آخر معاقل الفقراء بالمغرب : أحدثكم عن الخبز الخبز، طريق العارفين والسالكين إلى مدارج البقاء والحفاظ على سديمية العيش، سيرورة الباحثين عن طوق الأمان ، ولغة الرافضين لسجن البطالة والعطالة، سؤال الحيارى، عندما تشتد درجة التيه ، وينكسر محراب الحقيقة، وشعر المكلومين حينما تكوي الحياة رؤوسهم المرفوعة، وترغمهم على الانحناء لدوامة الاستمرارية. "" أسفار وأقوال تنتشي بوهجه، وتغازل جاذبيته، لينتشر أريجه في كل البيوت، فتتفنن النساء في صنعه، دقيق وسميد وخميرة وزيت وقليل من الملح، يخلط الجميع عجينا، ويطهى ، ليضع على الموائد ويزيدها نضارة، ثقافة ورثتها الأمهات لبناتهن، جيل وراء آخر، يلقن دروسا يومية، وصور نراها في المطابخ، كل صباح، تعلو الصيحات حينا"خلْطي العجين مزْيان، ولا القراية نساتْكوم كلْشي"، دروس تتلقاها فتياتنا كلما جلسوا أمام القصعة، وحكم تحكيها الجدات عن براعتهن في إعداد العشرات من الخبز المستدير، في أيام التويزة والحصاد. في المغرب،كما في مصر و ألمانيا و أمريكا الاسم واحد وان اختلفت تسمياته، وتنوع شكله، طولا أو استدارة، أو تغير لونه ، نوستالجيا وحنين أبدي لوطن، اسمه "خبز بلادي"، في الداخل كما في الخارج، الوصفة جاهزة ، والخبز يعانق كل بقاع المعمور. غربة قد تجعلك تعانق فضاء المجهول وتدخل غمار التحول، لأن " طرف خبز صعيب" ، كما تتداول اللهجة المحلية، سفر دائم في دروب الحياة، وسهر بالليل ، وتعب بالنهار، إضرابات واعتصامات ، وموت في محرقة روزامور. حبه يجعل المرء يخاطر بحياته، وأحداث تتلاحق يوما بعد آخر كلما مست قدسيته، وكدر و هم "تخمام"، في الوقت الذي أعلن عن ارتفاع أسعاره، وشلت جيوب الفقراء. مقاصة لم تنتبه إليها الحكومة، ولا فكرت في أن الدورة الاقتصادية لا تثبت على حال، وأن القدرة الشرائية أضعفت كاهل السكان،وبذلك لم تكترث لأحداث الخبز بالبيضاء 1981م، و14 دجنبر بفاس، و صفرو، و سبت سيدي افني . ولا عندما يرفعه المعطلون في أشكالهم الاحتجاجية أمام البرلمان. وفاء دائم، ولغة وصال مستمرة، ومسلك متواتر، شبق من الود المستمر، وتحدي يرفعه الفقراء، كلما مست آخر معاقلهم" ما تقيش خبز بلادي". http://attawasol.maktoobblog.com