هذا العنوان استوحيته من الفيديو الشهير الذي نشر للداعية البحريني حسن الحسيني وهو يلج أوكار الدعارة بتونس، ليعظ ويذكر من وقع في هذه الرذيلة، ويدعوهم لتوبة نصوح، في خطوة اختلفت بشأنها الرؤى بين محفز ومنتقد؛ ولكل نواياه ومراميه في ذلك. تشهير ...أم جرأة داعية؟ وبغض النظر عن آثام ومنافع الفيديو المنشور؛ فإنه يعد خطوة جريئة، وخروجا عن المألوف لدى جل الدعاة، والرجل يستحق التنويه مع بعض التنبيه لبعض الزلل الذي يقع فيه جميع البشر؛ ومهما يكن من أمر؛ فإن كفة مصالح ذلك المقطع أرجح من مفاسده، وليت الدعاة يحذون حذوه ويذهبون إلى محلات المنكر، للنهي عنه، وتذكير العصاة البعيدين عن طريق رب العالمين، فمهما كان القلب قاسيا؛ فلعله يذكر أو يخشى، وبكلمة قد تنفع معه الذكرى. وشعور الزانية بوقوعها في الذنب وإقرارها بالجريمة معناه وجود نفس لوامة، وتلك خطوة أولى نحو الإقلاع والتوبة، وقد بدى في المقطع من تبدي رغبتها في التوبة باحثة عن مخرج يصون لها كرامتها ويحفظ ما بقي من عرضها وشرفها، وأن ظروفا مختلفة ألجأتهن إلى الوقوع في براثين هذه الفاحشة، وتلك الرغبات من الباغيات لو وجدت آذانا صاغية من الجهات الرسمية وجمعيات المجتمع المدني لنتج عنها علاج للظاهرة، وتخليص للمجتمع من آفات هذه الرذيلة وآثارها المدمرة للفرد والمجتمع. هل يفعلها الإسلاميون! ولو أن الإسلاميين بالمغرب وغيره من البلدان التي مكن فيها للحركات الإسلامية استطاعوا تنزيل التجربة التركية في محاربة الدعارة نسبيا، ولو بشكل جزئي وتدريجي؛ لعد ذلك من حسناتهم التي لم يسبقوا إليها في بلدانهم، و في ظل الخلفية الإسلامية للحكومات الحالية لابد من وجود أثر لها في محاربة الفاحشة، وهو دور منتظر منهم، ويحتاج إلى رؤية ثاقبة تحصى فيها أوكار الدعارة في كل مدينة، وتتبع أنشطة الزانيات، ومن ثم تدرس الحلول تدريجيا، فلكل بلد خصوصياته التي ينبغي أن تدرس بعمق. ومحاربة أوكار الدعارة لا يمكن أن تتم فقط عن طريق الوعظ والكلمة التي قد لا يسمعها الزاني والزانية، بل لابد من تدخل الدولة والمجتمع المدني؛ لحماية المجتمع من هذه الآفة، والشارع الحكيم في نهيه عن فاحشة الزنا لم يكتف بالترهيب فقط؛ بل شرع العقوبة الحسية؛ لكون الترغيب أو الترهيب غير كافيين في ذلك، وقد يلائم فئات دون أخرى. الصمت الرسمي والسند الشعبي للظاهرة ! ولعل من أبرز ما ساهم في انتشار الدعارة تواطؤ المجتمع على السكوت عنها ثم قبولها أخيرا ! والمنكرات غالبا ما تبدأ بالرفض ثم يضعف ذلك وتصل مرحلة الإقرار، ثم السكوت، فتصير منكرات معتادة في الأماكن العامة والخاصة، وإذا بلغ الحال إلى هذا الحد، فإن المجتمع يفقد موازينه المستقيمة وقيمه النبيلة وتذوب مفاهيمه الصحيحة، فتشيع الفاحشة وينتشر المنكر، وعندئذ يعجز أي قانون بشري عن احتواء الوضع، سيما القوانين الوضعية القائمة على مبدأ عدم التدخل في الحريات الشخصية. ونتيجة هذا الصمت المريب صارت الدعاة منتشرة بصورتها المنظمة وغير المنظمة المتمثلة في الأزقة والشوارع، حيث تجد في أماكن الخلوة من يتوارى عن الأنظار لارتكاب الفاحشة، وثمت من يعلن بها جهارا، وذلك موذن بخراب اجتماعي قادم ما لم يحصن المجتمع من هذه الظاهرة أيضا. نظرة المجتمع للزانية: كما أن من معوقات توبة الزانية نظرة المجتمع إليها ولو بعد التوبة، فمن الطبيعي استهجان الوقوع في براثن الزنا، والنفور من مرتكبي هذه الجريمة، غير أن واقعنا يكاد ينطق بالقول: إن الغفور الرحيم، وإن عفى وتاب عن الزانية فإن المجتمع لا يغفر لها زلاتها، ولو صارت من السائحات الراكعات، ورؤية المجتمع بعد التوبة ينبغي أن تضبط بميزان الشرع وضوابطه، فإذا كانت نظرة المجتمع للزانية ولو بعد توبتها نظرة سوء؛ فإن الشارع الحكيم فتح لها باب التوبة والعفو، بأسلوب رقيق تشعر في نغمه الصوتي برقة الخطاب وعذوبته، قال تعالى (وَاللَّاتِي يَاتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا . وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا) (النساء: 15_16). وحكم الإمساك بالبيوت وإن نسخ في الراجح من أقوال العلماء بآية النور؛ فإن باب التوبة مفتوح، وباق إلى قيام الساعة، ولا نزاع في ذلك. حلول مقترحة لظاهرة الدعارة: • تطبيق الشريعة الإسلامية في معاقبة الزاني والزانية باعتبار عقوبتها أنجع الأساليب الوقائية والزجرية لردع مرتكبي هذه الفاحشة. • تبني الحلول الاجتماعية والاقتصادية من لدن الجهات الرسمية • مساهمة جمعيات المجتمع المدني بمختلف الوسائل لعلاج الظاهرة • دراسة الأسباب دراسة ميدانية وإيجاد حلول لها. • تخصيص حوافز لكل تائبة. • قطع الطريق على الناشئات الراغبات في امتهان الدعارة. • عدم الترخيص بدور الدعارة، والمساهمة الفعلية في القضاء عليها. [email protected] www. kallali.com