قراءة في مؤلف "السلطان مولاي الحسن الأول والسيادة على الأقاليم الجنوبية 18731894" للدكتور نور الدين بلحداد، أستاذ التاريخ بجامعة محمد الخامس بالرباط، وهو الموعد الذي نظمته جمعية أزول للفنون و الثقافة و التنمية في شكل ندوة فكرية حضرها أكاديميون مغاربة، من بينهم ماجدة كريمي، أستاذة بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، و محمد لمراني علوي، أستاذ بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، و زين العابدين الحسيني، أستاذ بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس. مينة أحكيم، رئيسة الجمعية المنظمة، قالت إنّ هذا الموعد يعدّ "مساهمة من الجمعية في تعزيز الدينامية الترافعية للتعريف بمشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية، في تناغم مع المبادرات التي يسطرها النسيج الجمعوي بباقي مناطق المغرب و بالمهجر، ويروم خلق فضاء لمناقشة أوضاع و مستجدات الملف، و التقاط إشارات اللحظة الإيجابية و استيعاب الدور الذي يستوجب على النسيج الجمعوي بالريف القيام به، خاصة عبر استثمار علاقات الجمعيات بالريف بنظيرتها في أوروبا التي ينشط بها عدد كبير من المتحدرين من هذه المنطقة و التي يمكن لها أن تلعب أدوارا ذات قيمة مضافة" حسب تعبير المتحدّثة. وتطرقت ماجدة كريمي، استنادا على المؤلَّف، للنوايا التي تحكمت في عدد من البلدان الاستعمارية من أجل احتلال الصحراء أواخر القرن التاسع عشر، عبر تحوير مضامين الاتفاقيات المبرمة مع تلك البلدان والتي اقتصرت على استغلال بعض الأراضي و السواحل دون حيازتها، وذلك بالنظر إلى أهميتها الإستراتيجية في المجال التجاري.. ما حذا بالسلطان الحسن الأول للتصدي لها بعد مراسلاته الاحتجاجية المؤكدة على مغربيتها. و قدم زين العابدين الحسيني قراءته لمضمون الكتاب من خلال الترسانة الوثائقية المتمثلة في رسائل ومخطوطات اعتمدت من طرف المؤلِّف في دراسته، بعد تقديمه لعرض دقيق حول شخصية السلطان الحسن الأول ومرحلة حكمه.. و تطرق المحاضر لعدد من المشاكل التي اعترضت المغرب بسبب تضامنه و دعمه المادي للمقاومة الجزائرية، كما في هزيمة معركة إسلي. محمد علوي لمراني سار في سياق القراءة التي قدمها زملاؤه للكتاب موضوع الندوة، خاصة ما ارتبط بالتدابير الإدارية التي اتخذها السلطان الحسن الأول من أجل وقف الأطماع الاستعمارية و التصدي لها بسواحل طرفاية.. في ختام المداخلات، أخذ الكلمة الأستاذ نور الدين بلحداد للحديث عن الموضوع من زاوية مغايرة تمثلت في علاقة الريفيين بالصحراء، مستندا على وثيقة تهم مجموعة من الريفيين المجندين في صفوف الجيش الاسباني الذين تم نقلهم إلى سيدي إفني لمواجهة مقاومة قبائل آيت باعمران ضد الاحتلال الاسباني، موردا بأن ذات المجنّدين رفضوا الأمر بالإجماع، ممتنعين عن خوض حرب ضد إخوانهم، و دخلوا في عصيان وصل صداه للبرلمان الإسباني.. كما تطرق المحاضر المحتفى به لكثير من التفاصيل المرتبطة ب "تحريف حقائق تاريخية ثابتة بالوثائق من طرف خصوم الوحدة الترابية المغربية". هامش نفس الندوة شهد تنظيم نقاش يعني دور المجتمع المدني المحلي في الجدل الدائر حول ملف الصحراء، وذلك بمشاركة نشطاء من داخل المغرب و خارجه، إلى جانب المحاضرين المشاركين ضمن الندوة باعتبارهم فريقا علميا، ما أنتج اتفاقا على ضرورة الإعداد لخلق فضاء تنسيق بين الجمعيات الناشطة بالريف لدعم الدينامية الوطنية في الترافع بخصوص قضية الصحراء المغربية، و تحفيز الجمعيات و الكتاب و الإعلاميين و الفنانين بمنطقة الريف للاشتغال على الموضوعات المرتبطة بالملف من مختلف الجوانب، زيادة لما عبّر عنه ب "دعم المبادرات الوطنية الهادفة إلى الدفاع عن الوحدة الترابية و تحسيس الرأي العام المحلي و الوطني و الدولي بالوضع الخطير الذي يعيشه المغاربة المحتجزون في مخيمات تندوف".