"إنه مشكل المغاربة وليس مشكلا خاصا بكرة القدم"، هكذا صرح السياسي الهولندي الشعبوي خيرت فيلدز معلقا على حادث مقتل مساعد حكم أثناء مباراة لكرة القدم لفرق الهواة نهاية الأسبوع الماضي. ثقافة 'الفتوة‘ ديرك دي يونغ الباحث المختص في الجريمة والنزوع الإجرامي لدى الشباب، يرى أن الشارع هو مصدر العنف. في الشارع ينتزع الشاب مركزه بين أقرانه ب "سلوك الفتوة" وتجاهل الآخر. فالحادث الذي جرى نهاية الأسبوع الماضي في مدينة ألميره الهولندية وأدى إلى مقتل الحكم المساعد ريشارد نيونهاوزن، ما هو إلا قطرة في مجرى واسع من حوادث العنف تسبب فيها مشاغبون شباب ومراهقون. وإذا كانت ثقافة الشارع ظاهرة تعرفها كل المدن الكبيرة والمتوسطة على مستوى العالم، فإنها في هولندا تتميز بغلبة نسبة التمثيل فيها للشباب من أصل مغربي. أحمد بعدود رئيس مقاطعة نيو ويست التي ينتمي إليها المتهمون بقتل الحكم المساعد، يبرر كثرة مشاكل الشباب في حيه بارتفاع نسبتهم إجمالا مقارنة بالأحياء الأخرى، أضف إلى ذلك أن الأغلبية الساحقة من شباب الحي هي من أصول مغربية وتركية وبالتالي فمن الطبيعي أن تسلط الأضواء على هذه الفئة الخاصة. أنجز دي يونغ بحثه عام 2007 حول ثقافة الشارع في حي نيو ويست، وعادت للاعتماد عليه صحيفة دي فولكس كرانت واسعة الانتشار في عدد الخميس للإجابة عن كثير من الأسئلة المعلقة حول أسباب السلوك العنيف الذي أضحى المغاربة يتميزون به عن باقي أقرانهم من الإثنيات الأخرى. وعايش دي يونغ أثناء إجراء دراسته الميدانية حالات معينة استنتج منها أن الشباب المغاربة لا يبالون بغيرهم وأن حادثا بسيطا قد يتطور في لحظة لحادث خطير وقاتل. "لا أدري بالضبط ماذا كان السبب وراء حادثة الاعتداء في ألميره، لكن من المحتمل أن يكون لاعبو فريق نيو سلوتن قد أحسوا بأن الحكم أخطأ في حقهم". عقوبات مخففة وبما أن الشباب ينتمون لثقافة المجموعة فإن عدم التدخل لفض الهجوم شجع المهاجمين على التمادي في الضرب. كان لا بد من التدخل لزجر أولئك الشباب، وإذا تُركت المبادرة للمجموعة فعندها "تهيمن ثقافة الشارع وتعلو قيم ثقافة الشارع وسلوك الفتوة". ويشدد الباحث على أن دور التربية نسبي جدا، فبعض الآباء أشداء على أبنائهم والبعض الآخر لا يبالي والبقية فقدت زمام السيطرة تماما على أبنائها. وفي تعليق لها في عدد الخميس عادت صحيفة دي تيلغراف اليمينية للحديث عن العقوبات التي تصدرها المحاكم على الجانحين المراهقين. فالمتهمون بقتل ريشارد نيونهاوزن يخضعون لقانون الأحداث مع استثناء المتهم الذي يبلغ 16 من عمره، والذي ربما قد يحاكم وفق قانون الراشدين، في حين يحاكم المتهمان الآخران بحسب مقتضيات قانون الأحداث بما يعني سنة واحدة سجنا كحد أقصى. وأوضحت الصحيفة أن هذا القانون تعرض للنقد في حادث مقتل مراهق على يد مراهق آخر في ما أصبح يعرف ب "جريمة على الفيسبوك"، فضلا عن حادث قتل آخر جرى في روتردام. ودعت الصحيفة إلى ضرورة مراجعة قانون الأحداث مراجعة معمقة. وفي نفس السياق كانت ردود فعل كثيرة على خلفية حادث ألميره طالبت بمحاكمة المتهمين وفق قانون الراشدين لينالوا الجزاء الذي يستحقونه. 'عنف عنصري‘ أسهل الطرق لعقاب هؤلاء الجناة بحسب زعيم حزب الحرية اليميني خيرت فيلدرز هو سحب جوازات السفر الهولندية منهم وترحيلهم للمغرب في رحلة بلا عودة. فيلدرز الذي استغل الحادث ليحصر سبب المشاكل في المغاربة كفئة إثنية يميزها العنف في "الشارع وفي المدرسة وفي مراكز التسوق وفوق الملاعب"، بحسب ما نقلته عنه وسائل الإعلام الهولندية. وأضاف فيلدرز معززا وجهة نظره، أن "65 في المائة من الشباب المغاربة سبق وأن تعرض للاعتقال من طرف الشرطة. فلماذا لا يتشجع أحد بتسمية الأشياء بأسمائها بصدق؟ أضف إلى ذلك أن عنف المغاربة عنصري بحت، لأن ضحاياهم نادراً ما يكونون من المغاربة". الملاحظ في كلام خيرت فيلدرز أنه يركز على المغاربة فقط في حين أن واحدا من الشبان الثلاثة المتهمين والمعتقلين في قضية قتل مساعد الحكم، هو من أصل أنتيلي؛ نسبة إلى جزر الأنتيل الهولندية، إحدى مستعمرات هولندا في بحر الكاريبي. وكانت الصحف الهولندية أشارت في بداية الإعلان عن خبر وفاة الضحية إلى أن المتهمين هم مراهقون مغاربة. وفي رد عما أسماء "حملة الكراهية" التي ينهجها فيلدرز، أرسل المغني الشاب من أصل مغربي علي بوهالي المشهور باسم علي بي تغريدة خاطب بها فيلدرز جاء فيها: " كل المغاربة الذين تحدثتُ إليهم يدينون ما جرى. كفّ عن شن حملة كراهية على حساب الضحايا رجاء". *بالاتفاق مع إذاعة هولندا العالمية