بعد عامين من الثورة المصرية التي انطلقت شرارتها الأولى في 25 يناير من العام 2011، ما يزال شبح الاحتجاجات يسكن ميدان التحرير ومختلف ميادين الجمهورية٬ وما تزال حناجر الثوار تصدح بذات الشعارات التي أسقطت نظام الرئيس السابق حسني مبارك والتي نادت ب "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية". بأسى كبير يحكي (تامر) كيف أنه اضطر اليوم الجمعة للتواجد في نفس المكان الذي نزل إليه يوم 25 يناير 2011 ورابض فيه لمدة 18 يوما للمطالبة برحيل النظام السابق ٬ ولكن هذه المرة لاستعادة الثورة المسروقة والنضال من أجل استكمال أهدافها ووضعها على المسار الصحيح. يضيف (تامر) في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء "صحيح تم وضع دستور وإجراء انتخابات تشريعية وأخرى رئاسية٬ لكن كل المؤشرات تفيد بوضع البلاد في أعتاب نظام غير ديمقراطي ...لقد تعرضت للثورة لسطو بكل ما في الكلمة من معنى" متابعا أن دماء الشهداء ظلت من دون قصاص وأطلق سراح قتلة المتظاهرين بل تم الزج بمعظمهم في السجون بعد محاكمات عسكرية في المظاهرات التي أعقبت الثورة. ويعكس موقف (تامر) ذي الثلاثين ربيعا والحديث العهد بالعمل السياسي والنضالي آراء قسم عريض من الشباب الذين اعتصموا بالتحرير خلال الثورة والذين يأسفون لرؤية البلاد من وجهة نظرهم تعود للوراء في الكثير من المجالات والتهميش الذي طال شبابا أبهروا العالم بصمودهم الذي حرر البلاد من قبضة من حديد. وبالمقابل يؤكد خبراء في مجال التحول الديمقراطي أن المخاض الذي تعيشه مصر طبيعي وضروري بالنظر لحجم الفساد الذي شهدته البلاد على مدى عقود خلت وكذا بالنظر لكون الأحداث التي تلت الثورة استنزفت البلاد بشكل كبير وبالتالي فإن وضع الاقتصاد والسياسية على الطريق الصحيح يتطلب بنظرهم سنوات من العمل والتوافق ولكن أيضا من الصبر والتحمل. وبرر هؤلاء غياب أو تغييب شباب الثورة في تدبير الشأن الداخلي وإعادة ترتيب البيت المصري من الداخل لعوامل متداخلة منها غياب تنظيم موحد يجمع هؤلاء حيث تشكلت عقب الثورة المئات من الائتلافات يقدم كل منها نفسه على أساس أنه المتحدث الشرعي بإسم الثورة كما أن الأحزاب السياسية القائمة لم تكن بالقوة التي تمكنها من حمل المشعل وقيادة البلاد خلال المرحلة الانتقالية ليخلو الطريق أمام جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية "حزب الحرية والعدالة"٬ التنظيمين الأكثر قوة وجاهزية لقطف وتلقف ثمار الثورة. ولفتوا إلى أن رئيس البلاد محمد مرسي تولى رئاسة مصر والاقتصاد المحلي على شفير الانهيار حيث تراجع الاحتياطي من العملة الصعبة إلى ما دون 15 مليار دولار وارتفع عجز الموازنة العامة للدولة إلى أزيد من 30 مليار دولار وقارب معدل التضخم حدود الخمسة بالمائة. وبالنسبة للأحزاب السياسية وخاصة منها المعارضة ففي لحظة تقييم ومراجعة للذات اعترفت عشية ذكرى الثورة أنها أخطأت في التعامل مع المرحلة الانتقالية وأعطت الفرصة بالمقابل للتيارات الدينية للبروز كبديل وحيد على الساحة السياسية ووعدت بالمقابل بالعمل على تصحيح الاختلالات التي ميزت أداءها في السابق خلال الاستحقاقات المقبلة وخاصة انتخابات مجلس النواب عبر إعطاء فرصة لشباب الثورة داخل هياكلها. بعد عامين من الثورة ضربت القوى السياسية موعدا اليوم للنزول مجددا للميادين بمطالب متعددة تتمحور حول تعليق العمل بالدستور الحالي وإسقاط هيمنة جماعة الإخوان وسيطرتها على مفاصل الدولة واستعادة كيان الدولة المصرية وعلى قمتها سلطة القضاء وتحقيق العدالة الاجتماعية وإعطاء الأولوية المطلقة لأصحاب المصلحة الحقيقية للثورة والتصدي لسياسات إفقار المصريين وتوفير الضمانات الكاملة لتنظيم انتخابات تشريعية حرة ونزيهة. وبالمقابل تفادت التيارات الدينية الاصطدام بالمحتجين وأعلنت أنها ستحتفل بالذكرى بطريقتها الخاصة حيث أطلقت جماعة "الإخوان المسلمين" حملة "معا نبني مصر" تتضمن ثلاثة مشاريع خدماتية مركزية يتم تنفيذها على مستوى جميع المحافظات٬ بجانب عدد من المشاريع المحلية التي تحددها كل محافظة على حدة. ❊ و م ع