وافق المغرب على ترحيل آلاف المغاربة من إسبانيا، في إطار ما تسميه حكومة مدريد ب«العودة الطوعية». فقد أشار وزير العمل والهجرة الإسباني، ثيليستينو كورباشو، يوم أول أمس، إلى أن نظيره المغربي جمال أغماني، وزير التشغيل والتكوين المهني، «رحب بشكل جيد» ببرنامج الحكومة الإسبانية بخصوص «تشجيع» عودة المهاجرين المغاربة إلى بلدهم الأصلي. تصريحات الوزير الإسباني جاءت في أعقاب الندوة الخامسة حول الهجرة بحوض المتوسط الغربي والمنعقدة بمدينة إيفورا البرتغالية يومي 26 و27 ماي الجاري، حيث أفاد كورباشو بأن الوزراء وافقوا على الاجتماع في المغرب قبل شهر غشت المقبل لدراسة وشرح «الخطة» التي انتهجتها الحكومة الإسبانية بشأن عودة المهاجرين المغاربة إلى بلدهم. وعرضت إسبانيا على بقية ممثلي دول أوربا والبحر الأبيض المتوسط، أو ما يطلق عليه بمجموعة (5 + 5)، «برنامج الحوافز» للعودة النهائية إلى البلد الأصل، وهو البرنامج الذي سبق لوزيرها في الهجرة أن استعرض خطوطه العريضة في البرلمان الإسباني. وأضاف الوزير الإسباني في الهجرة أنه شرح لنظيره جمال أغماني، خلال أطوار منتدى مجموعة (5+5)، «الحوافز» التي طرحتها إسبانيا على المهاجرين الذين سيتم ترحيلهم إلى المغرب حتى لا يتم «خلق بعض الشكوك» بخصوص خطة العودة، لأن إسبانيا، على حد قوله، لا تريد طرد المهاجرين بقدرما هي عملية «عودة طوعية». وأفادت مصادر برلمانية إسبانية «المساء» بأن الحكومة الإسبانية «تنوي جمع مستحقات تعويض البطالة للمهاجرين لتسهيل عملية عودتهم إلى ديارهم بسبب عدم وجود مناصب شغل لهم، وفسرت ذلك بالأزمة الحالية في بعض القطاعات التي تخلف الكثير من العاطلين، مثل قطاع العقار الذي تراجع بقوة خلال السنة الجارية». وأشار الوزير الإسباني في الهجرة، الذي وصفته يومية «أ.ب.س» في عددها ليوم 26 من الشهر الجاري بكونه «يتبنى كل مرة خطابا قويا ضد الهجرة»، إلى أن حاجة إسبانيا السابقة إلى المهاجرين بسبب ازدياد الطلب عليهم للعمل في قطاع البناء والتشييد، أصيبت مؤخرا بركود كبير أثر بشكل ملموس على وضعية المهاجرين. مصادر أخرى من الحزب الاشتراكي الإسباني الحاكم أكدت ل»المساء» أن برنامج عودة المهاجرين المغاربة تم التهييء له منذ إعلان رئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو عن تقديم بلاده إعانات إلى المهاجرين الذين يرغبون في العودة إلى بلدانهم الأصلية، حيث سبق لثاباتيرو أن صرح في التلفزيون الحكومي بعد فوزه في الانتخابات العامة بأن «أول إجراء ينبغي اتخاذه هو الموافقة على الخطة التي قام بتقديمها والتي تشير إلى «تجميع كل ما يستحقه المهاجر من منحة البطالة ومنحه إياها دفعة واحدة»، إضافة إلى قروض صغيرة»، مما يشكل حافزا اقتصاديا جيدا، حسب قول ثاباتيرو، يمكن المهاجر من العودة إلى بلاده وتأسيس مشروع خاص يكفل له العيش داخل وطنه. ويعاني حاليا أغلبية المهاجرين المغاربة في إسبانيا من البطالة الفظيعة نظرا إلى تراجع سوق العقار والبناء، بعدما كان أغلب المهاجرين يعملون في ذلك القطاع، لكونه كان يوفر لهم دخلا شهريا جيدا مقارنة بالأعمال الأخرى. وأضافت مصادرنا أن دول الاتحاد الأوربي السبع والعشرين بدأت تدرس طرد أكثر من ثمانية ملايين مهاجر غير شرعي بأوربا». فقد انطلقت المفوضية الأوربية في بروكسيل منذ 5 ماي الجاري في صياغة مسودة تشريع لاعتمادها من قبل الدول الأعضاء، وهي تقنن بشكل صارم وجود المهاجرين الأجانب في أوربا وتحدد إطارا قانونيا لإبعاد تلقائي للمهاجرين الذين يصلون الأراضي الأوربية بشكل غير شرعي. وتوضح المصادر ذاتها أن التشريعات الجديدة المقترحة ستخول لسلطات الأمن الأوربية اعتقال المهاجرين بشكل غير شرعي إلى فترة تصل إلى عام ونصف العام في إطار عمليات الترحيل المنظمة نحو بلدانهم الأصلية. كما سينص القانون على حرمان أي مهاجر غير شرعي يتم طرده من أوربا من العودة مجددا إلى الدول الأوربية لفترة خمس سنوات على الأقل، فيما ستسمح تشريعات المفوضية الأوربية باعتقال المهاجرين القاصرين. إسبانيا تتوعد بتشديد الخناق على الهجرة السرية قالت الحكومة الإسبانية إنها ستجعل من الهجرة السرية مسألة صعبة، وستفرض مزيدا من الإجراءات التي تحد من هذه الظاهرة. وهدد وزير العمل الإسباني، سيليستينو كورباتشو، بأن أي مهاجر يدخل إسبانيا بطريقة سرية لن يطمح أبدا إلى تسوية وضعيته القانونية في البلاد. وقال الوزير الإسباني، خلال المؤتمر السادس حول الهجرة في حوض المتوسط «5+5»، إن إسبانيا هي لصالح الهجرة، غير أنها تدعو إلى أن تكون هجرة شرعية. وأضاف خلال المؤتمر الذي انعقد في مدينة إيفورا البرتغالية وحضره المغرب أيضا، إن إسبانيا ستعتمد جميع الوسائل من أجل جعل الهجرة السرية أصعب من ذي قبل. وأشار المسؤول الإسباني إلى أن بلاده تراهن على وقف سيل الهجرة السرية، ليس فقط من أجل ردع المهاجرين السريين عن القدوم إلى إسبانيا، بل لأن الواقع الاقتصادي والاجتماعي في إسبانيا لم يعد كما كان من قبل. وقال إن قطاعات اقتصادية مهمة في إسبانيا أصبحت تعرف تراجعا، مثل قطاع البناء الذي كان يجتذب نسبة مهمة من المهاجرين. واعتبر المسؤول الإسباني أن حاجة بلاده إلى مزيد من المهاجرين خلال السنوات المقبلة لا ينبغي أن تكون دافعا إلى تشجيع المزيد من المهاجرين السريين للقدوم إلى إسبانيا، وأن الطريقة الوحيدة لسد تلك الحاجة هي «الهجرة بطريقة شرعية». وأشار إلى أن بلاده تلتزم بعدم إعادة المهاجرين السريين الذين يصلون إسبانيا إلى بلدانهم الأصلية إذا كانت أرواحهم مهددة هناك بسبب خروقات حقوق الإنسان.