بدت وجوه مئات الأشخاص، الذين تقاطروا صباح وزوال اليوم على بيت الشيخ عبد السلام ياسين في الرباط، قد علاها التأثر والحزن برحيل "المربي" أو "الأستاذ المرشد" كما يلقبه تلامذته وأتباعه، والذي وافته المنية فجر اليوم بسبب نزلة برد شديدة زادت في تدهور حالته الصحية العليلة جراء سنه المتقدمة 84 عاما. وتهاطل الزوار والمُعزّون على بيت الشيخ عبد السلام ياسين في أحد الأحياء الراقية بالرباط، بعد أن تناهى لى علمهم خبر انتقاله إلى الرفيق الأعلى، قادمين من كل حدب وصوب للتعزية ومواساة عائلة الفقيد الذي كان قيد حياته أحد المعارضين الشرسين للنظام الملكي سواء في عهد الملك الراحل الحسن الثاني أو حتى في عهد الملك الحالي محمد السادس ولو بدرجة أقل حدة. وشوهدت ندية ياسين، نجلة الشيخ عبد السلام ياسين، وهي تدلف باب إقامة والدها حزينة منكسرة الخاطر، وترتدي جلباب أسود وقد وضعت على عينيها نظارة كبيرة تخفي بها ملامح التأثر والحزن جراء فقدانها لوالدها الذي كانت تعتز به وبمساره العلمي والتربوي والروحي أيما اعتزاز في جميع أحاديثها وحواراتها وجلساتها، وذلك عندما كانت تبدو بمظهر القيادية التي "لا يشق لها غبار" في سنوات خلت قبل أن تتراجع إلى الخلف متوارية عن الأنظار. وشوهد من بين الحاضرين باكرا صباح اليوم أيضا إلى بيت الشيخ ياسين صهره عبد الله الشباني الذي استوقفه بعض المعزين من أتباع وأنصار الجماعة ليحيوه ويواسوه في وفاة المرشد، كما حضرت فعاليات إسلامية إلى بيت الراحل من قبيل الشيخ حسن الكتاني أحد أبرز وجوه السلفية بالمغرب وأيضا محمد خليدي الأمين العام لحزب الفضيلة، والمناضل الحقوقي خالد السفياني، فضلا عن شخصيات سياسية وإسلامية أخرى. وكان شباب "العدل والإحسان" يوزعون على القادمين للتعزية والمواساة بعض النسخ المجزأة من القرآن الكريم من أجل تلاوتها وتدبر آياتها، خاصة في اللحظات الأليمة التي تمر منها عائلة الزعيم الروحي للجماعة، والذي كان حريصا في خطبه وجلساته التربوية على تذكير أعضاء "الجماعة" ومواليها بالآخرة وضرورة التزود لها. وكان لافتا أيضا حضور كثيف ل"أخوات" جماعة العدل والإحسان اللائي اتخذن صفا طويلا ومنظما من أجل ولوج بيت الشيخ ياسين قصد تعزية ومواساة أسرته الصغيرة، قبل أن يوارى جثمانه الثرى غدا الجمعة في مقبرة الشهداء بالرباط، وهو "النظام" الذي بدا واضحا أيضا في صفوف شباب "الجماعة" الذين حرصوا على ترتيب أدق التفاصيل في يوم العزاء.