بعد إعلان المجلس البلدي للعاصمة عن فشل تجربة التدبير المفوض لجمع النفايات الصلبة، التي ظلت لأيام تؤثث فضاءات الرباط، في مشهد جعل من أحياء وأزقة تبدو كمطارح لرمي الأزبال، انسحبت على إثرها شركة "فيوليا" التي كان مفوضا لها تدبير القطاع منذ 2008، تدخلت ولاية الرباط لإنقاذ الموقف والتدخل عبر اختيار شركتين من أصل أربعة متبارين للحصول على الصفقة، هما "أوزون" و"أفيردا". وقد أثار تدخل ولاية الرباط استغراب بعص من مكونات مجلس بلدية الرباط التي لم تعرف بالأمر إلا بعد استعراض إحدى الشركات الخاصة بالنظافة لشاحناتها المخصصة لجمع النفايات بساحة "باب الحد"، في وقت كان المجلس يعتمد في تدبير المرفق على شركة محلية بعد انسحاب "فيوليا" التي كانت تكلف ميزانيته أزيد من 45 مليون درهم سنويا. ويبقى السؤال الذي يقل بال الرباطيين في مدى مقدرة الشركتين الجديدتين في انتشال العاصمة الإدارية للمملكة من شبح الأزبال المترامية والمتكدسة في أهم شوارعها ومرافقها العمومية، وهو الوضع الذي بات مشهدا متكررا بين الفينة والآخرى، مخلفا استياء الساكنة من منظر لا يشرف العاصمة وروائح كريهة تزكم الأنوف. وما يتخوف منه سكان الرباط هذه المرة هو تكرار تجربتي "فيوليا"، المكلفة بجمع ومعالجة النفايات بمقاطعتي يعقوب المنصور وحسان، و"تيكميد" المكلفة بمقاطعات اليوسفية والسويسي وأكدال والرياض، والتي عانى معها المجلس البلدي فيما يخص تفعيل وتنفيذ بنود دفاتر التحملات من جهة، وما يتعلق بمشاكل العمال ومطالبهم من جهة أخرى. وسبق لفتح الله ولعلو، رئيس المجلس البلدي للرباط، أن اعترف في دورة سابقة للمجلس بضعف ملف التدبير المفوض لمرفق النفايات، من الناحيتين التقنية والقانونية، وهو الذي طالب حينها باستجلاب موارد مالية كبيرة مع إنشاء سلطة مفوضة تقوم بدور الوسيط، لحل المشكل. من جهته، شدد وزير الداخلية، امحند العنصر، في تدخل له أمام لجنة الداخلية بمجلس النواب، على عدم تراجع الدولة في الاعتماد على التدبير المفوض، الذي تبناه المغرب منذ سنة 2006، معتبرا أن أي تراجع هو "نوع من العبث وسيزيد من المشاكل في القطاعات التي تم تفويض تدبيرها للشركات الأجنبية". ويعد قطاع النظافة المرفق الأول من بين القطاعات التي تم تفويض تدبيرها إلى الخواص، بما يفوق 100 عقد خاص بالجماعات الحضرية وباستثمارات فاقت 18 مليار درهم، حيث يستفيد منها 72% من الساكنة الحضرية أي 14 مليون نسمة، إذ تتشبث الدولة بالتدبير المفوض في هذا القطاع لارتفاع وتطور عدد الساكنة وكذا توسع حجم الجماعات الترابية بالمغرب.