"لا يمكن أن تعولوا منذ الآن على العمل العسكري لتحقيق أي مكاسب في الصحراء، لأن موازين القوى العسكرية ليست في صالحكم تماما"، هكذا تحدث "بيدرو ألتاميرانو"، الناطق الرسمي باسم المجموعة الدولية لدعم الصحراويين، قبل أن يضيف موجها كلامه لجبهة البوليساريو: "لم تعد هناك أية إمكانية للنصر من خلال الحرب"، وقد تأسف الرجل على حال المغرر بهم في "حرب مزعومة"، بينما قادة الجبهة "يعيشون في ظروف جيدة إما في منطقة فيكتوريا بضواحي مدينة برشلونة الإسبانية أو في العاصمة الفرنسية باريس"، حسب قوله. وليس هذا الصوت الأوروبي الوحيد الذي اختار التنبيه إلى انزلاقات البوليساريو؛ فقبل أسابيع، استقال البرلماني الألماني خواكيم شوستر من رئاسة ما يطلق عليه "المجموعة المشتركة للصحراء الغربية"، بعد "تبجح" الميليشيات بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، وقد قال في رسالته إلى زملائه من البرلمانيين الأوروبيين: "أعتبر أن انتهاك وقف إطلاق النار خطأ استراتيجي خطير. ولا أرى كيف يمكن أن يساعد ذلك في تحفيز حل سلمي للنزاع، بل أرى في ذلك تصعيدا من شأنه تأجيج هذا الخلاف بشكل كبير. ولا أعتقد أن هذا يخدم مصالح الساكنة الصحراوية". حمل السلاح في وجه العالم من طرف البوليساريو، خاصة بعد اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء، شبيه بالانتحار، ومقدمة لهزيمة شنعاء، وميليشيات البوليساريو تعرف أكثر من غيرها مدى صرامة الجيش الملكي المغربي في حماية الحدود، ومع ذلك تواصل الجبهة الدعاية لغارات ومعارك وهمية، وهي تلقي القنابل فوق رؤوس قاطني تندوف. وقد تكون الدعاية للحرب فرصة أخرى لمزيد من التنكيل بالصحراويين واحتجازهم، بدعوى حالة الطوارئ الناتجة عن إطلاق النار من جانب واحد. ولا حدود للجنون في الجهة الأخرى، حيث تطلق الجارة الجزائر العنان لمهاجمة الأممالمتحدة، فقط لأن أمينها العام يحاول التسريع بتعيين مبعوث جديد للأمم المتحدة إلى الصحراء، والجنون نفسه هو الذي يجعل مواقع البوليساريو تروج لمعارك وهمية ضد الجيش المغربي، والواقع أن تلك المعارك الإعلامية تقع كلها خلف الجدار الذي بناه المغرب، لتأمين ترابه ولتأمين مناطق عيش الساكنة. وفي جميع الحالات، يبقى الموقف المغربي واضحا؛ فهو بقدر "تشبثه الراسخ بوقف إطلاق النار"، يظل متشبتا بالحزم ذاته ل"الرد بأكبر قدر من الصرامة، وفي إطار الدفاع الشرعي، على أي تهديد لأمن وطمأنينة مواطنيه"، وهذا الكلام أكده الملك محمد السادس في اتصال هاتفي بينه وبين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. هي إذن دعوات تتبلور في مختلف أنحاء العالم للبوليساريو من أجل إلقاء السلاح، والدخول في رحمة الوطن، بدل الارتماء في حقل المجهول. لكن الجبهة تواصل الترويج لأكاذيب وشروط تعرف مسبقا أن العالم لا يقبل بها، ومن ذلك شرطها الاعتراف بالكيان الوهمي كدولة، وهو ما روجت له وكالة الأنباء الجزائرية. إن أكبر خطر يهدد قادة البوليساريو وينذر بمزيد من التشرد للمغرر بهم، هو تصديق الدعاية الكاذبة، لأن الواقع اليوم هو أن الجبهة على حافة الطرد من الاتحاد الإفريقي، وعلى حافة الطرد من رحمة الوطن، فارحموا أنفسكم لأن الوطن مازال غفورا رحيما حتى الآن.