في تصريح غير مسبوق دعا إدريس لشكر عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى التحالف مع حزب العدالة والتنمية ، الذي كان إلى عهد قريب من أشرس خصومه. "" هذه الدعوة اعتبرها مراقبون خطوة في اتجاه مواجهة نفوذ حركة "لكل الديمقراطيين" المقربة من الملك، بقيادة صديقه فؤاد عالي الهمة. ولاقت دعوة لشكر صدى إيجابيا في أوساط حزب "العدالة"، عبر عنها عبد العزيز أفتاتي القيادي بالحزب في تصريح خاص ل"إسلام أون لاين.نت" بقوله: إن تشكيل تحالف "موضوعي" بين العدالة والاتحاد (أحد مكونات الائتلاف الحاكم بالمغرب) من شأنه "دعم معركة الإصلاح ومحاربة الفساد، ومواجهة حركة فؤاد عالي الهمة، خاصة مع وجود نقاط التقاء بين الجانبين". وقال لشكر في تصريح لصحيفة "المساء" المغربية نشرته اليوم: "إن حزب الاتحاد مطالب، خلال مؤتمره الوطني القادم (هذا الصيف)، بمراجعة تحالفاته الحالية؛ لأن الاتحاد ليس في حاجة لتحالف مع أحزاب واهية وضعيفة (في إشارة إلى المكونات الأخرى للائتلاف الحاكم)، بل في حاجة إلى أحزاب لها امتداد حقيقي، وتمتلك الجرأة على التعبير عن مواقفها بوضوح وشفافية في محاربة الفساد والمفسدين"، في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية الذي يقود المعارضة البرلمانية. وبخصوص ما إذا كانت المرجعية اليسارية للاتحاد قد تعطل تحالفه مع العدالة ذي المرجعية الإسلامية، أجاب لشكر: "إن مرجعيتنا لا تمنعنا من البحث عن أحزاب تجمعنا بها قواسم مشتركة مرحليا بما يؤدي، لا محالة، إلى التوافق حول برنامج نضالي تقتضيه المصلحة العليا للوطن". واعتبر أن دعوته للتحالف مع حزب العدالة ثمرة للنقد الذاتي "الجريء والشجاع" الذي قام به الاتحاد الاشتراكي، عقب حصوله على نتائج ضعيفة في الانتخابات التشريعية التي جرت في سبتمبر الماضي، بحصوله على 36 من أصل 325 مقعدا في البرلمان. ضرورة وطنية على الجانب الآخر من هذه الدعوة رأى لحسن الدوادي نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن الاختلاف حول المرجعية مع الاتحاد الاشتراكي لا يمنع التحالف معه، خاصة أن "الاتحاد فيه تيارات معروفة بنزاهتها ومقاومتها للفساد". وأضاف في تصريح ل"المساء" أن التحالف سواء مع الاتحاد أو مع أي حزب آخر "أصبح ضرورة وطنية؛ لإنقاذ البلد من مستنقع الانتقال الديمقراطي الذي غرقت فيه". وفي تصريح ل"إسلام أون لاين.نت" قال عبد العزيز أفتاتي القيادي في العدالة: "إن نقاط التقاء عديدة بين حزب العدالة والاتحاد الاشتراكي تشجع على ظهور هذا التحالف؛ فالحزبان يمثلان مدرسة تستند إلى رصيد من المصداقية والكفاءات النزيهة". ومع تأكيد أفتاتي على أهمية تحالف الحزبين، فإنه يعتبر أن "التحالف بالنسبة للاتحاد الاشتراكي هو خياره الوحيد،أما بالنسبة لحزب العدالة فله أكثر من خيار في مسألة التحالف"، في إشارة لكونه الحزب الفائز بأكبر عدد من الأصوات في التشريعيات الأخيرة. واستبعد القيادي بحزب العدالة "أن يكون التحالف مع حزب الاستقلال، الذي يقود الحكومة الحالية، هو أحد هذه الخيارات في الوقت الراهن"؛ مبررا ذلك بأن الاستقلال "أكثر التصاقا بالكراسي، بخلاف الاتحاد الذي قام بنقد ذاتي بعد هزة الانتخابات الأخيرة، وقرر العودة للشعب". وكان حزب العدالة والتنمية قد حل في المرتبة الثانية في الانتخابات الأخيرة ب47 مقعدا، بعد حزب الاستقلال الذي حصل على 52 مقعدا، أما حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فاحتل المرتبة الخامسة. حركة عالي الهمة وترى مصادر سياسية مغربية أن دعوة لشكر للتحالف مع حزب العدالة ترتبط بالجدل الإعلامي والسياسي الدائر حول حركة "لكل الديمقراطيين" منذ تأسيسها في فبراير الماضي، على يد مجموعة من المقربين من الملك محمد السادس، على رأسهم فؤاد عالي الهمة النائب بالبرلمان وصديق الملك. ويقول أعضاء بهذه الحركة إن هدفها هو الدفاع عن المشروع الديمقراطي الذي يتبناه المغرب في مواجهة "القوى الظلامية"، فيما يرى معارضوها أنها تستهدف التضييق على الأحزاب المستقلة والمعارضة لمصالحة حكومة عباس الفاسي. ومن هذا المنطلق، اندلعت حرب إعلامية حامية بين مؤسسي الحركة وبين حزبي الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية، حيث وصفها الاتحاد بأنها "تضرب المسلسل الديمقراطي". كما تمثل الحركة -التي تضم وزراء ورجال أعمال وسياسيين مقربين من السلطة- مصدر قلق للتيار الإسلامي في ظل شعور متنام بأنها تأسست للحد من شعبيته وفرصته في الانتخابات المحلية المقررة العام المقبل، بعد أن صرح عالي الهمة بأنها جاءت "لتبين أنه على الأرض لا يوجد فقط تيار ظلامي، بل هناك تيار آخر لا يريد وصفات من الخارج في المجال الديني". وتعبيرا عن إدراك حزب العدالة لدلالة هذا التصريح، اعتبر أفتاتي أن من شأن التحالف المرتقب بين حزبه وبين حزب الاتحاد الاشتراكي "الدفع أكثر في تدعيم خيار الإصلاح، ومحاربة الفساد، وعدم السقوط في ألعوبة المخزن (القصر) ممثلة في تحركات حركة فؤاد عالي الهمة". عن "إسلام أون لاين.نت