كاتب من زاكورة، من مواليد 1978، تخرّج من جامعة ابن زهر بأكادير. شارك في ملتقيات أدبية داخل المغرب وخارجه وحصل على جوائز عربية مهمة. ونشر قصصا في "أنطولوجيات" عربية وعالمية باللغتين الفرنسية والانجليزية.. عبد العزيز الراشدي، صاحب زقاق الموتى ، بدو على الحافة ويوميات سندباد الصحراء ومطبخ الحب. يتحدث في هذا الحوار عن هموم الكتابة وواقع المشهد الثقافي المغربي ورياح التغيير وغير ذلك.. في البداية، هل من الممكن أن نعرف ماذا تعني الكتابة بالنسبة لك؟ الكتابة هي الماء و الأحلام، إذا استعرنا عنوان كتاب "غاستون باشلار". إنّها، بالنسبة لي، خروج الروح من الطريق المظلم إلى رحابة الضوء، وهي الإنزال و التخفّف؛ فأنا من خلال الكتابة أعيش الحيوات الممكنة والمستحيلة، وأنتقم عبرها من خساراتي. يكون الإنسان مغمورا بمشاكل الحياة، وتفاهتها، وتفاهة بعض الثقلاء، فتصفّي الكتابة قلبه. حين يفترسك اليومي تنتهي إلى الكتابة لتُنظّف الروح. وحين أتحدث عن الكتابة، أنسى نظرية الأدب وكل المنظرين لأنني أعرف أهمية أن تتحدث دون قيود حين يتعلّق الأمر بهذا الكائن العجيب الذي اسمه الكتابة.. يعني أنك سارد بالفطرة؟ في طفولتي كنت خجولا، لم أكن حكاءً جيّدا. وعندما بدأت أكتب، كثيرا ما وجد الأصدقاء في سردي مراوغات وهروبا من الحكاية. برّرتُ ذلك أحيانا بانتمائي إلى التجربة الحديثة التي لا تُلقي بالا للحكاية ولا تجعلها العصب الوحيد للكتابة، وأحيانا أخرى برّرْتُ الأمر بانتباهي إلى اللغة أكثر. لكن مع الوقت، تبيّن لي أن ما سمعته من حكايات وقصص في طفولتي يُعدّ خزانا عميقا وكبيرا لا بد من استعماله، لذلك بدأتْ نصوصي الأخيرة تتهذّب ولا تبني أساسها على اللغة فقط، بل تسعى إلى طرق أبواب الحكي. قد أكون ساردا بالفطرة، لكني لم أكتب بعد النص الذي أطمح إلى كتابته.. هل ترى أن واقع الكتابة المغربية بخير؟ ولماذا؟ في ما يتعلّق بالانتاج، فواقع الكتابة المغربية بخير إلى حدّ بعيد، فالكتّاب يكتبون والنصوص تُنشر. المشكلة في المشهد الثقافي الذي يعكس المشهد السياسي الرديء. لهذا ينبغي التفكير في سياسة ثقافية تتخطى الحدود الضيّقة التي وضعها السياسيون وتصل إلى بناء شخصية ثقافية مغربية تظل راسخة مهما تغيّرت الأهواء السياسية..إن الكاتب المغربي يبذل الجهود دائما للدفاع عن النصّ المغربي، لكن هل يعينه مناخ النشر والتوزيع بالبلد على ذلك؟ المؤسسة الثقافية المغربية لا تلعب أدوراها كاملة ولا تنوي لعب دورها في المستقبل القريب. مطبخ الحب، آخر اصداراتك، كيف تلقاها المشهد الثقافي؟ وماذا تكتب هذه الأيام؟ لقد راقني الاحتفاء والاهتمام بروايتي "مطبخ الحب"، كان مفيدا جدا أن يهتم بها القراء ويولوها العناية، وهو دفع معنوي ورمزي للكاتب. أما النصّ الذي أكتب هذه الأيام فهو عمل روائي عن أمريكا بعنوان" الرقص مع جيفارا"، سأتحدّث عن تفاصيله في حينه. هل وصلت بعض رياح "الربيع العربي" إلى المؤسسات الثقافية المغربية؟ ما يجعلني مرتاحا هو أن الهوامش، استلمت المشعل منذ فترة وبدأت تشتغل بدأب بعيدا عن مؤسسات المركز التي تستفيد من الحظوة والإعلام ويتمّ تركيز الضوء عليها لكن تنهشها الخلافات والكسل ولا تُنتج الكثير. مؤخرا زُرت مرتيل لتقديم روايتي "مطبخ الحب" ورأيت الاحتفاء والمحبة، وهو ما حصل لي في بوجدور وورزازات وهوارة وزاكورة وفي هوامش كثيرة. اعتقد أن مستقبل المغرب الثقافي في الهوامش، وأن أطراف المغرب الآن تُنتج الثقافة وتستلم الريادة. هل هناك من دور للكاتب وللمثقف عموما في الظروف الراهنة؟ دور المثقف أن يكتب ويقرأ ويُنتج، وألاّ ينتبه لدعاوى الموت التي يُطلقها معدومي الضمير، الذين يحاولون بثّ البؤس في النفوس ليستفيدوا. أنا ضدّ البكاء، فنحن نمتلك بلدا جميلا، وشعبا يطمح للحياة الكريمة، أما تدني مستوى القراءة الذي نشكو منه صبح مساء فإن سببه الجوهري هو غياب المؤسسة الثقافية وسياسة الدولة التي لا تهتم بالثقافة. لكن سببه أيضا، غياب المثقف وكسله، إذ لم يعد المثقف فاعلا يقوم بدوره، لقد أصبحت لديه نرجسية خاوية، لأنّه يريد أن يظل في بيته فتتنزّل عليه الدعوات والاحتفاء كأنّه نبي(مع أن الانبياء أنفسهم أُهينوا وعُذّبوا). أعتقد أن مهمة المثقف اليوم هي أن يكون فاعلا ثقافيا وأن ينزل إلى الملعب ليصارع الخواء والابتذال والتطرف والتفاهة وأن يزاحم الجميع ويدافع عن موقعه وألا يعتقد أنه أفضل من أي كان أو أقلّ منه. هل للثقافة المغربية إشعاع خارجي؟ للثقافة المغربية إشعاع كبير، خصوصا في المشرق. الكتاب المغربي مطلوب في كلّ الأقطار العربية، ودور النشر تتهافت على الفكر المغربي والنقد المغربي لأنّه أكثر رصانة وعلى الابداع المغربي كذلك لأنّ المبدع المغربي أصيل ويشتغل. المثقف المغربي حاضر أيضا في الندوات والمنتديات الثقافية، لكن للأسف، إذا قارننا هذا الاحتفاء بالايقاع المغربي سنجد بأنّ مطرب الحي لا يُطرب. فالاهتمام بالثقافة المغربية داخل البلاد لا يزال موضع مساءلة. أنت مدير ملتقى أكادير للرواية، ما هو موضوع الملتقى هذه السنة؟ وهل اضاف الملتقى شيئا للساحة؟ نعم، لقد أضاف الملتقى، في رأيي، الكثير للمشهد الثقافي المغربي والجهوي، إذ عرفت دوراته السابقة حضور أسماء أدبية وازنة من المغرب ومن مختلف الدول، وهذه السنة ستكون نوعية، حيث سيحضر كتاب من دول عربية عديدة ومن أمريكا وفرنسا. موضوع هذه السنة هو روايات الحب والجسد، وسنسعى للنهوض بالملتقى ليصبح علامة مغربية وأكاديرية بامتياز، لأنّ أكادير تستحق ملتقى ثقافيا كبيرا يتموقع إلى جانب ملتقياتها ومهرجاناتها في مختلف المجالات.