يواجه المهاجرون المغاربة في أوروبا ضغوطات كبيرة، فجرت غضب أفراد الجالية وحتى أعلى السلطات في العاصمة الرباط. "" فبعد سعي طرح رئيس الحكومة، خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو، مقترح بشأن العودة الطوعية للمهاجرين المغاربة إلى بلدهم، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها شبه الجزيرة الإيبيرية، وهو ما تحفظ عليه المغرب، تعرض مهاجرون، يقطنون بشكل قانوني، أخيرا، لمعاملة تعسفية واعتقالات وإهانات لفظية وجسدية، لازمتها طلبات ب "إخلاء الأراضي الإسبانية والتخلي عن أوراق الإقامة التي يتوفرون عليها بمقابل مادي يصل إلى 11 مليون سنتيم"، ما جعل أعضاء "جمعية العمال والمهاجرين المغاربة القاطنين في إسبانيا"، المعروفة باسم "أتيمي"، وممثل عن الجمعية الأورومتوسطية لشؤون المهاجرين، يشجبون "الصمت المريب" للحكومة تجاه ما حدث. وتعتزم الجمعية المذكورة مقاضاة حكومة ثاباتيرو، محملة المسؤولية فيما وقع إلى وزارة الداخلية وحكومة بمورسيا. كما دعت، خلال ندوة نظمت في البيضاء، الجمعيات الحقوقية والمدنية إلى التعبئة والضغط على الحكومة بهدف التراجع عن هذه الخطوة. ولم تقتصر الضغوطات على مدريد وحدها، بل امتدت حتى إلى الأراضي المنخفضة، حيث تدرس الحكومة الهولندية إمكانية منع المواطنين المغاربة المقيمين بهذا البلد من حمل الجنسية المزدوجة. هذا الموقف جعل العاهل المغربي الملك محمد السادس يأمر كل من عبد الواحد الراضي، وزير العدل، والطيب الفاسي الفهري، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، باستقبال سجورد لينسترا، سفير هولندابالرباط. وحسب بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، فإن الراضي والفاسي الفهري ذكرا بأنه، "بالنظر لبيعة كافة المغاربة الدائمة للعاهل المغربي، ووفقا للتشريع الجاري به العمل، فإنه لا يمكن الترخيص بإسقاط الجنسية المغربية الأصلية، إلا بشكل استثنائي وبمرسوم فقط، حسب معايير ومحددات موضوعية، تقوم على احترام المشروعية الدينية العريقة، والشرعية السياسية والقانونية". ويثير موضوع إجبار الحكومة الهولندية المواطنين على التخلي عن جنسياتهم الأصلية الكثير من ردود الفعل، ليس فقط في الأوساط المغربية، بل أيضا داخل عدد من البلدان، التي تنص دساتيرها وقوانينها على أن مواطنيها يظلون حاملين لجنسياتهم الأصلية، رغم حصولهم على جنسيات دول أخرى، ويبلغ عدد هذه الدول حوالي 17 دولة، منها المغرب، ما يضع الدولة الهولندية أمام إشكالية لا يمكن حلها داخليا، لارتباطها بدول أخرى لها دساتيرها وقوانينها، وبالتالي، فالموضوع يعكس، في جوهره، مساسا بسيادة تلك البلدان، التي يوجد مواطنوها في هولندا، التي يفوق فيها عدد الذين يحملون الجنسية المزدوجة مليون نسمة، ومعظمهم من المغاربة والأتراك والأكراد. ويعيش المهاجرون في بلجيكا أوضاع غير مستقرة أيضا، إذ شارك العشرات من الأشخاص ببروكسيل، في تجمع للمطالبة بتسوية وضعية المهاجرين غير المتوفرين على وثائق إقامة، والضغط على الحكومة البلجيكية التي تجتمع اليوم لتدارس ملف الهجرة. وعبر ممثلو النقابات، الذين دعوا إلى هذا التجمع، عن "قلقهم" إزاء الحالة الصحية للمهاجرين في وضعية غير قانونية، الذين يواصلون خوض إضراب عن الطعام، مؤكدين على ضرورة التسريع بايجاد حل لهذه الوضعية. وبدأت لجنة وزارية مصغرة اجتماعا مخصصا لتدارس، على الخصوص، الدورية التي ستحدد معايير تسوية وضعية المهاجرين غير القانونيين، والهجرة الاقتصادية ومدونة الجنسية. ويشكل المهاجرون المغاربة في الخارج نسبة 10 في المائة من سكان المغرب، ويساهمون بنسبة 37 في المائة من ادخار البنوك المغربية، ويتوزعون على بلدان العالم، وعددهم ارتفع من 1 مليون و200 ألف سنة 1994 إلى 3 ملايين و400 ألف مهاجر ومهاجرة سنة 2007، دون احتساب الأطفال، الذين تقل أعمارهم عن 16 سنة. وتأتي هذه التطورات بعد شهور من تشكيل المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج، الذي يرأسه إدريس اليزمي. ويطلع المجلس باختصاصات واسعة، تجعل منها قوة اقتراحية، تعنى بكل القضايا والسياسات العمومية التي تهم المغاربة المقيمين بالخارج، ولاسيما منها الدينية والثقافية والمسائل ذات الصلة بالهوية وبالدفاع عن حقوقهم، وتعزيز إسهامهم الوازن في تنمية قراهم ومدنهم الأصلية ووطنهم الأم وتوسيع إشعاعه الدولي، وكذا في تمتين روابط وطنهم الأصلي المغرب ببلدان الإقامة. وتتمثل المهمة الملقاة على عاتق فريق إدريس اليزمي في الانكباب على "إنضاج التفكير"، في أفق إجراء انتخابات خلال الأربع سنوات المقبلة، وفقا لقواعد الممارسة الديمقراطية. وتعكس أول هيكلة للمجلس الذي يتوفر على عدد من الأجهزة الاستشارية، من بينها الجمعية العمومية والمكتب والكتابة العامة ومجموعات العمل، توزيعا جغرافيا متوازنا، بمساهمة كافة الأجيال في المهجر.