَا يوضح رئيس الحكُومة في الوثيقة المذكورة، أنهُ فِي حال ما إذَا كان الإصلاح تدريجياً، سيتحتمُ ضبطُ مصاريف المقاصة، لِتفَادِي حصولِ تغيِير فِي الأسعَار. وَالنص المذكور لا يتحدث ضمنياً عن نظام المقايسَة، وإنمَا عن إعادة تفعيل نظام حمايَة ضدَّ التقلبات فِي الأسعار. بحيث أنَّ مجالَ إلَّا لإعادة تفعيل نظام المقايسَة، لأنه موجودٌ سلفاً. وعليه فإنهُ إذَا ما ارتفعَ سعرُ البترول متجاوزاً العتبَة التِي سبق وأن حددتهَا الحكومَة، وتمَّ التعويض على أساسهَا سلفاً، فإنَّ المستهلكَ هوَ الذِي سيتحمَّلُ الزيادة. مع العلمِ أنَّ هذَا الارتداد لن ينعَكس على الفئات المعوزَة، ما دَامتْ ستتلقَى إعاناتهَا الماليَّة بشكلٍ مباشر. أمَّا إذَا انخفضتِ أسعَارُ البترول فإنَّ المستهلكَ سيستفيدُ من مراجعة الأسعَار، فِي محطَّة التزودِ بالوقود. بحيث أنَّ منطقَ المقَايسَة يرمِي إلَى إحداثِ استقرار فِي نفقات المقَاصَّة، مع توقعِ تأثيرها على رصِيد الميزانيَّة. لكنَّ وثيقَة رئيس الحكومة، لا تتضمن تقريباً، بالرغم من كونها غنية بالمعلومات، أيَّة اشارة إلى تاريخ محتمل. على نحوٍ يُرجحُ عدم حصول أي تغيير ملموس قبل صيفِ 2014. مُشَاورَاتٌ معَ الفاعلين لم تحدد بعدُ آجالٌ زمنيَّة لإصلاحِ صندوقِ المقَاصَّة، بيدَ أنَّه فِي أحسن الحالاتِ، لن تنطلقَ إلَّا فِي النصف الثَّانِي من عامِ 2014. فمن بين الإجراءات الواردة أيضاً فِي وثيقَة رئيس الحكومة، يأتِي تحسينُ ميكَنايزمات الدعم، من خلال تجديد بنية القطاعات الاقتصاديَّة المستفيدَة من الدعم. بحيث يرتقب أن تقدمَ إلى رئيس الحكومَة المسودَّة الأولَى حول الإجراءات التي يتعينُ اتخاذُهَا فِي أفقِ تحسينِ الدَّعمِ. بعد إجراءِ عدة مشاورات معَ الفَاعلِين، بمتمِّ شهر أكتوبر من العَام الجَارِي. وبالاستنادِ إلى المنهجيَّة المتبناة، فإنَّ آخر مرحلة ستتركزُ على بحث الآثَار الماكرُو اقتصاديَّة للإصلاح، سواء تعلقَ الأمر بالتضخُّم، أو الاستهلاك، أو الفقر، أو رصِيد الميزانيَّة، ثمَّ تحديد قدرِ الإعانات التِي سيتمُّ تقديمهَا مباشرة إلى الفئات المعوزَة.