اليمن.. الحوثيون يهددون بمواجهة "التصعيد بالتصعيد" وواشنطن تعلن مقتل العديد من قادتهم    اسكتلندا.. حمزة إغمان يمنح الفوز لرينجرز في ديربي غلاسكواسكتلندا.. حمزة إغمان يمنح الفوز لرينجرز في ديربي غلاسكو    وداد برطال تتوج بلقب بطولة العالم للملاكمة النسائية في صربيا    توقعات احوال الطقس ليوم الاثنين.. أمطار وثلوج    موقع أوديسيه: المغرب 'إلدورادو حقيقي' للمستثمرين ووجهة الأحلام للمسافرين    التساقطات المطرية الأخيرة تنعش آمال الفلاحين وتحسن الغطاء النباتي بالحسيمة    البحيري: سعداء بالتتويج بلقب البطولة    هبات رياح قوية مع تطاير الغبار وتساقطات ثلجية مرتقبة يومي الاثنين والثلاثاء بعدد من مناطق المغرب    لا أيمان لمن لا أمانة له ...    الأدوية الأكثر طلبا خلال رمضان المضادة للحموضة و قرحة المعدة!    إحياءا لروح الوحدة والاستقلال.. وفد من الشرفاء العلميين يزور ضريح محمد الخامس ترحما على روحه الطاهرة    اندلاع حريق مهول بحي المهاجرين العشوائي بتزنيت يسائل سياسات الإيواء والاندماج    حفل موسيقي مميز يُلهب أجواء المركز الثقافي ليكسوس بحضور جمهور غفير    الأعمال الفنية الرمضانية: تخمة في الإنتاج ورداءة في الجودة    إغلاق السوق المركزي لبيع الأسماك بشفشاون: قرار رسمي لحماية الصحة العامة وتنظيم النشاط التجاري    الغلوسي: الفساد يتمدد بفعل غياب الديمقراطية وقوى الفساد تنشر التخويف وتُشرّع لنفسها    إسبانيا تُمدد فترة التحقيق "السري" لنفق سبتة بعد تسجيل تطورات    شبهة التهريب الدولي للمخدرات تتسبب في توقيف سائق شاحنة بطنجة    ترامب يجمّد عمل إذاعات أمريكية موجهة إلى الخارج    عواصف وأعاصير تخلف 33 قتيلا على الأقل في الولايات المتحدة    رياح وتساقطات ثلجية الاثنين والثلاثاء    الأرصاد الجوية تحذر من أمواج عاتية    ارتباك النوم في رمضان يطلق تحذيرات أطباء مغاربة من "مخاطر جمّة"    السلطات تمنع محامين إسبان موالين للبوليساريو من دخول العيون    "الثقافة جزء من التنمية المحلية" عنوان أجندة مجلس مقاطعة سيدي البرنوصي    انخفاض جديد في أسعار المحروقات بالمغرب..    الإهانة في زمن الميغا امبريالية: عقلانية التشاؤم وتفاؤل الإرادة.    عشرات الآلاف يتظاهرون في صربيا ضد الفساد    في اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا    اتحاد طنجة يكرس سلسلة تعادلات الوداد و يرغمه على تعادله الرابع تواليا    المغرب وموريتانيا يعززان التعاون الإعلامي في عصر التحولات الرقمية    المُقاطعة أو المجاعة !    نسيم عباسي يتيح أفلامه السينمائي للجمهور عبر "يوتيوب"    ضبط أزيد من 18 ألف قنينة من المشروبات الكحولية في مخزن سري بالناظور    العدالة والتنمية يحمل الحكومة مسؤولية التأخير في إعادة إيواء متضرري زلزال الحوز    وزير الداخلية الفرنسي يهدد بالاستقالة إذا ليّنت باريس موقفها مع الجزائر    المغرب يتصدر إنتاج السيارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    تطبيق "تيليغرام" يسمح بتداول العملات المشفرة    السكتيوي يستدعي 32 لاعبا لإجراء تجمع إعدادي تأهبا ل"شان" 2024    "آتو مان" أول بطل خارق أمازيغي في السينما: فيلم مغربي-فرنسي مستوحى من الأسطورة    مصرع 51 شخصا في حريق بملهى ليلي في مقدونيا الشمالية    من الناظور إلى الداخلة.. عضو في كونفيدرالية البحارة يكشف عن التلاعب بأسعار السمك    الجزائر واكتشاف البطاقة البنكية: بين السخرية والواقع المرير    استمرار ضطرابات الجوية بالمغرب طيلة الأسبوع المقبل    فوزي لقجع.. مهندس نجاح نهضة بركان وصانع مجدها الكروي    سائق دراجة نارية يحتج على سلوك غير أخلاقي في كورنيش طنجة    ملكة الأندلس تتربع على عرش الجماهيرية دون منازع    تتويج "عصابات" بجائزة "فرانكوفيلم"    فيضانات وانهيارات أرضية تجتاح شمال إيطاليا (فيديو)    نهضة بركان يدخل تاريخ الكرة المغربية بأول لقب للبطولة الوطنية    الشعباني: "لقب نهضة بركان مستحق"    تأثير مرض السكري على العين و عوارض اعتلال الشبكية من جراء الداء    أبرز المعارك الإسلامية.. غزوة "بني قينقاع" حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة    الغذاء المتوازن و صحة القلب في رمضان !!    فرنسا تعلن استيراد الحصبة من المغرب    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التنقيب عن الكنوز في المغرب .. مطلب الجن والإنس
نشر في هسبريس يوم 15 - 12 - 2012

تحميه الدولة بترسانة من القوانين، ويرمي الجن الحارس إلى ما وراء الشمس كل من اقترب من مكانه في قصص الناس العاديين. أمنية الفقراء ومبتغى الأغنياء.
"هسبريس" تنبش في موضوع الكنوز حيث تمتزج الحقيقة بالخرافة.
الكنز والقانون
"لو أنصتنا للمغاربة فلربما اعتقدنا أن المغرب مستودع عجائبي للكنوز" هذا ما قاله بول باسكون السوسيولوجي المعروف باهتماماته وأبحاثه حول السوسيولوجيا القروية بالمغرب. نهار السبت فالصباح لقاو ضريح سيدي خليفة بدوار آيت لفقيه فقلعة السراغنة محفور. اعتقلوا فقيها بالجنوب ذبح صبية قيل أنها "زوهرية". قبر ملك من الملوك المرينيين نبش في شالة. هذا النوع من الأخبار كثيرا ما يسمع في المقاهي أو يقرأ على صفحات الجرائد. خبر "ترخيص وزير الثقافة لسيدة نافذة ومشعود باستخراج كنز بآسفي" الذي أوردته الجرائد على صدر صفحاتها الأولى أثار الأسئلة من جديد عن الكنوز بالمغرب؟ ما هو تعريف الكنوز؟ أين توجد؟ وهل هناك قوانين تحكم المجال؟
"طبعا يوجد قانون 22.80 المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات" هكذا يرد مسؤول بمديرية الثراث التابعة لوزارة الثقافة على سؤال ل"هسبريس" حول وجود قانون من عدمه ينظم التنقيب عن الكنوز واستغلالها. " نحن نسميها اللقى الأثرية ماشي الكنز، لأن الكنز لديه مواصفات وهي تدخل في صنف المنقولات". "كنز" مصطلح غير موجود في الأبواب القانونية المتعلقة بخفض التراث، لكن الفصل الثاني من الأحكام العامة لقانون 22.80 يلامس الموضوع من خلال الحديث عن "المنقولات التي لها طابع فني أو تاريخي أو تهم العلوم التي تعنى بالماضي والعلوم الإنسانية بشكل عام".
فرنسا اقترحت قانونا ينظم المجال سنة 1913 وطبق في المغرب سنة 1914، إذا اطلعت عليه تكتشف أن الفرنسيين يعتبرون التراث بشكل عام كنز كبير، هكذا يشرح ل "هسبريس" واحد من أعضاء لجنة التشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب. لم يدخل أي تعديل على ذلك القانون الى غاية 1980. عدم تغيير القانون الفرنسي طيلة هذه المدة لا يرجع الى أهميته فقط ولكن أيضا لتهميش المُشرِع والسياسي بشكل عام الشأن الثقافي كما يشرح النائب البرلماني دائما. هل يسمح هذا القانون لأي كان بالتنقيب عن الكنوز؟ أبدا، يجيب أستاذ بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط. "لا يجوز لأي كان القيام دون رخصة بأعمال حفر والبحث في الأرض والبحر قصد استكشاف مبان أو منقولات فيها بالنسبة للمغرب فائدة تاريخية أو أثرية أو أنتروبولوجية" هذا ما يقوله الفصل المتعلق بأعمال الحفر والاستكشاف.إذن ما سر هذا النبش الذي نسمع عنه في كل أرجاء المغرب؟ مسؤول بوزارة الثقافة يجيب بأن التسامح يتم في حالات الحفر التي لم يقصد منها البحث عن آثار قديمة واكتشفت على إثرها نقود أو تحف فنية شريطة أن يعلم منجز الحفر السلطات المختصة. التدخل في هذه الحالات يكون في إطار حفريات الإنقاذ. هذا ما حدث في أشغال الطريق السيار الرابط بين فاس و طنجة، خدامين عباد الله حتى لقاو موقع أثري، فتدخلنا كمختصين لإنقاذ الموقع بتمويل من المكتب الوطني للطرق السيارة،وكذلك "الباركينكً" المجاور لقصبة الوداية بالرباط، يوضح أحد علماء الآثار. إذا لم يتعلق الأمر بمؤسسة وطنية كالمكتب الوطني للطرق السيارة و كان الحفار مواطنا عاديا، وجب عليه تبليغ السلطات، لان الدفينة ملك للدولة، حيث يخصص تعويض لمن وجد منقولة، وإذا لم يحصل على التعويض بالتراضي يلجأ المواطن الى المحكمة، يرد أستاذ المعهد الوطني لعلوم الآثار.
"إن التحف الفنية والعاديات المنقولة المكتشفة خلال عمليات حفر مأذون فيها أو خلال أعمال ما تصبح ملكا للدولة" هذا أيضا ما يؤكده فصل من فصول مصنف النصوص التشريعية الخاص بالتراث المنقول. لكن منطوق القانون شئ والواقع شيئ آخر. ايمان الطالبة بشعبة "ما قبل الإسلام" بالمعهد الوطني لعلوم الآثار تقول أن شبكات تعمل على التنقيب والحفر بتقنيات تقلدية وأخرى حديثة على امتداد خارطة المغرب. شبكات تستفيد من التواطؤ و تعمل على بيع النفائس وتهريبها الى أوروبا والخليج العربي أمام أعين الجمارك ورجال الدرك الغير مؤهلين لمعرفة التحف وتمييز اللقى الأثرية. والله يحسن لعوان باش غايتأهلو، الوزارة عندها جوج دريال ما حيلتها للتكوين و الحفريات المبرمجة وحفظ التراث وماحيلتها لمهرجانات العيطة والهيت، تعلق إيمان باسمة.
مطلب الجن والإنس
أشمن غير مؤهلين أسي، أوالله العظيم إلى ضباط كبار ومسؤولين مهمين فالسلطة خدمو معانا حتى عياو، أو كايفهمو فهادشي مزيان. هكذا يصرح حسن القادم من منطقة "اداوتنان" بجهة سوس والمشتغل منذ ست سنوات وسيطا بإحدى الشبكات التي تعمل في ميدان البحث عن الكنوز. ميدان حسب الشاب السوسي ليس مجالا لعالم الآثار بل مجال الفقيه المتمكن من ناصية علم قائم بذاته. نفس الكلام يؤكده الحاج براهيم الفقيه الذي ترك مهمة الإمامة بمقصورة مسجد صغير بإحدى قرى تارودانت لصالح نشاط جديد مكنه من اقتناء بيت فاخر بأحد أحياء الدار البيضاء الراقية وسيارة دفع رباعي علق على مرآتها الداخلية آية الكرسي ودعاء الركوب. تثبيت المكان، خلو المكان من العمار (الإنس) وإن كانوا من الجن فترحيلهم، النية ( ويقصد بها الثقة بين أفراد الجماعة التي تعمل على التنقيب)، السّر (وهو عموما من الأسباب التي تقضي الحاجات)، التوكل على الله والرضا بقضائه، هي الشروط الأربعة التي يعتبرها الفقيه الروداني مفاتيح أساسية للبحث عن الكنوز والنفائس الثمينة المدفونة في باطن الأرض. نفائس يحرسها عدد من الجن الأشداء بعد مرور أربعين سنة على الدفينة حسب الحاج براهيم دائما الذي لا يحرك ساكنا الا بعد حصوله على "تقييدة" موثقة وهي خارطة الكنز التي تحمل مواصفته وعلامات المكان الذي يوجد فيه، هذا إن لم يترائ مكان الكنز للفقيه في الحلم وهي وضعية لا تكون الا في حالة تضارب المصالح بين مجموعة الجن الحارسة للكنز!
الأستاذ رشيد كناني ومن خلال محاضرته " الأزمة المالية ببلاد المغرب على عهد السلطانيين الحسن الأول وولده عبد العزيز وأثرها في شيوع ظاهرة الاكتناز بالمغرب"، التي ألقاها بمناسبة الندوة العلمية " الكنز مقاربة تاريخية وسوسيولوجية". يتحدث عن انعدام الوعي بشريحة المكتنزين والباحثين عن الكنز في الكتابة التاريخية، وأكد أن ظاهرة الاكتناز قد شاعت منذ هزيمة معركة "إيسلي"، التي أرهقت الخزينة العامة للدولة مما أدى إلى ارتفاع الضرائب و أدى بالأهالي إلى دفن أموالهم وكتابة "التقييدة" لمعرفة مكانها. إذن الكنز موجود؟ لا أحد يستطيع نفي هذه الحقيقة، يجيب محافظ أحد متاحف الرباط. غير أن الكنز ليس قطعا ذهبية وجدت مكان تجمع بشري أفناه زلزال أو وباء أو جفاف أورُحِل بسبب صراع أو أزمات، الكنز هو دفينة ذات قيمة مالية تَبَين أركيولوجيا أن صاحبها دفنها بنية الاكتناز، غير أن الموضوع تحيط به الأسطورة و كثير من العجائبية يشرح محافظ المتحف ل"هسبريس".
العجائبية هي ما يتحدث عنه أيضا الأستاذ المصطفى الدقاري في مقاله المعنون ب "التقييدة بين الدلالي والعجائبي". الأستاذ الذي يحلل الخطاب والمعجم والدلالة في خرائط الكنوز التي تسمى "تقييدة" يسرد في مقاله مقطعا من إحدى هذه الوثائق التاريخية التي تدعو المعني باستخراج الكنز إلى استعمال نوع من البخور وقراءة "الظمياتي" والتسلح بالشجاعة مهما كانت الأهوال وهو ما يتضح من خلال جملة: "ويخرج حوله (أي الكنز) نملة قد العتروس الكبير لا تفزع منها ولا تخاف". سيدي الفاضل، لو كان الجن حارسا للدفينة لا تحول علماء الآثار إلى أصحاب عاهات، وأنا واحد منهم، يشرح أحد علماء الآثار ساخرا من تمثلات الخيال الشعبي المغربي للكنز.
*******
ابن خلدون يكره المنقبِين
ابن خلدون لا يتفق مع اللذين احترفوا البحث عن الكنوز. في كتابه "المقدمة" وتحديدا الصفحة 385و386 يصف ممتهني الحفر والتنقيب عن الدفائن ب: "ضعف العقل و العجز عن طلب المعاش بالوجوه الطبيعية للكسب من التجارة والفلح والصناعة". دفين باب النصر بشمال القاهرة يوضح ويعطي وصفا لمن يمتهنون هذا النشاط في زمانه بالقول: " ولهذا فأكثر من تراهم يحرصون على ذلك هم المترفون من أهل الدولة ومن سكان الأمصار الكثيرة الترف المتسعة الأحوال".
العلامة الفيلسوف ومؤسس علم الاجتماع يعتبر من يجري وراء أوهام الكنوز ، "كحال الذين كانوا يطلبون المال في السابق عن طريق تعلم الكيمياء التي تعينهم على قلب المعادن ذهبا ، فقالوا فيهم "من طلب المال بالكيمياء أفلس".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.