النزاع ما بين وزير الشباب والرياضة ومجموعة من الشبيبات الحزبية وصل مداه بالتصريحات والتصريحات المضادة، فقرار أوزين التراجع عن المنحة العمومية التي تعطيها الدولة لفائدة الهيآت الشبابية والبالغة قرابة 120 ألف درهم لكل شبيبة، لم يمر مرور الكرام، على اعتبار أن هذا الدعم يعتبر المورد الرئيسي للكثير من الشبيبات قصد الاستمرار في الاشتغال، خاصة تلك التي تنتمي إلى أحزاب غير ممثلة في البرلمان وتقوم بأنشطة متنوعة.. الشبيبات الحزبية الخمس عشر، المنضوية تحت لواء ما يسمى ب"الهيئة الوطنية للشباب والديمقراطية"، حررت بيانات استنكارية ضد سياسات الوزير الحركي الذي خرج مؤخرا بتصريح قوي قال فيه: "إن بعض هذه الشبيبات، خاصة "حشدت" تريد الاستفادة من الريع، رغم ادعائها محاربته"، وهو التصريح الذي صب النار على الزيت، وأشعل غضب حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية، الجناح الشبابي لواحد من أكثر الأحزاب معارضة لسياسات الدولة في الفترة الأخيرة، ويتعلق الأمر هنا بالحزب الإشتراكي الموحد. تستضيف هسبريس، أشرف مسايح، عضو المكتب الوطني لحشدت، وممثلها بالمكتب التنفيذي داخل الهيئة الوطنية للشباب والديمقراطية، لكي يحدثنا عن الأزمة التي تعصف حاليا بالعلاقة بين الشبيبات الحزبية ووزارة الشباب والرياضة، ويعطي رأيه في نقاش يبدو أنه يدور ظاهريا حول المنحة، في حين أن ما خفي كان أعظم، فخلف هذا الجدل، قد تختبئ الكثير من الجزئيات الإيديولوجية والعديد من الحسابات السياسية المتداخلة. في واحد من البيانات الأخيرة للهيئة الوطنية للشباب الديمقراطية، ذكرتم أن الوزير أوزين ينتقم منكم، أين يتجلى هذا الانتقام؟ يتجلى هذا الانتقام في إقدام الوزارة على رفض كل طلباتنا للاستفادة من مراكز الاستقبال التابعة لوزارته من أجل تنظيم بعض الأنشطة على غرار باقي تنظيمات الشبابية و الجمعيات، بل إن الوزير تمادى أكتر من هذا حين منعنا من عقد مؤتمرنا الوطني بمركب بوزنيقة رغم الطلبات المتكررة التي قدمنها مند شهر ماي من سنة 2012 الى يومنا . ما أسباب ما تسمونه انتقاما؟ بعد تقييم موضوعي لطبيعة تعاطي الوزارة والمكلف بتدبيرها، استخلصنا أن الانتقام من حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية، شبيبة الحزب الاشتراكي الموحد، يرجع إلى مواقفنا المبدئية من كل القضايا التي تهم الشأن الشبابي والسياسي الوطني، وكذلك التزامنا الصادق بمساندة حركة20 فبراير والانخراط فيها والدفاع عن مطالبها الأساسية في التغيير الديمقراطي التقدمي ورفع الظلم والمطالبة بالحرية وضمان شروط العيش الكريم، واعتبارنا لمسار الحركات الاحتجاجية الذي ضحت من أجله أفواج من المناضلين و المناضلات و قدمت تضحيات جسيمة حتى لا تتكرر نماذج من أمثال أوزين على رأس مؤسسات هذا الوطن الحبيب . ينضاف إلى هذا كوننا التنظيم الشبابي الوحيد الذي رفض المشاركة في مهزلة ما سمي ب"الحوار الوطني مع الشباب حول "المجلس الاستشاري للشباب والمجتمع المدني" و"الإستراتيجية المندمجة للشباب" لأنه في تقديرنا، حوار مغشوش، يفتقد لمقدمات وشروط الحوار الديمقراطي القائم على تدارس المشاكل الحقيقية لعموم الشباب المغربي التي أعلن عنها إلى جانب كل القوى الديمقراطية و التقدمية في نضاله بحركة 20 فبراير المجيدة. وأضيف، أن التضييق الذي نتعرض له اليوم، ليس إلا حلقة من مسلسل سياسة القمع التي نهجها النظام المغربي ضد الشبيبة المغربية المطالبة بالتغيير، ويكفي أن نشير، هنا، إلى عقود الجمر و الرصاص المخزني ضد شباب/ زهور هذا الوطن، وما يحدث حاليا من سجن مناضلي 20 فبراير بعد محاكمات صورية تفتقد للحد الأدنى لشروط المحاكمة العادلة، وفقا لشهادات منظمات حقوقية دولية. هل للأمر علاقة بين حزبي الحركة الشعبية والحزب الاشتراكي الموحد؟ من المهم أن نشير إلى أن الحزب الاشتراكي الموحد يعتبر الأحزاب الإدارية بمختلف تلاوينها، مجرد حزب واحد يخدم مصالح النظام القائم، لكن المؤسف، في الزمن السياسي المخزني الرديء، هو "شجاعة" من تربى في أحزاب أفسدت الوطن والمواطنين فأصبح يعطي الدروس لمناضلي تنظيمات قدمت تضحيات جسيمة من أجل المغرب الحر، فحزب بنسعيد أيت ايدر الذي تصدى للاستعمار و للاستبداد بالكفاح المسلح و بالنضال السياسي الملتزم لا يطرح للمقارنة مع أحزاب كان أعضاؤها مجرد خدام أوفياء للاستبداد. من المفروض في السيد الوزير، أن يكون وزيرا لجميع الشباب بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية و الإيديولوجية، فبدل أن يعمل على الوفاء بالتزامات وزارته وأن يعمل على تحسين وتطوير القطاع خصوصا أنه يدعي قدومه من منظمة شبابية وطنية وبالتالي معرفته بطبيعة الإشكالات والمعيقات التي تواجه قطاع الشباب، نجده على العكس من ذلك، يفضل خوض الحروب هنا وهناك قصد إخفاء فشله في تدبير القطاع؛ إنها محاولة يائسة للبروز ولتجميل الوجه بالمساحيق. وللأسف، يحدث هذا في زمن ثورات الشباب العربي والمغاربي، وفي زمن حركة 20 فبراير المجيدة التي خرجت تطالب برحيل أمثال هؤلاء المسؤولين الذين يعتقدون أن مؤسسات الدولة هي جزء من ممتلكاتهم. قال أوزين إنكم تريدون الاستفادة من الريع بما أنكم ترغبون في منحة غير قانونية، كيف تردون؟ من تربى في الريع وعلى الريع يخال كل شيء ريعا، خرجة السيد الوزير لا تليق بمسؤول سياسي في مغرب ما بعد عشرين فبراير، فقد أظهر ضعفا كبيرا بتصريحاته واكتشفنا أنه لا يعلم أن هناك اتفاقية شراكة بين وزارته والهيئة الوطنية للشباب والديمقراطية، وكذا اتفاقيات شراكة ثنائية تجمع الوزارة الوصية بكل شبيبة على حدة وقعت مع الوزير السابق وأعيد توقيعها معه هذه السنة حين طَلب منا بنفسه عن طريق الهيأة الوطنية للشباب والديمقراطية إعداد الملفات القانونية الخاصة بكل تنظيم شبابي قصد الحصول على منحة التسيير المتأخرة لسنة 2012. لقد نسي أو تناسى السيد الوزير أننا لا نتعامل مع شخصه بل نتعامل مع المؤسسات فرحيل السيد منصف بالخياط و قدومه هو لا يغير في الاتفاقيات والالتزامات شيئا، ثم إن الوزير عبّر عن تناقض واضح وخطير حين صرح بلا قانونية الاتفاقية وصرف في نفس الوقت المنحة لشبيبتين اعتمادا على ذات الاتفاقية، معللا الأمر بخطأ وقعت فيه مديرية الشباب والطفولة، وهو تبرير مردود عليه لأن الآمر بالصرف هو السيد الوزير نفسه، ثم كيف يفسر تقديمه لتقارير حول هذه المنح أمام البرلمان ولجانه المختصة خلال مناقشته لميزانية وزارته؟ طيب، نفهم من كلامكم أن وزارة أوزين تحابي شبيبات معينة، من هي هذه الشبيبات؟ السيد أوزين منح شبيبتين حزبيتين حكوميتين هما الشبيبة الاشتراكية التابعة لحزب التقدم والاشتراكية وشبيبة العدالة والتنمية، وهذا دليل على أنه متحيز لشبيبات التحالف الحزبي المكون لحكومة الواجهة التي هو أحد وزرائها، وإن كان لم يمنح شبيبة حزبه والشبيبة الاستقلالية فذلك راجع لأسباب معروفة . المتأمل لأنشطتكم التخييمية خاصة المخيم الصيفي بطنجة في رمضان الماضي، يدرك كيف أن "حشدت" تعاني ماليا عكس بعض الشبيبات الحزبية التي تنظم أنشطة فيها نوع من الرفاهية، ما السبب في هذا الأمر؟ الأمر بسيط هو حرماننا الدائم من مراكز التخييم و الاستقبال الجيدة وكذا المنح المالية القانونية التي تستفيد منها باقي التنظيمات، بل إن وزارة الشباب لا تخجل في تمويل أنشطة بعض الجمعيات المغمورة والصفراء بمبالغة مالية كبيرة في حين تقفل الباب في وجهنا ووجه باقي التنظيمات التقدمية. لهذا فنحن نعتمد في تنظيم كل أنشطتنا على تضحية مناضلينا لا غير، ورغم الإكراهات المادية الضاغطة، فإن حشدت تحاول تتويج أنشطتها السنوية بالفروع و الجهات بتنظيم ملتقيات وجامعات للتكوين وللنقاش السياسي العام. هل ستقومون بالتصعيد ضدا على قرارات الوزير أوزين؟ كما قلت سابقا السيد أوزين حرمنا من منحة التسير وهي حقنا القانوني بموجب اتفاقية الشراكة الموقعة، هذا مع العلم أن الشبيبات الحزبية دوما استفادت من هذه المنحة حتى من دون هذه الاتفاقية، و لم يسبق لأي وزير أن أقدم على مصادرتها أو تلاعب بها كما فعل هو، كما حرمنا من تنظيم مؤتمرنا الوطني السادس بأحد الفضاءات العمومية المملوكة للشباب المغربي ولم يكلف نفسه عناء الرد علينا او تبرير رفض مصالح وزارته لطلباتنا المتكررة . وعليه فنحن في "حشد التقدمية " مستعدون لخوض كل الأشكال النضالية الممكنة لانتزاع حقنا، وفي هذا الصدد سننفذ وقفة احتجاجية إنذارية أمام الوزارة ستتبعها عدة خطوات نضالية غير مسبوقة في الزمان والمكان سيتم الإعلان عنها في حينها هذا بالإضافة إلى أننا سنرفع دعوى قضائية ضد وزارته . تضامنت شبيبة العدالة والتنمية معكم، هل هذا الموقف يعبر عن تقارب ممكن بينكما عكس ما هو واقع بين الحزبين على المستوى السياسي؟ تضامن شبيبة الحزب الحاكم معنا هو موقف يحسب لها (ونردوه ليها فساعة الخير كيف تيقولو)، لكنه لا يعبر عن أي نوع من أنواع التقارب بيننا ودليلنا على ذلك هو رفضنا مؤخرا التوقيع على بيان مشترك لعدة لشبيبات (من بينها شبيبة العدالة والتنمية) ضد مواقف أوزين الأخيرة، فبرغم من أن المعركة واحدة، إلا أننا لا نتحالف إلا مع التنظيمات السياسية التي لنا معها قواسم مشتركة وهي شبيبات تحالف اليسار بالدرجة الأولى تليها باقي الشبيبات الديمقراطية و التقدمية وشبيبات الكتلة الديمقراطية سابقا. الحزب الاشتراكي الموحد الذي تنتمي إليه شبيبتكم قاطع الانتخابات الأخيرة وكذلك الدستور، ألا ترون أن مطالبكم بالاستفادة من دعم الدولة قد لا تكون معقولة ما دمتم لا تؤمنون بسياساتها؟ إننا لا نتوسل من الدولة، بل نطالب بحقنا، وفق معايير واضحة، من الدعم المرصود من الميزانية العامة، كما أن حرماننا من الدعم على أساس موقفنا السياسي، كما هو حاصل الآن، هو تأكيد على أن المغرب لم يقتحم بعد الديمقراطية القائمة على الاعتراف وضمان حق المعارضة. نعم، نحن في حشدت نناضل ليس ضد السياسة الرسمية، وإنما نناضل بصدق ضد بنية نظام التسلط والاستبداد، وفي كل الحالات، فإن ما حققته المعارضة الديمقراطية، على امتداد ثمانينيات و تسعينيات القرن السابق، أكثر وأهم مما حققته وهي "مشاركة" في الحكومة ابتداء من التناوب المخزني لسنة 1998، كما أنه، ورغم أن حركة 20 فبراير، التي نفتخر بانتمائنا الصادق لها، ناضلت في الفضاءات العامة- بمعنى خارج المؤسسات الرسمية-، فإنها حققت مكتسبات تاريخية أكثر مما حققته تنظيمات الحركة الوطنية المنخرطة في التوافقات مع القصر.