الحياة الانسانية هي عبارة عن تداخل بين مجموعة من المصالح الاقتصادية الاجتماعية والثقافية التي يتم اختزالها في قالب خدماتي، لقد تطورت الانسانية على مر العصور اذ نجد بأنها قد أيقنت في اخر المطاف بأنه لا بد من تشييد مؤسسات سياسية يعهد اليها بتأطير المواطن تأطيرا يمكنه من الحصول على حقوقه ومن ثمة ادراك واجباته كل هذا ساهم في تراكم مجموعة من الأفكار التي تم التعبير عنها في نظام الحزب الأحادي أو النمط السياسي التعددي الذي ميز بين أنظمة مجموعة من دول المعمور . ان ميلاد الأحزاب السياسية قد جاء نتيجة للتقدم الذي عرفته أنماط عيش بني البشر مما أدى بشكل مباشر الى محاولة هذه الأخيرة السعي وراء تأطير وتكوين قيادات وكفاءات قادرة على تدبير الشأن العام تدبيرا يتناغم والتطورات الكونية الا أن ما يمكن أن نلاحظه من خلال تطرقنا لدراسة المنظومة الحزبية في طابها العالمي على أن النتائج التي ثم تحقيقها في مجال التنمية البشرية تختلق من بلد الى اخر الأمر الذي يحيلنا مباشرة الى الأخذ بمعادلة شمال حزبي متقدم وجنوب حزبي سائر في طريق النمو هذا الاختلاف يمكن تفسيره بكون مجموعة من الدول قد قامت بنهج دفاتر تحملات تتأسس على مبدأ القرب السياسي المبني على التعاقد المسبق مع الناخب الذي يحمل في طياته شقين أساسيين أولها يتعلق بالواقع التنموي للدولة وافاق التغيير وثانيهما يتعلق بانتظارات المواطن مما أسفر عن تحقيق نتائج ايجابية جعلت من الناخب شريكا فعالا ومباشرا في صناعة الخريطة السياسية ومن ثمة القرار السياسي كل هذا يمكن أن نستشفه من خلال ما وصلت اليه مجموعة من الدول الديمقراطية من تطور في مجال التنمية الانسانية كالولايات المتحدةالأمريكيةكندا وبعض دول الاتحاد الأوروبي وخاصة ألمانيا الفيدرالية وسويسرا. إن المغرب واعتبارا من نمطه الحزبي التعددي لازال يتخبط في مجموعة من المشاكل البنيوية والتقنية والمرتبطة مباشرة بالنمط التقليدي الذي لا زال يؤثر سلبا على معدلات الانتاج السياسي ان صح التعبير هذا اذا ما علمنا واعتبارا من أن الشباب يمثل أعلى معدل من ساكنة المغرب فان مشاركته في الحقل السياسي لا تتجاوز 2% حسب الاحصائيات التي قدمتها المندوبية السامية للتخطيط ناهيك عن اللاتوازن في التأطير الذي يميل كفة المدن على حساب القرى كل هذه المؤثرات مجتمعة نجد بأنها لازالت تساهم في تعاظم ظاهرة العزوف السياسي التي لازالت تنخر الجسم الحزبي السياسي ببلادنا. ان العمل الحزبي السياسي ومنذ حصول المغرب على الاستقلال الى الان لم يستطع الاضطلاع بالمهام الدستورية الموكلة اليه والقيام بها أحسن قيام الأمر الذي يمكن ارجاعه الى تظافر مجموعة من الأسباب والتي نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر. - نهج الأحزاب السياسية المغربية للنمط المركزي المفرط في اتخاذ القرار مما ينعكس سلبا على تثبيث مبدأ الجهوية السياسية - برامج حزبية ضعيفة لا تأخذ البتة بعين الاعتبار لانتظارات المواطنين التي تختلف حزب الزمان والمكان - غياب وحدات للتنظير والتفكير الاستراتيجيين داخل الأحزاب السياسية - تغييب المرأة القروية من مسلسل التكوين الحزبي الأمر الذي لطالما انعكس سلبا على وضعيتها - انعدام مدارس التكوين الحزبي داخل الأحزاب السياسية الأمر الذي وان ثم لساهم في القضاء على افة التيه الذي لازال يعاني مجموعة من رواد الأحزاب السياسية من جهة وقام بضمان الاستمرارية في استقطاب نخب جديدة وتأطيرها تأطيرا يتماشى ومؤهلاتها النظرية والتطبيقية الأمر الذي وان ثم تحقيقه سيمكن المنظومة الحزبية ببلادنا من التوفر على بنوك للطاقات البشرية المؤهلة والقادرة على الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية الاجتماعية والثقافية التي تربط بين الأصالة والحداثة - زخم كبير في عدد الأحزاب السياسية لا يخدم نهائيا مسلسل التنمية المغربية ان الأحزاب السياسية وانطلاقا من المضامين الدستورية الجديدة التي تشيد لنمط المشاركة السياسية مطالبة الان ومن أي وقت مضى بالتفكير في اعادة النظر الجدي الفاعل والبناء في أنماط تسويق أفكار عبر مختلف ربوع المملكة الأمر الذي يمكننا الوصول الى تحقيقه الا بنهج نمط دفاتر تحملات سياسية تنبني على مبدأي المساءلة والمحاسبة الدستوريين دفاتر تقوم بدراسات ميدانية لمختلف المشاكل التي مازالت تعوق مسلسل التنمية المغربية وبالمقابل الأخذ بعين الاعتبار لتطلعات المواطنين بمختلف أجناسهم ومواطنهم مما سيمكننا من اعداد برامج انتخابية تجعل المواطن في صلب اهتماماتها تكونه وتجعله شريكا أساسيا في تنزلها على أرض الواقع