من الواضح أن الصراع الثقافي والمادي غالبا ما تزداد حدته بين الناس في سويعات الأزمة، مع العلم أن الأزمة مهما اشتدت فلا بد من فرج قريب .. وصدق الله العظيم عندما قال : (فإن مع العسر يسرا• إن مع العسر يسرا ) .. لكن الإنسان ضعيف أمام نفسه، والرغبات غلابة على كثير ممن خلق .. إلا قليلا؛ حتى في التحليل النفسي، مع سيغموند فرويد مثلا، لم يجد الرجل بدا من القول أن الشخص يواجه سيطرة (الهو) كجزء غريزي في الإنسان يعمل وفق مبدأ اللذة وتجنب الألم ولا يراعي المنطق والأخلاق والواقع .. وهو أمر ضرب جذورا قوية في مجتمعات الفراغ الروحي، لا يمكن اقتلاع براثينه إلا بإصلاح الفطرة أو ما يسميه علماء التربية الروحية ب'التزكية' .. تأمل قول الله العظيم « وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴿7﴾ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴿8﴾ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴿9﴾ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا» (الشمس07- 10) . وغالبا ما ينسى الإنسان ضعفه، فيتحدى، ويرعد، ويبرق، وبعدها يمطر .. ولا يأتي إلا بالضعف أوبالتطرف على طريقة القرن 21؛ فتمجيده للعقل جعله يستقط في تأليهه فلم ينتج عنه سوى تقنية تسلب منه حريته وإنسانيته وسلامه الداخلي .. فضلا عن الخارجي ! وهذا الإنسان الضعيف بتعبير طه عبد الرحمان ينسى كل شيء يذكره بأنه لا يملك من أمره شيئا، لا خلقا ولا رزقا .. كما ينسى أنه كان في فاقات بعضها أشد من بعض، بدءا بفاق النور وانتهاء بفاقة العلم . ومشكلتنا اليوم يا سادة، أصبحت مشكلة تربية أخلاقية روحية بامتياز؛ فالسلوك البشري يحتاج إلى التحلي بالفضائل والأخلاق الكريمة، والتخلي عن النقائص والرذائل المشينة .. السلوك البشري يحتاج إلى العلم والسلم .. السلوك البشري يحتاج إلى التفكر والتدبر في آيات الله .. وكيف ندبر ذلك والأمية تنخر إنسانيتنا .. والفقر شبح يفزع هندستنا الإجتماعية .. والأنانية السياسة تغطي على كثير من مصالحنا الضيقة، وحسابات التقنية تكاد تجعل الإنسان يستقيل من الحركة .. ولا سلام بدون حركة .. بل إن الإنسان ليس سوى حركة، في المكان كما في الزمن .. لكن حركة الروح أقوى وأجمل لأنها ترقى إلى الأسنى ! فلا مفر إلا بالعودة إلى الفطرة، والخضوع لجلال وعظمة الله، ومحبة رسوله الكريم، فهما يورثان في الإنسان عمل إجتماعي يقوم على التوادد والتراحم، ونشر أولوية السلم والوئام والإخاء، ومحبة الخلق بحب خالقهم . والفضل يعود إلى سماحة الإسلام وأخلاقه الإنسانية، اقتداء برسولنا صلى الله عليه وسلم وخلفائه وأصحابه .. فلا غرابة في تسامح التعبير العملي للصوفية في نظرتهم الإنسانية الكبيرة النابعة من روح الدين الإسلامي .. https://www.facebook.com/belhamriok [email protected]