تساءل حسن أوريد، مؤرخ المملكة والناطق الرسمي السابق بإسم القصر الملكي، "إن كان للفاعلين السياسيين الشجاعة في الاعتراف بأخطائهم المرتبكة دونما اختباء وراء الأعذار؟". أوريد لم يعفِ نفسه من السؤال في ردوده على مداخلات جمهور "الجامعة السياسية لليسار المواطن"، المفتتحة أمس بالدّار البيضاء، قائلا: "لست فاعلا سياسيا، إلا أني ملاحظ منخرط، Observateur engagé، ووضعي لا يعفيني من ممارسة نقد ذاتي..". مسؤول القصر السابق ارتدى جبة المثقف للحديث عن وضعه عندما شبه الفاعلين السياسيين الممارسين للنقد ب "شخصية طوما" في رواية "كائن لا تحتمل خفته"، لصاحبها "ميلان كونديرا"، والتي جعلت من الروائي و الفيلسوف التشيكي كاتباً عالمياً معروفا لما فيها من تأملات فلسفية تنضوي في خانة فكرة العود الأبدي ل"نيتشه". الروائي "كونديرا"، الذي استشهد به حسن أوريد، فقد وظيفته عام 1968 بعد انخراطه في "ربيع براغ"، رغم حضوته السابقة داخل دواليب الحكم أيام سطوة الحزب الشيوعي، مما دفعه للرحيل الى فرنسا سنة 1975 بعد منع كتبه من التداول لمدة خمس سنين، حيث حصل على الجنسية الفرنسية بعد إسقاط الجنسية التشيكوسلوفاكية عنه عام 1978 كنتيجة لكتابته كتاب "الضحك والنسيان". أوريد قال إن الإحساس بالذنب يجب أن تكون له تبعات، لأن "أوديب"، عندما أخبره العراف بأن الملكة التي ضاجعها و أنجب منها هي أمه، فقأ عينيه تكفيرا عن الخطيئة.. "ربما وجب علينا أن نفقأ أعيُننا.." يقول المحاضر باسما. المتحدث في جامعة تيار المعارضة داخل الحزب الاشتراكي الموحد حذر من "الهوس الهوياتي"، معتبرا الموضوع "عرضا من أعراض التصدع المفضي إلى رفض الآخر وتهديد الوحدة". "الهوس الثقافي"، حسب ضيف نبيلة منيب، هو "سبب من أسباب تراجع المنظومة التعليمية بالمغرب و إدارة الظهر للتجربة الإنسانية و العيش في وهم الهوية الصافية". صاحب "مرآة الغرب المنكسرة" روى للحاضرين في جامعة "يسار آخر ممكن" حكاية عاشها بعد إعفائه من مهامه في الإدارة الترابية، قائلا :"كنت أتمشى جنب رصيف محطة القطار بالبيضاء، فصادفت شابا من الشبيبة الاتحادية، سلم علي و قال: فلان ما تسمحوش فينا.."، أوريد، وفي ختام حكايته، توجه لضيوف الندوة الافتتاحية التي احتضنتها قاعة المركب الثقافي محمد الزفزاف بالمعارف، قائلا: "من خلالكم أقول اليوم لهذا الشاب ما تسمحوش فينا".