معاناة مستمرة يقاسيها آلاف من المغاربة المنتشرين بشوارع المملكة، في ظروف مناخية جد قاسية، تشهدها البلاد بسبب البرد القارس وتهاطل الأمطار، التي تجعلهم في مواجهة مباشرة مع الطبيعة، دون أدوات تقيهم أمراضا ومشاكل ممكنة. وفي مختلف مدن المغرب، يوجد متشردون بأعداد متفاوتة، وبأعمار سنية وأجناس متفرقة، تحاول جمعيات ومؤسسات حكومية توفير المأوى لهم، خصوصا في فصلي الخريف والشتاء؛ لكن ذلك يظل غير كاف أمام العدد الكبير المنتشر من هذه الفئة من المواطنين. ويوجد بالمغرب أزيد من 4 آلاف مشرد، منهم 250 طفلاً، يجوبون شوارع المملكة، وفق أرقام رسمية لسنة 2018؛ في حين تقدر جمعيات مدنية عدد أطفال الشوارع ما بين 30 و50 ألف طفل، تتعقد مهمتهم حسب ظروف ومدن المكوث. ومن شأن الظروف المناخية التي خلفت خسائر على مستوى البنيات التحتية أن تدفع بالمشردين إلى البحث عن أماكن تأويهم، خصوصا بعد استمرار موجات البرد وهطول الأمطار خلال ساعات الليل؛ ما يحرمهم من النوم بشكل مطلق. عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، أورد أنه حين تشتد الأمطار والبرد القارس تنتشر أخبار وجود جثة مواطن متشرد هلك بسبب البرد؛ لكن حاليا نلاحظ تدابير اتخذت من أجل إيواء المشردين، بدل تركهم يتسكعون في الشوارع. ويعتقد الفاعل الحقوقي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن مؤسسات الإيواء غير قادرة تماما على استيعاب الأعداد الكبيرة من مشردي الشوارع؛ بل هناك مدن لا تتوفر نهائيا على مراكز للإيواء. لذلك، هناك فئة من المشردين من دخل عنوة إلى بيوت أو محلات مهجورة، وممثلو السلطات تسامحوا معهم. وأضاف رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان أن ظروف الطوارئ بسبب جائحة فيروس "كورونا" ساهمت بشكل ما في البحث عن مأوى للمشردين. كما أن جمعيات خيرية عديدة في كثير من المدن لعبت دورا كبيرا في إطعام وكسوة وحتى إيواء بعض المشردين، كما هو الشأن بالدار البيضاء وطنجة، وهذه مبادرات إنسانية لافتة، تعكس مدى تلاحم المغاربة فيما بينهم؛ لكن مطلوب التذكير بأن كثيرا من المآسي تقع، خاصة في بعض المناطق الجبلية النائية، ولا يلتفت لها أحد، يردف الحقوقي المغربي. وأكمل الخضري: ما يجب فعله هو تحسين أداء المرافق الاجتماعية الخاصة برعاية المشردين، خاصة المسنين منهم، ودعم أداء ومبادرات المجتمع المدني، مع تكثيف دوريات المراقبة ورصد الحالات المنعزلة لبعض المشردين، المرضى عقليا.