تذهب بعض التحليلات السياسية بخصوص الوضع العربي إلى أنه يعيش أحلك أيامه ،وأقرت أخرى بأنه زمن رديء بكل المقاييس،فأينما وليت سمعك أو بصرك إلا وجلدت بأخبار المآسي، والقرارات المتحكم فيها أمريكيا،أوروبيا،أوصينيا،وأعتقد أنه في غير مقدورنا الحكم على تلك التحليلات بالمبالغة،فواقعنا بالفعل كبا إلى أسفل درجات الكبوة، ومؤسف إلى حد الإحباط المزمن، لازلت أذكر بعض الأحاديث النقدية التي كنت أعجب مما انتهت إليه من استنتاجات مفادها أن الأزمات السياسية تضخ نضارة لا مثيل لها في الأدب والفن،والمسرح،والسينما، وعجبي لم يكن قائما على الشك في الأمر، ولكن من قدرة الفن على التميز عن السياسة من حيث خلق حركة فكرية ناضجة تروم ولوج شساعة المطلق بدل التقوقع في انتظار الذي يأتي ولا يأتي من السياسة،وهي غالبا ميدان المناورة،وتغليف الحقائق المرة،أو فرضها حسب طريقة الحكم والمحكومين،لكن السياسة العربية الحالية جرت معها حتى المشاعر الإنسانية إلى هوة سحيقة جعلت أحد مسؤولينا يفكر في إضافة سجون جديدة وتوسيع الأخرى، ولا يختلف الوضع ربما بالنسبة لجل الدول العربية،وستكون لنا عودة إن شاء الله لمعالجة حالتنا الفنية. ""
لقد أخذ بعض الإخوة الكرام على عاتقهم مبادرة معالجة وضعنا السياسي من خلال عدة مقالات على صفحات هسبريس،مركزين أساسا على القادة السياسيين،من أمثال عبد الناصر،والملك فيصل،وصدام حسين،وحسن نصره الله،ومهما كانت الانتقادات التي توجه لهؤلاء، وخاصة الثلاثة السابقين ،وأضيف إليهم الملك الحسن الثاني، وحافظ الأسد ،فإنهم كانوا يمثلون سياسة عربية ذات بأس وقوة،يحسب لها ألف حساب،لابد أن البعض من القراء،بالمناسبة، سوف يغضب لذكر بعض الأسماء انطلاقا من تحليلاته الخاصة،ولكن لدي كامل اليقين،أن أي احد لو راجع المشهد السياسي العربي منذ عشرين سنة سيلاقي اختلافا كبيرا،في الحركية،والنفوذ الدولي، والقدرة على المواجهة السياسية،والتأثير، ومراعاة أحاسيس الشعوب في كبح جماح العدو،ويمكن اعتبار فترتهم فترة إرهاصات شعلة وحدوية ،على الأقل في وجدان كل عربي، لا ينقصها إلا بعض العزم،والثقة، والمفرح في ذلك كله أن الرتابة السياسية المملة لم يكن لها وجود، وما كانت تقوم فتنة حتى يبادر الجميع لحلها،ولم يكن أولئك الرؤساء والملوك يفهمون معنى أن يسلم أحد أخاه (شعبا) لمصير مجهول،لأنه على خلاف مع رئيسه،وإذا وقعت أخطاء ،فبفعل تجاذب القطبين الحاكمين للعالم آنذاك ،أحدهما يجر شرقا،والآخر يجر غربا،ولكن الانجرار،رغم ذلك كان نسبيا،إذ إن بقية من نخوة استعصت على الذوبان في كؤوس الإذلال التي لابد أن القوى الكبرى استخدمتها للتفريق،وبث النزاعات بين العرب.
ما يدل على بأس تلك السياسة،أن أمريكا وإسرائيل كانتا تخشيان القرارات العربية،وتحسبان لها آلاف الحسابات ،وبالتالي فإن إسرائيل كانت تجد نفسها في مأزق كلما اجتمع العرب،في قمم كبرى،أو قمم صغرى مستعجلة بين دولتين أوثلاث دول،لمناقشة اعتداءاتها،أو حتى مناقشة أمور لاعلاقة لها بالقضية الفلسطينية لعلمها الأكيد أن القضية بالنسبة لأولئك القادة لاجدال فيها، وتحتل الأولوية قبل كل أمر آخر، مما يشعرها فعلا بأنها دولة غاصبة ومحتلة لأرض دون وجه حق . لقد استطاع أولئك القادة أن يشكلوا فعلا مدارس سياسية ،رغم بعض المآخذات طبعا،يمكن البحث فيها عن كرامة عربية سمت بالشعور العربي النضالي الوحدوي إلى مستويات لا بأس بها، أكبر تجلياته كان ما اصطلح عليه بالأدب المقاوم.
مباشرة بعد عقد اتفاقية كامب ديفد(كانت تسميها ليبيا،عبر إذاعتها،اتفاقية اسطبل دواود،حينها لم يكن السيد القذافي قد غادر المدرسة الناصرية،ليدخل مدرسة المتاهات السياسية المنظرة لكل شيء ولا شيء) ،بدأ زمن بؤس السياسة العربية،لقد صدم الشارع العربي بالاتفاقية،لأنها أشرت على بداية التخلي عن التضامن العربي، حيال القضايا المصيرية،كما أشرت على انسحاب مصر من دورها الريادي في دعم سياسة عربية موحدة، وبعد الاتفاقية توالت الاتفاقيات،وفي كل اتفاقية يعلق السياسيون المتفقون آمالا بئيسة،أثبتت الأيام سرابيتها،وأصبحت القضية الفلسطينية محل مساومات بين كل من يريد أن يختط له منهجا سياسيا معتدلا مع الغرب بصفة عامة،والاعتدال هنا مرادف للاستسلام،ويقتضي أن يدين رئيس عربي العمليات الفدائية،ويقبل بوجود إسرائيل على أرض فلسطين،ويعبر عن حضاريته بنهج الطرق التفاوضية الخاوية، ويصمت عندما تشرع إسرائيل في إبادة شعب بأكمله،بل ويحكم غلق أبواب حدوده إرضاء لها،ويرفض نتائج الاقتراع إذا انتخب الشعب طائفة غير موالية للغرب ولإسرائيل.
لقد قدر لبعض القادة العرب أن يعيشوا ليشهدوا بؤس العرب،بل وليكونوا ضحية هذا البؤس،ومثلهم صدام حسين الذي أعدم جزاء تجرئه على إسرائيل،ورميها بالصواريخ، إذ إنه في العرف السياسي الغربي اليوم،واقتنع به كثيرون من أبناء جلدتنا في غفلة منهم،يقصد بتهديد السلام العالمي تهديد إسرائيل ولا شيء آخر، وكل دولة أبانت عن حسن نياتها تجاه هذا الكيان،فهي في حل من كل الالتزامات الديمقراطية،والحقوقية....لم تشعر إسرائيل في أي وقت بالطمأنينة مثل ما تشعر به اليوم رغم تخوفاتها غير المبررة من إيران وسوريا التي تستعملهما فقط كأوراق ضاغطة للحصول على مزيد من الدعم الأمريكي،والأوربي، ذلك أن إيران داخلة في آفاق تسويات مع الأمريكان،إذا ذكر حزب الله هنا فأمره سهل،ولا يضير إسرائيل أن تتخلى عن مزارع شبعة ،وتغلق نهائيا ملف المقاومة في لبنان وتجعلها مجرد ذكرى يحتفل بها الناس مضخمين نصرهم الواهم،في حين يستمر الشعب الفلسطيني يعاني الأمرين،ولنقل شريحة منه فقط،أما شريحة أخرى فقد استمرأت ابتسامات رايس،وشعرها المقصوص، وقامة ليفني،وأولمرت، وراحت تنقل إليهم عزمها على مضايقة كل فعل مقاوم هدفه تحرير الأرض المقدسة، وعدم تساهلها في المفاوضات مع المقاومين،وهنا لاندري من هي سلطة الاحتلال هل إسرائيل أم من ينوب عنها في فلسطين . ما يحز في النفس، من كل هذا ،هو رؤية دماء الأطفال والشيوخ،والنساء،وتسيل غزيرة في فلسطين والعراق،وكأن الأمر لايتعلق ببشر،لهم من الحقوق ما لبقية عباد الله،بل وفي كل مكان من العالم العربي، ولا من يستطيع تحريك ساكن، أليس هذا زمن بؤس الوضع العربي بامتياز. بعض التحليلات السياسية بخصوص الوضع العربي إلى أنه يعيش أحلك أيامه ،وأقرت أخرى بأنه زمن رديء بكل المقاييس،فأينما وليت سمعك أو بصرك إلا وجلدت بأخبار المآسي، والقرارات المتحكم فيها أمريكيا،أوروبيا،أوصينيا،وأعتقد أنه في غير مقدورنا الحكم على تلك التحليلات بالمبالغة،فواقعنا بالفعل كبا إلى أسفل درجات الكبوة، ومؤسف إلى حد الإحباط المزمن، لازلت أذكر بعض الأحاديث النقدية التي كنت أعجب مما انتهت إليه من استنتاجات مفادها أن الأزمات السياسية تضخ نضارة لا مثيل لها في الأدب والفن،والمسرح،والسينما، وعجبي لم يكن قائما على الشك في الأمر، ولكن من قدرة الفن على التميز عن السياسة من حيث خلق حركة فكرية ناضجة تروم ولوج شساعة المطلق بدل التقوقع في انتظار الذي يأتي ولا يأتي من السياسة،وهي غالبا ميدان المناورة،وتغليف الحقائق المرة،أو فرضها حسب طريقة الحكم والمحكومين،لكن السياسة العربية الحالية جرت معها حتى المشاعر الإنسانية إلى هوة سحيقة جعلت أحد مسؤولينا يفكر في إضافة سجون جديدة وتوسيع الأخرى، ولا يختلف الوضع ربما بالنسبة لجل الدول العربية،وستكون لنا عودة إن شاء الله لمعالجة حالتنا الفنية. ""
لقد أخذ بعض الإخوة الكرام على عاتقهم مبادرة معالجة وضعنا السياسي من خلال عدة مقالات على صفحات هسبريس،مركزين أساسا على القادة السياسيين،من أمثال عبد الناصر،والملك فيصل،وصدام حسين،وحسن نصره الله،ومهما كانت الانتقادات التي توجه لهؤلاء، وخاصة الثلاثة السابقين ،وأضيف إليهم الملك الحسن الثاني، وحافظ الأسد ،فإنهم كانوا يمثلون سياسة عربية ذات بأس وقوة،يحسب لها ألف حساب،لابد أن البعض من القراء،بالمناسبة، سوف يغضب لذكر بعض الأسماء انطلاقا من تحليلاته الخاصة،ولكن لدي كامل اليقين،أن أي احد لو راجع المشهد السياسي العربي منذ عشرين سنة سيلاقي اختلافا كبيرا،في الحركية،والنفوذ الدولي، والقدرة على المواجهة السياسية،والتأثير، ومراعاة أحاسيس الشعوب في كبح جماح العدو،ويمكن اعتبار فترتهم فترة إرهاصات شعلة وحدوية ،على الأقل في وجدان كل عربي، لا ينقصها إلا بعض العزم،والثقة، والمفرح في ذلك كله أن الرتابة السياسية المملة لم يكن لها وجود، وما كانت تقوم فتنة حتى يبادر الجميع لحلها،ولم يكن أولئك الرؤساء والملوك يفهمون معنى أن يسلم أحد أخاه (شعبا) لمصير مجهول،لأنه على خلاف مع رئيسه،وإذا وقعت أخطاء ،فبفعل تجاذب القطبين الحاكمين للعالم آنذاك ،أحدهما يجر شرقا،والآخر يجر غربا،ولكن الانجرار،رغم ذلك كان نسبيا،إذ إن بقية من نخوة استعصت على الذوبان في كؤوس الإذلال التي لابد أن القوى الكبرى استخدمتها للتفريق،وبث النزاعات بين العرب.
ما يدل على بأس تلك السياسة،أن أمريكا وإسرائيل كانتا تخشيان القرارات العربية،وتحسبان لها آلاف الحسابات ،وبالتالي فإن إسرائيل كانت تجد نفسها في مأزق كلما اجتمع العرب،في قمم كبرى،أو قمم صغرى مستعجلة بين دولتين أوثلاث دول،لمناقشة اعتداءاتها،أو حتى مناقشة أمور لاعلاقة لها بالقضية الفلسطينية لعلمها الأكيد أن القضية بالنسبة لأولئك القادة لاجدال فيها، وتحتل الأولوية قبل كل أمر آخر، مما يشعرها فعلا بأنها دولة غاصبة ومحتلة لأرض دون وجه حق . لقد استطاع أولئك القادة أن يشكلوا فعلا مدارس سياسية ،رغم بعض المآخذات طبعا،يمكن البحث فيها عن كرامة عربية سمت بالشعور العربي النضالي الوحدوي إلى مستويات لا بأس بها، أكبر تجلياته كان ما اصطلح عليه بالأدب المقاوم.
مباشرة بعد عقد اتفاقية كامب ديفد(كانت تسميها ليبيا،عبر إذاعتها،اتفاقية اسطبل دواود،حينها لم يكن السيد القذافي قد غادر المدرسة الناصرية،ليدخل مدرسة المتاهات السياسية المنظرة لكل شيء ولا شيء) ،بدأ زمن بؤس السياسة العربية،لقد صدم الشارع العربي بالاتفاقية،لأنها أشرت على بداية التخلي عن التضامن العربي، حيال القضايا المصيرية،كما أشرت على انسحاب مصر من دورها الريادي في دعم سياسة عربية موحدة، وبعد الاتفاقية توالت الاتفاقيات،وفي كل اتفاقية يعلق السياسيون المتفقون آمالا بئيسة،أثبتت الأيام سرابيتها،وأصبحت القضية الفلسطينية محل مساومات بين كل من يريد أن يختط له منهجا سياسيا معتدلا مع الغرب بصفة عامة،والاعتدال هنا مرادف للاستسلام،ويقتضي أن يدين رئيس عربي العمليات الفدائية،ويقبل بوجود إسرائيل على أرض فلسطين،ويعبر عن حضاريته بنهج الطرق التفاوضية الخاوية، ويصمت عندما تشرع إسرائيل في إبادة شعب بأكمله،بل ويحكم غلق أبواب حدوده إرضاء لها،ويرفض نتائج الاقتراع إذا انتخب الشعب طائفة غير موالية للغرب ولإسرائيل.
لقد قدر لبعض القادة العرب أن يعيشوا ليشهدوا بؤس العرب،بل وليكونوا ضحية هذا البؤس،ومثلهم صدام حسين الذي أعدم جزاء تجرئه على إسرائيل،ورميها بالصواريخ، إذ إنه في العرف السياسي الغربي اليوم،واقتنع به كثيرون من أبناء جلدتنا في غفلة منهم،يقصد بتهديد السلام العالمي تهديد إسرائيل ولا شيء آخر، وكل دولة أبانت عن حسن نياتها تجاه هذا الكيان،فهي في حل من كل الالتزامات الديمقراطية،والحقوقية....لم تشعر إسرائيل في أي وقت بالطمأنينة مثل ما تشعر به اليوم رغم تخوفاتها غير المبررة من إيران وسوريا التي تستعملهما فقط كأوراق ضاغطة للحصول على مزيد من الدعم الأمريكي،والأوربي، ذلك أن إيران داخلة في آفاق تسويات مع الأمريكان،إذا ذكر حزب الله هنا فأمره سهل،ولا يضير إسرائيل أن تتخلى عن مزارع شبعة ،وتغلق نهائيا ملف المقاومة في لبنان وتجعلها مجرد ذكرى يحتفل بها الناس مضخمين نصرهم الواهم،في حين يستمر الشعب الفلسطيني يعاني الأمرين،ولنقل شريحة منه فقط،أما شريحة أخرى فقد استمرأت ابتسامات رايس،وشعرها المقصوص، وقامة ليفني،وأولمرت، وراحت تنقل إليهم عزمها على مضايقة كل فعل مقاوم هدفه تحرير الأرض المقدسة، وعدم تساهلها في المفاوضات مع المقاومين،وهنا لاندري من هي سلطة الاحتلال هل إسرائيل أم من ينوب عنها في فلسطين . ما يحز في النفس، من كل هذا ،هو رؤية دماء الأطفال والشيوخ،والنساء،وتسيل غزيرة في فلسطين والعراق،وكأن الأمر لايتعلق ببشر،لهم من الحقوق ما لبقية عباد الله،بل وفي كل مكان من العالم العربي، ولا من يستطيع تحريك ساكن، أليس هذا زمن بؤس الوضع العربي بامتياز.