تفاءل الأمازيغ خيرا عند سماعهم بنهاية "سنوات الرصاص" فإذا بهم يفاجئون ببداية "قنوات الرصاص" الأشد فتكا من الأولى ،بالموازاة مع "أقلام الرصاص" التي أثبت أصحابها جدارتهم في تجاوز الحكومات قمع هذا الشعب الأصيل ، والذين عششت في عقولهم أفكار الإيديوليجيا القومجية الملتزمة بالتفوق العنصري من المهد إلى اللحد ، والتي تلفظ آخر أنفاسها في مزبلة التاريخ بعد أن انتهت صلاحيتها حتى في موطنها الأصلي . "" يتساءل الكثير من القراء عمن أكون فأجيبهم : أنا ابن من ذاقوا مرارة التعريب والحكرة من الجرائد الوطنية واللاوطنية ما بين صباحها ومسائها ، وما جاورهما من العصر والتجديد ، المستقلة منها والمحتلة..تعددت الأساليب والهدف واحد ، من لم يعرب بالدين يعرب بغيره من التعليم والإعلام ...تلك الأمثال نضربها لمدير الجريدة التي غربت عنها الشمس (شمس الحقيقة طبعا) ، لنبين له أن "أولاد عبد الواحد كلهم واحد" ، هدفهم بيع الأوهام واستنزاف جيوب المواطنين الكرام ، وهو الذي لم تلهه تجارته عن ذكر الأمازيغ بالسوء أينما حل وارتحل في "الصباح"و"المساء" ، وهو الإستقلالوي (نسبة إلى حزب الإستقلال) حتى أطراف أصابعه ، وهو الذي لا يحتاج معه القارئ لكثير من الذكاء ليدرك أنه بعد أن تلقى أبجدية الكتابة الصحفية ، وشرب من معين الإيديوليجيا الإقصائية في حضن الجريدة الناطقة باسم الوزير الأول الحالي، قد أصبح الآن نفسه الناطق الغير الرسمي باسم نفس الوزير" الأول" الذي وفر له فرصة للعمل تقيه شر اللجوء إلى بساتين الليمون بإسبانيا .مما لا شك فيه أن السيد المدير الجديد لم يتخلص بعد من "تركة الرجل المريض"(الإيديولوجيا البعثية العروبية) رغم أنه يستميت في إعطاء الانطباع أنه ينتقد الوزير الأول على السطور ، في الوقت الذي يغازله ويكرس إيديولوجيته بين السطور إلى درجة يستحيل معها على القارئ أن يميز بين السيد نيني وذلك الشخص الذي يقال عنه (والله أعلم) أنه يحاول عبثا " حجب غابة من النفايات بوردة واحدة" . مالا تستطيع العين أن تخطئه ووسائل الإعلام المهووسة بالإيديوليجيا العروبية تصر على شن حرب إعلامية على الهوية الأمازيغية مستعملة جميع أسلحة التعريب الشامل كالصواريخ الإعلامية العابرة للقارات والتي يتم إطلاقها من منصات ثابتة ومتحركة من " الجزيرة" " العربية" فتصيب معظم ضحاياها بنوبات من الأمازيغيوفوبيا يصبحون بعدها فاقدي الصلة بالواقع اللغوي والهوياتي والإثني لدول شمال إفريقيا ، فيرفضون تعلم الحق في الإختلاف من المؤمنين ب"مساواة" كل البشر في الحقوق والواجبات ، سهام حقدهم للذين لهم "عين على الديمقراطية" في البلدان العربية التي لا تحترم أبسط حقوق الأقليات والسكان الأصليين بالتواطؤ على ما يبدو مع أصحاب "السلطة الرابعة" الذين يفترض بهم أن يفضحوا التمييز العنصري الممارس ضد هؤلاء المستضعفين ، ولكن لا غرابة لأن تلك الإستفزازات الإعلامية هي أقل ما يمكن أن ينتظر من أمثال من فتح عينيه في "العلم" وشب في "الصباح" وشاب في "المساء" والذين يشجعون المرضى بجنون التعريب على أخذ جرعات من العربومانيا من "الإتجاه المعاكس"لأحلام الشعوب العجمية كالأمازيغ التواقة للإنعتاق والتحرر من الهيمنة الثقافية العروبية ، وكل الشعوب الرافضة لركوب قطار التعريب "بلا حدود" ، ومن "العدسة العربية" التي لا ترصد إلا ما يهم العروبة ، و"حوار العرب" الشبيه بحوار الكنغر الذي يتكلم فيه جميع المشاركين في آن واحد دون أن يستمع الواحد للآخر.. فترى سماصرة التعريب يؤدون فروض الطاعة والتعلق بالشرق العربي التليد إلى حد التقديس عبر "منبر الجزيرة " من لا منبر له من العرب و"أصدقاء العرب" ، ويوهمون الناس بأنه من الإيمان تأليه العربية واحترام الرأي" العربي" والإستهزاء ورفض "الرأي الآخر" الغير عربي حتى يعلن إيمانه "بالعربي" ويكفر بأرض "الحرة" المدافعة عن العدالة الثقافية والراعية للقيم الإنسانية للقضاء على جميع أشكال الميز العنصري . ولا يجد القومجيون حرجا في الدعاية لكل القنوات الفضائحية( الفضائية عفوا) العربية لما فيها من بأس شديد للأمازيغ ومنافع للعرب ، حتى أصبحت الألسن لا تتحرك إلا بذكرها لكونها تقف مع العربي في السراء والضراء ، وتنصره ظالما أو مظلوما ، وتذكره يوميا ب"حق (عربي)يأبى النسيان" ، وأوجدت له تعريفا مقبولا للمقاومة والإرهاب ، وتملك حاسة سادسة متطورة تمكنها من التمييز بدقة متناهية بين العمليات الإنتحاريةو الاستشهادية التي تستند في شرعنتها إلى فقهاء البيزنس الديني ، وتستهويهم بقدرتها على الإكثار من عدد العرب بجعلها للأكراد والتركمان والآشوريين والكلدانيين والسودانيين والأمازيغ عربا ، كما أن هذه المقابر الإعلامية (المنابر عفوا). والقيمون عليها لا يخجلون عندما ينهون عن شيء ويأتون مثله ، وذلك لإيمانهم العميق بما قاله مدير قناة "المستقلة " ذات يوم في عرض حديثه عن إسرائيل : " أن تحتل أرض الآخرين باسم التاريخ أو الدين فذلك أمر غير مقبول تماما " ، ولو أضاف السيد الهاشمي الحامدي عبارة "حلال علينا حرام عليكم" (لأنها ماركة عربية مسجلة يملك العرب حقوق ملكيتها) ولكفى المؤمنين شر القتال ولاسترجع شيئا من المصداقية التي افتقدها حين أجاب الحكومة العراقية المنتخبة ديمقراطيا ، عندما احتجت على كونه يستغل "المستقلة" للدعاية للنظام الصدامي البعثي المقبور لسفك المزيد من دماء العراقيين ، قائلا بأنه في حالة ما إذا دفعت الحكومة العراقية أكثر مما يدفعه البعثيون فسيجعل "المستقلة" شيعية !! إنه على كل شيء قدير مثله مثل نيني الذي لا يرى من الأمازيغ سوى أنهم عدو لذود متجاهلا"أن أجدادهم فتحوا اسبانيا والبرتغال ولم يتم إبعادهم عن بقية أوروبا إلا وهم على أبواب فيينا" كما وصفتهم يوما صحيفة الدايلي تيليغراف الإنجليزية ، ولا أظن أن السيد نيني والذين" يحرشونه" على حفدة حنبعل يجهلون المغزى الكامل في هذا الوصف إن الأحداث المغربية التي تنشر في المقالات والوثائقيان طيلة الأسبوع الصحفي ببلادنا والشرق الأوسط ، في الصباح والعصر والمساء ، والتي يسيء فيها أصحاب السلطة الرابعة للأمازيغ ولغتهم لا تعدو أن تكون مجرد روايات بعيدة كل البعد عن الواقع ، ولن تجد لها من تعبير لوصفها سوى ما قاله الكاتب الكبير جون سميث في بدابة روايته "السبيكة" :" إن للروايات فائدة كبيرة ، فهي تلقح عقول العامة ضد الحقيقة " ، أما لغة "الدغرني وحوارييه" فقد وصلت إلى نقطة اللاعودة ، وهذا واقع لن ينال منه مقال عنصري هنا أو فتوى متزمتة هناك ، وحتى تحالف القومجيين القرضاوي والقذافي لن يكون إلا بردا وسلاما عليها .