وفد من رجال الأعمال الفرنسيين يزور مشاريع هيكلية بجهة الداخلة-وادي الذهب    هذه تفاصيل مجلس الحكومة    بالفيديو.. محمد شوكي يدافع عن مشروع قانون المالية ضد "خطاب التضليل"        الحكومة تعلن استيراد 20 ألف طن من اللحوم الحمراء المجمدة    مكتب الجامعة الحرة للتعليم بالناظور يستنكر حملة التشهير ضد أطر إدارية بالمديرية الإقليمية        المنتخب المغربي يخوض آخر حصة تدريبية مساء اليوم الخميس تأهبا لمواجهة الغابون    الروائي والمسرحي عبد الإله السماع في إصدار جديد    ملتقى الزجل والفنون التراثية يحتفي بالتراث المغربي بطنجة    نشرة إنذارية…هبات رياح قوية على المرتفعات التي تتجاوز 1500 متر اليوم وغدا بعدد من أقاليم المملكة    خلال 24 ساعة .. هذه كمية التساقطات المسجلة بجهة طنجة    نشرة إنذارية.. هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة اليوم الخميس وغدا الجمعة بعدد من أقاليم المملكة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    اجتماع موسع بمقر ولاية جهة مراكش آسفي حول إنطلاق أشغال تهيئة حي جليز        تايسون يعود إلى الحلبة في سن ال 58 لمنازلة "يوتيوبر" يصغره ب 31 عاما    مسؤول برئاسة النيابة العامة يوضح النطاق المحمي بمقتضى قانون الصحافة وموجبات تطبيق القانون الجنائي            معدل الإصابة بمرض السكري تضاعف خلال السنوات الثلاثين الماضية (دراسة)    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    توقعات احوال الطقس.. ارتفاع درجات الحرارة بمنطقة الريف    "الاتحاد الاشتراكي" يتهم الحكومة بالضغط على البرلمان من أجل الإسراع غير المبرر في مناقشة مشروع قانون المالية    مركز إفريقي يوصي باعتماد "بي سي آر" مغربي الصنع للكشف عن جدري القردة    الاحتيال وسوء استخدام السلطة يقودان رئيس اتحاد الكرة في جنوب إفريقا للاعتقال    الدولة الفلسطينية وشلَل المنظومة الدولية    عودة ترامب الهوليودية و أفول الحلم الأمريكي ..    أسعار النفط تنخفض بضغط من توقعات ارتفاع الإنتاج وضعف الطلب    إطلاق برنامج دعم السكن القروي وتقليص الفوارق المجالية لعام 2025    خلال 10 أشهر.. القيمة التسويقية لمنتجات الصيد الساحلي والتقليدي تفوق 9 مليارات بالمغرب    عواصف جديدة في إسبانيا تتسبب في إغلاق المدارس وتعليق رحلات القطارات بعد فيضانات مدمرة    "هيومن رايتس ووتش": التهجير القسري الممنهج بغزة يرقي لتطهير عرقي        حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    نيوم تستضيف ختام الجولة العالمية FIBA 3x3 وتتوج فريق ميامي باللقب    إسرائيل تقصف مناطق يسيطر عليها حزب الله في بيروت وجنوب لبنان لليوم الثالث    فرنسا.. الادعاء يطلب حبس مارين لوبان وحرمانها من المناصب العامة لمدة خمس سنوات    اليوم العالمي للسكري .. فحوصات وقائية للكشف المبكر عن المرض    هذه أسعار أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    بعد السيارات والطائرات .. المغرب يستعد لدخول غمار تصنيع القطارات    غينيا الاستوائية والكوت ديفوار يتأهلان إلى نهائيات "كان المغرب 2025"    الجيش الملكي يمدد عقد اللاعب أمين زحزوح    كيوسك الخميس | المناطق القروية في مواجهة الشيخوخة وهجرة السكان    استمرار انقطاع الأدوية القلب يثير القلق بين المرضى والصيادلة في المغرب    ترامب يعين ماركو روبيو في منصب وزير الخارجية الأمريكي    غارة جديدة تطال الضاحية الجنوبية لبيروت    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    "الفعل الاجتماعي" في المغرب .. مسؤولية الحكومة وانتظارات المواطن    المغرب والسعودية يتفقان على تسهيل عملية ترحيل المحكوم عليهم بين البلدين    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي        إفريقيا تعتمد اختبار "بي سي آر" مغربي الصنع للكشف عن جدري القردة    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكالي يقدم وصفة انعتاق الفكر الاشتراكي من تداعيات أزمة اليسار
نشر في هسبريس يوم 10 - 02 - 2021

يرى الوزير الأسبق الأستاذ الجامعي أناس الدكالي أن مشروع الاشتراكية "لا يمكن إلا أن يكون ملهما نظريا لفئات واسعة داخل المجتمعات"، مستدركا بأن الواقع المتمثل في الكثير من التجارب الاشتراكية عبر العالم ومدى عجزها عن تحقيق مشروعها المجتمعي وما ولدته من أنظمة قمعية ومستبدة، في سياق تميز بالصراع بين المعسكر الشرقي الاشتراكي والمعسكر الغربي الرأسمالي، "رسم صورة مغايرة للتصور النظري الأصلي".
وأضاف الوزير في مقال له عن الفكر الاشتراكي وأفق الخروج من الأزمة، أنه "لا يمكن أن ننكر أن جزءا كبيرا من اليسار وجد نفسه أمام طريق نظري مسدود، حيث لا يكفي أن يكون نقيضا ومناهضا للرأسمالية دون أن يعبر بشكل واضح عن البدائل الواقعية لها، ويرسم صورة واضحة عن عالم ما بعد الرأسمالية".
المزيد في مقال أناس الدكالي أسفله:
ما معنى أن تكون اشتراكيا اليوم؟ سؤال قد يتبادر إلى ذهن الباحث والمهتم والمتتبع للشأن السياسي، لكنه سؤال يبقى ملازما للفاعل السياسي الحامل لهذا الفكر أو المنتسب لإحدى مذاهبه.
فالاشتراكية بأبعادها الفكرية والمذهبية والعلمية والسياسية والاقتصادية، كانت منذ القرن التاسع عشر إلى اليوم مؤسسة للتيارات اليسارية، سواء كانت ثورية أو مؤمنة بالتغيير التدريجي، التي تناضل من أجل مشروع مجتمعي مبني على مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات، في مواجهة للفوارق الاجتماعية المتولدة عن الرأسمالية ومظاهرها المتمثلة في الامبريالية واستغلال الإنسان للإنسان، واقتصار ملكية وسائل الإنتاج على فئة محدودة من الأغنياء وأصحاب الامتيازات.
يتفق الاشتراكيون كيفما كان نوعهم على الحاجة إلى الحد من تجاوزات الملكية الخاصة مقابل تقوية الملكية الجماعية، وبصفة عامة، جعل المصلحة العامة دائما فوق المصلحة الخاصة. كما يؤكدون أن تدخل الدولة ضروري لتنظيم التقلبات التي تعرفها السوق الرأسمالية. يتفق الاشتراكيون أيضًا على أن الحق في الديمقراطية الاجتماعية والاقتصادية مهم لجعل المجتمع أكثر مساواة.
واقع التجارب الاشتراكية
بالطبع لا يمكن لهذا المشروع إلا أن يكون ملهما نظريا لفئات واسعة داخل المجتمعات، لكن الواقع المتمثل في الكثير من التجارب الاشتراكية عبر العالم ومدى عجزها عن تحقيق مشروعها المجتمعي وما ولدته من أنظمة قمعية ومستبدة، في سياق تميز بالصراع بين المعسكر الشرقي الاشتراكي والمعسكر الغربي الرأسمالي، رسم صورة مغايرة للتصور النظري الأصلي. ومن هنا لا يمكن أن ننكر أن جزءا كبيرا من اليسار وجد نفسه أمام طريق نظري مسدود، حيث لا يكفي أن يكون نقيضا ومناهضا للرأسمالية دون أن يعبر بشكل واضح عن البدائل الواقعية لها، ويرسم صورة واضحة عن عالم ما بعد الرأسمالية.
ومن جهتهم، يركز خصوم الاشتراكية بشكل أكثر تحديدًا على الآثار والنتائج للسياسات العامة الاشتراكية، عبر تجاربها التاريخية، على الأداء الاقتصادي. حيث يتعلق الأمر باقتصاد اشتراكي توجد فيه وسائل الإنتاج والتوزيع والتبادل في يد الدولة أو تنظمها بشكل صارم، وما ميز هذا الاقتصاد من خلال غالبية التجارب، من ضعف في الإنتاج وصعوبة في توفير حتى أبسط حاجيات الأفراد من المواد الاستهلاكية. اقتصاد تقرر فيه البيروقراطية تخصيص الخدمات والموارد، بدلاً من آليات السوق والأسعار، مع العلم، وهنا تكمن المفارقة، أن لكل دولة أو حكومة جانبها "الاشتراكي" بدرجات متفاوتة، ولا يوجد اقتصاد في العالم يتمتع بحرية تامة.
في حين، حسب نفس التحليل، أن تأثير الحرية الاقتصادية يكون أكبر على الناتج الداخلي الخام ومن خلاله على مستوى الدخل الضريبي والإنفاق العام، ومدى الاستثمار العام وعلى عوامل اقتصادية أخرى. وهذا ما أدى إلى نهج معظم الدول الاشتراكية، بعد انهيار جدار برلين، لاقتصاد السوق أو ما سمي عند البعض باقتصاد السوق الاجتماعي. هذا الأخير يرفض في نفس الآن الشكل الرأسمالي المطلق والاشتراكية الثورية، حيث يقبل بالملكية الخاصة لوسائل الإنتاج مع وضع ضوابط حكومية تحاول تحقيق منافسة عادلة وتقليل التضخم وخفض معدلات البطالة ووضع معايير لظروف العمل وتوفير الخدمات الاجتماعية. وهذا النموذج الاقتصادي والاجتماعي، اعتمد من قبل كثير من الأنظمة الاشتراكية الديمقراطية التي برزت في أوروبا الغربية خلال النصف الثاني من القرن الماضي، وعرف نجاحا نسبيا إلى غاية نهاية هذا القرن، قبل أن يبدأ المد الليبرالي في الإجهاز على العديد من مكتسباته. في نفس الاتجاه اعتمدت الصين ما سمته باقتصاد السوق الاشتراكي الذي يتميز على النموذج الأوروبي بسيطرة الحزب الوحيد على المؤسسات واستمرار أهمية حجم الملكية الجماعية، وتدخل أقوى للحكومة في تنظيم الاقتصاد، وهو نموذج أبرز مزايا عديدة على المستوى الاجتماعي رغم بعض الانتقادات الموجهة له من الغرب من خلال الزاويتين الديمقراطية والبيئية.
هل ما زال للفكر الاشتراكي مستقبل؟
لكن اليوم، وهذا ما تؤكده تداعيات الأزمة الصحية العالمية، ونحن نعيش تفاقم المظاهر السلبية لليبرالية المتوحشة، في ظل نظام رأسمالي معولم أدى إلى تمركز الثروات وتعميق التبعية واتساع الفوارق الاجتماعية وتدمير البيئة ونشر الحروب الإقليمية وتنامي الحركات والأحزاب اليمينية المتطرفة والشعبوية، هل يحق لنا التساؤل، هل ما زال للفكر الاشتراكي مستقبل؟ وهل يمكنه أن يستفيق من الأزمة التي يعرفها ليفتح آفاقا جديدة قادرة على تصحيح الأوضاع؟
لقد أصبحت أزمة الاشتراكية اليوم مسألة شائعة في الفكر السياسي، وهي مقترنة بالعديد من التطورات المعاصرة. خيبات الأمل التي سببتها مشاركة اليسار في السلطة، الانتصار التاريخي لاقتصاد السوق على جميع أشكال الاقتصادات الموجهة، صعوبة بروز نماذج بديلة للتنمية، غياب التنظير لمذهب اشتراكي معاصر... مما يستدعي تجديد النظرية الاشتراكية في الوقت الحاضر لإخراجها من الأزمة التي تعيشها.
فإذا كانت الأزمة الحالية التي يحياها العالم تعطي مصداقية أكبر لمبادئ الاشتراكية، المتمثلة في العدالة والتضامن والانسانية والتقدم الاقتصادي المنظم من لدن القوة العامة، إلا أنها تقتضي أن يقوم الاشتراكيون بإعادة تأسيس ارتباط وثيق بالقيم التي يحملونها.
فأن تكون اشتراكيا اليوم لا يعني تنفيذ سياسات ليبرالية مع إلباسها خطابات تبريرية ومحاولة دغدغة العواطف. أن تكون اشتراكيا اليوم هو أن تكون صاحب رؤية معينة للإنسان وللإنسانية. أن تكون اشتراكيا اليوم يعني الاهتمام بكرامة الإنسان غير القابلة للتصرف. أن تكون اشتراكيا اليوم يعني أيضا أن تكون لك ممارسات سياسية وفقا للمبادئ التي تحملها، دون وعض للآخرين بما لا تستطيع تطبيقه على ذاتك.
الاشتراكيون ليسوا نوعا مهددا بالانقراض
وعلى عكس ما يمكن أن يظنه البعض، فالاشتراكيون ليسوا نوعا مهددا بالانقراض أو نبتة بدون تربة بل لها جذور عميقة فكرا وممارسة. لكن لا يكفي اليوم الاحتفاء بهذا والحنين إلى التاريخ الطويل والجميل، بل يعني أن يكون الاشتراكيون منوطين بمهام جديدة، في مقدمتها إعادة ابتكار أفكار للإصلاح والتقدم، في هذا القرن المتسم بالتيه الفكري والسياسي.
وفي المغرب كذلك، فالوضع السياسي والحزبي، المتميز بتشرذم اليسار وتراجعه وتفككك الكتلة الديمقراطية وتنامي ظاهرة الإسلام السياسي وتزايد الحركات الاجتماعية العفوية مع عدم قدرتها على الظهور في شكل منظم وارتفاع ظاهرة العزوف عن العمل الحزبي والسياسي وصعوبة التمييز بين البرامج وغياب الوضوح الفكري، لا يبشر في الأفق القريب ببزوغ جبهة ديمقراطية قادرة على إرجاع المسلسل الديمقراطي إلى الوتيرة التي عرفتها على الأقل مرحلة التناوب التوافقي.
فلا يمكن الوصول إلى مرحلة ديمقراطية متقدمة في غياب امتداد الإحساس الديمقراطي والعقلية الديمقراطية داخل المجتمع. وهذا يقتضي أن تضطلع القوى السياسية الديمقراطية، ومنها اليسار الديمقراطي، بأدوارها في إذكاء الوعي الديمقراطي وخلق حس سياسي سليم لدى أوسع شرائح المجتمع، وبخاصة الشباب منهم، وأن تساهم في التأطير الواعي والمسؤول للحراك الاجتماعي المطلبي وأن تعزز النضال الديمقراطي من داخل المؤسسات من خلال آليات وأدوات مبتكرة، مع اعتبار المحطات الانتخابية فرصا للتغيير الديمقراطي نحو المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي المنشود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.