لا زالت عملية البتر التي طالت سيفا يحمله مجسّم لغازي مليليّة، دُونْ بِيدْرُو دِي إيستُوبِينْيَانْ، والتي نفذتها اللجنة الوطنية للمطالبة بتحرير سبتة ومليليّة والجزر التابعة لهما قبل أسابيع، تثير ردود فعل وسط سياسيّ الثغر المجاور للنّاظور. أخر ردّ فعل كان من مصطفى أبرشان، كبير حزب الائتلاف من أجل مليلية الشهير اختصارا بCPM، إذ وصف الخطوة ب "غير المقبولة" ضمن إطلالة له عبر أثير راديو "كُوبي" المحلّي.. وزاد ذات السياسيّ، وهو المنتمي لصف الساكنة الأصلية لمليليّة، أنّه "ينبغي حاليا ضمان التعايش بين مكونات المجتمع الغنيّ بتنوعه.. لا النظر إلى ما قبل 500 سنة وحملة إيستُوبِينْيَانْ على المنطقة". وكانت ذات اللجنة قد أثارت الأطياف السياسية والجمعوية بمليليّة حين تسلّل شباب منها إلى الثغر لبتر الذراع الأيمن من تمثال قائد الحملة المفضية لسقوط مليلية في يد الإسبان.. وزادت الإثارة حين أفلح ذات الشبان في تخطّي الإجراءات الأمنيّة المفعّلة بالحدود، انطلاقا من الأحياء العتيقة لمليلية، والنجاح في نقل الجزء المبتور خارج المدينة. أبرشان، وهو السياسي المليلي الذي سبق له وأن شارك ضمن ثلّة من التحركات المدنية التي بصمها جمعويون مستقرون بمليليّة، بصفتهم مغاربة وبتمويل من تنظيمات مستفيدة من دعم المال العام المغربي، قال لذات القناة الإذاعية المذكورة: "ينبغي على وزارة الثقافة بالرباط أن تتحرك لمعاقبة مخرّبي تمثال دُونْ بِيدْرُو.. باعتبارهم باصمين على عمل تخريبي يعدّ محظورا وفقا للتشريعات". وجاء هذا الموقف من رئيس الPCM كردّ على خطوة "لجنة المطالبة بالتحرير" التي قصدت مكتب الوزير محمد الأمين الصبيحي بغية تسليمه الجزء المقتطع من تمثال دِي إيستُوبِينْيَانْ باعتباره "جزء من الذاكرة الجماعية المغربيّة ينبغي عرضه وسط متحف يعنى بالحضارة ومسار المقاومة ضد المدّ الكولونيالي المستهدف للمملكة". التعبير الغاضب الصادر عن مصطفى أبرشان يأتي في ختام سنة عدّة الأنشط في مسار اللجنة الوطنية للمطالبة بتحرير سبتة ومليلية والجزر التابعة لهما.. نشاط يرخي تأثيره على تكهنات الحقل السياسي بمدينة مليليّة خصوصا، باعتبارها أقرب لمستقر اللجنة المذكورة مقارنة بسبتة، ويجعل مدبريها الإسبان يتوجسون تطورات إضافية خلال العام المقبل الذي لم يتبقّ لحلوله سوى أيّام معدودات. وكانت اللجنة، التي يرأسها المثير للجدل يحيى يحيى، محطّ توجّسات من لدن الحكّام المحليّين لمليلية وسبتة، وكذا نظرائهم المركزيّين بحكومة مدريد.. خصوصا حين تمّ اقتحام منابع إِيَاسِيننْ المزودة للثغر المليلي بالماء الشروب، وخوض وقفات أقفلت الحدود، زيادة على اقتحام جزر تعدّها إسبانيا مناطق تمارس عليها سيادتها، تحديدا جزر "لاَ غُومِيرَا|بَاديس" و"بِيرِيخِيل|ليلى" و"تشَافَارِينَاس| الجعفرية".. وهي تحركات دفعت وزير الدفاع الإسباني لا يتردّد في مطالبة الحكومة المغربية بحماية "التراب الاسباني" من الاعتداءات. ذات التنظيم، وهو الذي رأى النور خريف العام 2007 بعد زيارة الملك خوان كَارلُوس لثغري سبتة ومليليّة، سبق له وأن دعَا إسبانيا إلى "احترام حقوق مغاربة الثغرين، وفتح حوار يبنى على استراتيجية واضحة حتّى يفضي لوضع أفق زمني للجلاء عن شمال المغرب".. كما سبق لرئيس ذات التنظيم يحيى يحيى، المغربيّ ابن مليليّة، وهو الحامل للجنسية الهولنديّة المكتسبة من والدته دونا عن أي جنسية إضافيّة، أن صرّح بأنّ "اللجنة الوطنية للمطالبة بتحرير سبتة ومليليّة تتخذ الخطوات التي تراها مناسبة لتحقيق أهدافها، مع التشبّث بسلميّة تحرّكَاتها"، قبل أن يزيد: "التعابير المستعملة من لدن الكولونياليّين لا تعنينَا.. فقد ألفنَا أن يحوّلوا حقّنَا إلى بَاطل منذ بروز أطماعهم في خيرات المغرب وأراضيه".