هي ابنة إذاعة طنجة، تربت وترعرعت بين أحضان هذه الأخيرة، أحبت الإعلام وصاحبت الميكرفون منذ نعومة أظافرها، أعدت قدمت وأنتجت العديد من الأعمال الإذاعية، كانت ولا تزال متربعة على قلوب المستمعين .. قدمت العديد من المواضيع من خلال برامجها كانت ولا تظل الطابوهات في المجتمع المغربي والعربي . إنها فاطمة عيسى ، صوت إذاعي مازال مترسخاً في أذان المستمعين، تألقت في معظم برامجها فنية، سياسية واجتماعية وغيرهما.. طرحت العديدة من القضايا وسلطت الأضواء على الكثير من الخبايا من خلال برامجها الإذاعية، وحاورت ثلةً من الفنانين من داخل وخارج المغرب، نالت العديدة من الجوائز، من بينها الميدالية الذهبية عن "أحسن حلقة" جاءتها من القاهرة.. واستطاعت أن تصل إلى قلوب المستمعين بتلقائيتها وجرأتها وحبها للعمل الصحفي. في حوار خصتنا به، حاولت فاطمة عيسى أن تقرّبنا من جوانب حياتها المهنية والشخصية.. نود أن تعرّفينا عمّن هي فاطمة عيسى.. فاطمة عيسى ابنة مدينة طنجة وبالتحديد حومة دار البارود المدينة القديمة، الفتاة الوحيدة التي دخلت المدرسة في وقت كان التعليم حكرا على الشباب ، ويعود الفضل في هذا إلى أختي الأكبر إذ هي من أقنع والدي بدخولي المدرسة . كنت متفوقة، ومحبة للعلم والدراسة، ولكن شاءت الظروف أن أتوقف عن الدراسة في سنتي الثانية ثانوي ،لأدرس بعدها الرقانة وكنت من المتفوقين أيضاً إذ نلت الشهادة خلال ستة أشهر، ليرشحني بعد ذلك مدير المعهد وكان مغربي، من أصل يهودي، للعمل في إحدى الإذاعات ككاتبة، و كانت هذه الإذاعة جزائرية تبث في المغرب أثناء الاستعمار، ليستمر عملي معهم مدة سبعة أشهر و خلال هاته المرحلة تعرفت على الميكروفون أول مرة إذ قمت خلالها بقراءة الأخبار بسبب غياب المذيع ليوكل إلي التذييع ورغم شعوري بنوع من الخوف إلا إنني استطعت أن أتفوق على نفسي أولاً وأقوم بالمهمة، وكنت آنذاك مازلت في 13 من العمر . وعندما حصلت الجزائر على الاستقلال انتقل مقر الإذاعة إلا هناك ليصبح بعدها عاطلة عن العمل ،ليرشحني نفسه شخص بعدها في إذاعة طنجة . هل أنت خريجة إعلام أم موهبة برزت منذ صغار؟ لم أفكر يوما أن أكون صحفية أو إذاعية بل هي الصدف، فالصحافة هي من دقت بابي، ومنذ الوهلة الأولى أحببتها بل وعشقتها، ولقد شاءت الأقدار أن أكون من بين أصوات إذاعة طنجة ،في سنوات تأسيسها،واعتبر نفسي تخرجت من أكبر معهد إعلامي وهو معهد الحياة الإعلامية إذ تتلمذت على يد أكبر الإعلاميين بإذاعة طنجة ،ورغم كل الصعوبات التي واجهتني خلال عملي إلا أنني عاهدت نفسي أن أناضل من أجل هدفي وطموحي واكتب اسم فاطمة عيسى، أظهر من هي هاته الأمة الضعيفة، ورغم كل المعيقات إلا أني استطعت أن أوصل صوتي لكل المستمعين الأوفياء. كيف تصف فاطمة عيسى سنوات عملها في إذاعة طنجة؟ بعد انتقال إذاعة الجزائرية أصبحت عاطلة عن العمل، ليرشحني نفس الشخص بعدها بإذاعة طنجة، لاكتشف بعد ذهابي أن المقر فقط لإذاعة طنجة، وأنا سأشتغل في قسم موريتانيا وإفريقيا، كانت مهمته قضية الصحراء المغربية إذ كان مسؤولا عن توجيه القضية الإفريقية تصحيح التشويش عن هاته القضية. اشتغلت ككاتبة خلالها اكتسبت خبرة في الإدارة وكنت أؤدي أدوار في تمثيليات، لأقدم بعدها أول برنامج تحت عنوان "حصة المتغيبين" سنة 1966, وهناك كانت انطلاقتي في عالم التذييع، والإذاعة ،لأتولى مهمة البرامج، وكان برنامج الحقائب الثلاث هو الولد البكر لفاطمة عيسى إذ قدمت من خلاله أهم المواضيع، وبداية موفقة نالت إعجاب وحب المستمعين ،وذلك من خلال الرسائل التي تهافتت على الإذاعة، وتوجت مسيرتي الإذاعية بميدالية ذهبية سنة 1996 بالقاهرة عن برنامج حنين عن الجالية المغربية مناصفة مع الزميلة زهور الغزاوي. ماهية الصعوبات التي واجهتها خلال عملك الصحفي ؟ الكثير الكثير، فلقد عايشت إذاعة طنجة منذ بدايتها ،اشتغلنا ونحن في وسط يجب التعايش معه إذ اشتغلنا بمعدات أو شبه معدات ومازال الحال على ماهو عليه في إذاعة طنجة،حوربت من العديد ، وكان يعطى لي نصوص أقرؤها ليتم إذاعتها لأكتشف فور وصولي إلا البيت،أن شخصاً أخر من بين الزملاء هو من قام بالمهمة، دون تقديم أي مبررات أو عذر عما حصل.. عانينا بما فيه الكفاية من نقص المعدات، وتم أكثر من مرة محاولات إيقاف وعطاء فاطمة عيسى إذ قمنا أنا والزميل عب السلام مرابط باجتياز امتحان لتحسين وضعيتنا لنرسب مع إننا كنا من الأصوات الرخيمة في الإذاعة، ليبقى السؤال الذي يطرح نفسه إذا كنا لا نصلح كأصوات إذاعية فلما لا يتم توقيفنا. برامج قدمتها أو أنتجتها فاطمة عيسى وما زالت في الذاكرة.. ما هي أحبها إليك؟ كل برامجي هي فلذات كبدي، وأبنائي لن استطيع أن أعد عدد البرامج فهو زخم وسنين من العطاء، اذ حاورت العديدين من ثلة المجتمع سياسيين أو من اهل الفن، كما استضفت فنانين من داخل و خارج الوطن، أول أبنائي البكر هو برنامج الحقائب الثلاث، وختامها الصوت المسموع الذي قدمت ضمن حلقته مجموعات من القضايا المسكوت عنها منها العنف ضد الرجل، الحب قبل أم بعد الزواج، السعادة الزوجية.. وغيرها. ببرنامج" أحلام لم تتحقق" حاورت الفنانين عن أحلام لم يحققوها ولاتزال تراودهم، ما هو الحلم الذي لم تحققه فاطمة عيسى؟ هي مجموعة أحلام، ومن أهمها أنني كنت أتمنى أنا أغادر إذاعة طنجة وهي في مقرها الخاص ، ترقى أكثر إلى المستوى، ومجهزة بأحسن المعدات، ومعلمة إعلامية، فلا ننسى ماقدمته إذاعة طنجة في فترة الاستعمار إذ كانت اللسان الناطق، وخصوصاً في انقلاب الصخيرات سنة 1971, إذ كانت تمرير الشفرات و كانت راية المغرب آنذاك، ورغم هذا لم تعطى إذاعة طنجة مكانتها التي تستحقها، أما أحلام أخرى وخاصة أن أرى المشهد الإعلامي بالمغرب في تميز و رقي. بحديثك عن المشهد الإعلامي بالمغرب، كيف تصفينه؟ المشهد الإعلامي بالمغرب كالرجل العجوز الذي يصارع المرض، فحالة إعلامنا من سيئ إلى أسوء وقنواتنا لا تشفي غليل المشاهد الذي أصبح يهرب إلى القنوات الأخرى ويلجا إليها حتى فيما يخص أخبار بلده، يجب على المسؤولين الإعلاميين أن ينزلوا إلى الشارع ويعرفوا ما يريد المشاهد المغربي مشاهدته بدل الجلوس في بروجهم العاجية. كلمة أخيرة لكل مستمعي وعشاق فاطمة عيسى.. اقول لهم كنت ولازلت أحبكم وكما أحببتموني عشقتكم كنت أتمنى لو استمررت في إذاعة طنجة لأنه مازال في جعبة فاطمة عيسى الكثير، ولقد وصلت لمرحلة النضج الإذاعي والإعلامي ولكن لربما تجمعنا برامج في إذاعة ما فلا نعرف ما يخبؤه المستقبل.. * طالبة بمعهد الصحافة بطنجة