عدد المساء ليومي السبت والأحد الماضيين (23 و24 فبراير)، لم يكن عاديا، فتضمنه لتحقيق تحت عنوان "التفاصيل السرية لتزوير مؤتمر الاتحاد الاشتراكي"، أثار الكثير من الجدل، وأسال مدادا كثيرا بعد الاتهامات المتبادلة بين المساء وحزب المهدي بنبركة، وهي الاتهامات التي وصلت رحاها إلى يونس مجاهد، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، الذي يعتبر كذلك عضوا داخل المكتب السياسي للحزب المعني. في اتصال له مع هسبريس، أشار صاحب التحقيق، الصحافي سليمان الريسوني، إلى أنه قدم شهادات وصور ووثائق تنطق بالتزوير الذي حدث في المؤتمر التاسع لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحاول مرارا الاتصال بالطرف الآخر المتهم بالتزوير، أي رفاق إدريس لشكر المنتخب كاتبا عاما في نفس المؤتمر، إلا أنهم رفضوا التفاعل مع الأمر، وأصدروا بيانا استباقيا ينددون فيه بالصحافة التي رأوا، حسب تصريحات المتحدث ذاته، أنها تستهدف الحزب بشكل لم يسبق أن حدث حتى في سنوات الرصاص. وأضاف الريسوني الذي كان قد نشر قبل ساعات على الموقع الإلكتروني لجريدة المساء، التسجيل الصوتي لحديثه مع القيادي الاتحادي عبد العالي دومو المتراجع عن تصريحاته، أن وظيفته كصحافي هي التحقق من صدق اتهامات مجموعة من قياديي حزب الوردة كالحبابي والزايدي لإدريس لشكر بتزوير الانتخابات لصالحه، وذلك بشكل استقصائي يقدم الحجة والبيان وليس الآراء الشخصية. وكانت جريدة الاتحاد الاشتراكي، في عدد الجمعة الماضية، قد نشرت مادة على صدر صفحتها الأولى، تتهم فيها الريسوني بتلفيق التهم، وهي المادة التي ذكر فيها مجموعة من وجوه حزب القوات الشعبية، أن الصحافي المعني لفق إليهم أقوالا لم يذكروها، وهو ما رد عليه الريسوني ب:"هؤلاء وردت أسماءهم في تصريحات عبد العالي دومو، ولم أتحدث إليهم كي ينفوا تصريحاتهم". ومن الأمور الفارقة في هذا الجدل، أن التحقيق ذاته يتضمن تصريحا لمدير النشر بجريدة الإتحاد الاشتراكي، عبد الهادي خيرات، يقول فيه "ما عرفه المؤتمر الأخير للحزب شبيه بعقلية العصابات". وحول بيانه الذي عممه على مجموعة من وسائل الإعلام الوطنية، والذي يتهم فيه يونس مجاهد بالتواطؤ ضده، قال الريسوني إن النقابة ليست إقطاعية، وان الدولة عليها أن تمكن هذا التنظيم من صحفيين متفرغين له، لكي لا يستمر مجاهد على رأس النقابة بدعوى تفرغه، خاصة، يستطرد الريسوني، أن مجاهد لا يستطيع الفصل بين مهامه الصحفية ومهامه الحزبية. وفي نهاية حديثه مع هسبريس، أكد مسؤول قسم التحقيقات بجريدة المساء، أن الصحافة الاستقصائية هي جوهر الصحافة في العالم، وعلى الجرائد المغربية هيكلة أقسام التحقيق في مكاتبها، مادام المستقبل الصحفي يكمن في هذا النوع الراقي من الصحافة على حد تعبيره، خاصة مع منافسة شبكة الانترنت في صنع الخبر وتمكين المواطن العادي من آليات كتاباته، داعيا الدولة المغربية إلى تسهيل الحق في الولوج إلى المعلومة، وتمكين صحفيي التحقيق من أدوات الكشف عن الخروقات التي تسعى كل الدول الديمقراطية إلى محاربتها.