صار من النادر منذ شهرين تقريبا أن تتجول في شوارع العاصمة الرباط دون أن تقع عينك على إحدى المطارح الخاصة بالنفايات، مشهد يتكرر بشكل يومي حيث امتلأت الشوارع وحولها بالقمامة لفترات طويلة، حتى أصبح المشهد مألوفا لولا تلك الروائح الكريهة المنفرة المنبعثة من تلك الأزبال المتراكمة، مما أثار استياء وقلق الساكنة والمارة وكذا المنتخبين المحليين بالمجلس الجماعي لمدينة الرباط الذين أجمعوا خلال آخر دورة لمجلس مدينة الرباط على أن مدينة الرباط التي سجلت كموروث حضاري على المستوى العالمي، تعيش وضعية كارثية فيما يتعلق بقطاع النظافة، مؤكدين فشل تدبير هذا القطاع بسبب تداخل الاختصاصات بين مصالح الولاية باعتبارها الآمرة بالصرف، والمجلس الجماعي الذي يقوم بدور المراقبة. وحسب مصدر مطلع، فشركة فيوليا للنظافة متوقفة عن العمل، ويجري اليوم تفاوض بين الرباط(الجهة الوصية)، وفرنسا(الإدارة المركزية لشركات فيوليا)لتأدية واجبات فسخ العقدة، ومن أجل إيجاد حل مرضي للجهتين بعد أن قررت شركة «فيوليا» الانسحاب بعد أربعة أشهر وطالبت بمبلغ مليار سنتيم، فيما يطالب مجلس المدينة بالذعائر المفروضة على الشركة على خلفية خدماتها المتردية، وكذا تردي أسطولها وآلياتها المعتمدة في جمع النفايات. وعزا ذات المصدر، الفشل الذريع إلى أن الرباط ليست كباقي المدن، تعرف نظاما خاصا، حيث يعتبر الوالي هو الآمر بالصرف، فيما يقتصر دور المجلس البلدي على الرقابة فقط. وأمام استمرار تكدس أكوام النفايات بمختلف الشوارع والأزقة طفت من جديد إشكالية التدبير المفوض لبعض المرافق العمومية، خاصة وأن التجربة أتبثت الفشل الذريع للشركات المدبرة بالعديد من المدن. وعلى مستوى مدينة الرباط، تتكلف ثلاث شركات هي «فيوليا»، لمكلفة بجمع ومعالجة النفايات بمقاطعتي يعقوب المنصور وحسان، و»تيكميد»، المكلفة بجمع ومعالجة النفايات بمقاطعات اليوسفية والسويسي وأكدال الرياض، إلى مطارح للنفايات، تم شركة»سيطا» المكلفة بجمع ومعالجة النفايات المنزلية والصلبة منذ سنة 2008 في إطار اتفاقية أعدتها وزارة الداخلية، حددت مدتها في ست سنوات قابلة للتجديد، إلا أن ضعف الإطار التعاقدي عجل بظهور مجموعة من الاختلالات. موضوع «النفايات»وفشل تدبير مرفق النظافة، كان مثار جدل كبير في آخر دورة لمجلس المدينة، بين المنتخبين والجهة الوصية، وحسب «فتح الله ولعلو» عمدة مدينة الرباط، فالأزمة التي يعرفها القطاع هي نتاج تراكمات العهد السابق، ولا يمكن تجاوز هذا الثقل الكبير-حسب نفس المتحدث-إلا بتغيير بنود دفتر التحملات الذي وصفه بالضعيف من حيث الحمولة التقنية، والقانونية. واقترح «فتح الله ولعلو» ثلاث خيارات: يتعلق الخيار الأول بالتدبير المباشر للقطاع، فيما يتعلق الخيار الثاني بحلول شركات محل الشركة المنسحبة، ويسير الخيار الثالث في اتجاه تقديم طلبات عروض لاختيار شركات مع إشراك شركات مغربية أيضا في التدبير. هذا وتبلغ قيمة الذعائر المالية المفروضة على الشركات الثلاث المكلفة بتدبير النفايات 15 مليون درهم فيما تتقاضى هذه الأخيرة سنويا مبلغ 45 مليون درهم لكل واحدة.