"رؤى معاصرة".. منبر إعلامي شيعي بالمغرب تأثث المشهد الإعلامي بالمغرب أخيرًا بإصدار جديد بنفحة شيعية تحت عنوان "رؤى معاصرة"، وهي أول جريدة شيعية بالمغرب تنضاف إلى عدة مجلات شيعية موجودة بالسوق المغربي، مثل: المنهاج، نصوص معاصرة، الكلمة، الحياة الطيبة، البصائر، قضايا معاصرة، المحجة، إيران والدول العربية..
وجاء العدد الأول من الجريدة الشهرية، الذي صدر في أبريل الماضي، على أن يخرج العدد الثاني منها حول موضوع "العنف"خلال الأيام المقبلة، ليكون جسرا لتوطين "تشيع مغربي"، ظل حبيس المجلات وسلوكيات بعض المجموعات المنتشرة ببعض المدن المغربية، مثل طنجة والقنيطرة ومكناس. "" مرجعية شيعية وتضمن العدد الأول مقدمة "في البدء كلمة"، بينت دواعي الإصدار الجديد وحوارًا مع المفكر اللبناني الشيعي آية الله محمد حسين فضل الله، ومجموعة من المقالات الفكرية، تناولت "الإصلاح الديني بالمغرب: قراءة في الدلالات والأبعاد"، و"النهضة الحسينية ورمزيتها في البناء الاجتماعي"، "هيرمنيوطيقا القرآن عند الشيخ مجتهد شبستري"، وقراءة في كتاب محمد باقر الصدر "خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء"ْ، وترجمة للمولى إدريس الأكبر، الذي يرتبط اسمه بدخول التشيع للمغرب، وبعض المقالات الثقافية الأخرى منها نص قصيدة البردة ونقد الحداثة عند هيدجر.. وقد جاءت المقدمة لتقدم تأطيرا نظريا لمجال انشغال الجريدة الشهرية: "فمشروعنا: جريدة معاصرة يهدف إلى إثارة السؤال حول ماهية وآفاق مشروع تجديد البناء الفكري والتربوي والمنهجي للإنسان بشكل عام والمواطن المغربي بشكل خاص، حيث إننا نهدف من وراء هذه الخطوة رصد كل مواقع الظلمة ومحاصرتها بعناصر التنوير في أفق تحرير الوعي الإنساني والاجتماعي من المفاهيم الخاطئة والسلوكيات غير المسئولة، وإرجاع كل ذلك إلى عقالات العقل والوعي والإدراك، مسترشدين ببصائر المعرفية الموضوعية". وتبعا لافتتاحية العدد، فرؤى معاصرة "منبر إعلامي وأرضية للتواصل بين الفاعلين في مختلف الحقول المغربية بهدف تطوير منظومتنا القيمية والمعرفية وتجديد الأنساق الثقافية والتربوية والاجتماعية، لتكون منسجمة مع الاختيارات الحضارية للأمة وتطلعاتها لبناء تجربة نموذجية في مسار الإصلاح والبناء الداخلي للوطن والأمة معا". وأشارت إلى أن مهمة المنبر الجديد تنصب على قراءة نقدية للتراث المغربي والإسلامي باعتبار التراث أحد انشغالات الجريدة مع استشراف القضايا المعاصرة، فالبناء الحضاري، حسب افتتاحية العدد: "لا يتأسس على إعلان حالة القطيعة مع التراث، ولكن على تراكمية التجربة الفكرية للإنسان وجدل الأفكار وسجالاتها، كما يعبر عنه ذلك الإمام علي بن أبي طالب سلام الله عليه (اضرب الرأي ببعض يتولد منه الصواب). ليست شيعية!! وعلى الرغم من طبيعة الموضوعات المنشورة في العدد الأول من الجريدة فإنها كما يقول مديرها يونس السريفي لموقع إسلام أون لاين، "ليست شيعية بالمعنى المتعارف عليه، بل نحن منفتحون على الفكر الإسلامي بكل اتجاهاته لخلق حالة ثقافية إسلامية، وزرع الوعي داخل مجتمعنا المغربي والعربي والإسلامي. ونحن؛ إذ نتحدث عن هذا المشروع الفكري فقد رسمنا له هوية إسلامية رسالية أصيلة مستمدة من مرجعية القرآن الكريم والسنة الطاهرة وخط آل البيت الأطهار". ويوضح السريفي أن افتتاحية العدد الثاني ستكون أكثر تفصيلا لهوية الجريدة، نافيا وجود أي دعم مادي أو حتى معنوي خارجي "أما الدعم المادي أو حتى المعنوي فلا يوجد، ولا يتصور أصلا لغياب أي رابطة أو علاقة بالخارج". وعن اختيار المفكر الإسلامي السيد محمد حسين فضل الله في صدر الصفحة الأولى للجريدة، يقول السريفي: "السبب الوحيد هو أنه شخصية إسلامية واعية بمتطلبات المرحلة، ومنفتحة، ورمز للوحدة الإسلامية والحوار الإسلامي، أي بعبارة أخرى، إنه يتماشى مع الخط التحريري الذي رسمناه لهذه المبادرة". أما بخصوص التوقيت، يؤكد السريفي قائلا: "لا أظن أن المبادرات الثقافية تحتاج إلى وقت للخروج، بل نعتقد أن هذا الظهور كان متأخرا في ظل حالة التقهقر والاستلاب الذي يشهده مجتمعنا المغربي، محاولين إغناء المشهد الثقافي المغربي برؤى معاصرة قادرة على التشبث بالهوية مع الانفتاح على الآخر والتواجد في قلب الحضارة الإنسانية". من جانب آخر، يذهب محمد المرضي، بائع الصحف أمام البرلمان المغرب والمشهور ب"الربيو" - إلى أن الجريدة من الممكن أن تحقق نسبة مهمة في البيع، ليس لكونها تعبيرا عن أفكار التشيع بالمغرب، ولكن لكون المسئولين والمهتمين بالحقل الديني سيقتنونها للتعرف عن الاتجاهات الفكرية ذات العلاقة بالتشيع. انفتاح إعلامي يلاحظ المتتبع للساحة الإعلامية المغربية أن جل التوجهات الدينية تجد لها وسيلة إعلامية للتعبير عن أفكارها، فجماعة العدل والإحسان، وبعد حظر جريدة "الفتوة" و"الإحسان"، تجد في الموقع الإلكتروني وسيلة للتعزية عن حالة المنع، فيما تجد حركة التوحيد والإصلاح "التجديد" و"الفرقان" وموقع "الإصلاح" جسرا للتعبير عن أفكارها، وتخصصت مجلة "الإشارة" للتعبير عن التوجه الصوفي، ويمكن اعتبار أسبوعية "السبيل" صوت التوجه السلفي بالمغرب. أما على المستوى الرسمي، فهناك مجلات تصدر عن مؤسسات تابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مثل المجلس، والإحياء، والتذكرة، بالإضافة إلى عدد من المواقع الإلكترونية. وبناء على ذلك، فرؤى معاصرة، برغم تهيبها من التصريح المباشر عن هويتها، يمكن أن تكون المنبر الإعلامي، الذي يقدم رؤية التشيع بالمغرب ب"امتداد لبناني"، حسب مصدر فضل عدم الكشف عن هويته، وظهر جليا أن الجريدة تقر بحقها في ذلك، سواء من خلال افتتاحية العدد أو من خلال مقاربتها للمسألة الدينية بالمغرب وتركيزها على انفتاح التأهيل الديني عن الاجتهادات المعاصرة، إلا أن تأكيدها على أن التأهيل جاء للحد من الامتداد "الوهابي" بالمغرب، و"التكفيريين"، ينبئ عن ترتيبات جديدة لفتح معارك فكرية مستقبلية، دشنتها خطوة إصدار جريدة شهرية بما تتيحه من تفاعل مع القارئ. وبرغم بساطة الإخراج الفني للجريدة، وضعف وجود الآليات الإعلامية، مثل ضعف حضور الصور والإخبار، إلا أنها ستفرض على الوسائل الإعلامية ذات النفحة الدينية العمل من أجل تأهيل فكري يبين حدود المحلي والدولي في القضايا الجديدة. عن إسلام أونلاين.نت