من المقرر أن يعقد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مؤتمره الثامن فييونيو المقبل، إذ سيحسم في عدد من القضايا، خاصة التنظيمية، وعلى رأسها اختيار كاتب أول جديد للحزب. "" وتشكل مسألة اختيار الكاتب الأول للحزب أهمية بالغة للكثير من المتتبعين السياسيين بوجه عام ،و الاتحاديين على وجه التحديد ، حيث يتوقع لعملية الانتخاب هذه أن تكون منعطفا حاسما في مسار الحزب الذي تلقى صفعة قوية في استحقاقات 7شتنبر الماضي، إذ كان من أكبر الخاسرين في هذه الاستحقاقات بعد احتلاله المرتبة الخامسة ب 38 مقعدًا، فيما كان قد فاز بالمرتبة الأولى في انتخابات 2002، وهو تراجع فتح الأبواب على مصراعيها لدخول الحزب في أزمة صعبة. ومن بين المرشحين البارزين لهذا المنصب نذكر: عبد الواحد الراضي، وزير العدل في الحكومة الحالية، وفتح الله ولعلو، وزير المالية، وحبيب المالكي وزير التعليم في الحكومة السابقة، الذين سيظفر أحدهم بهذا الكرسي خلفا لمحمد اليازغي الذي قدم استقالته بعد تزايد حدة الانتقادات الموجهة إليه بسبب سوء تدبيره المفاوضات حول تشكيل الحكومة، وما حملته من حقائب للاتحاديين ، إلى جانب اعتماد الحزب مبدأ المساندة النقدية التي كانت النقطة التي أفاضت الكأس. وبالنظر إلى قائمة اللوائح المرشحة، يتضح بالملموس ، مدى سيطرة النزعة المحافظة على مناضليه، ليس فقط الموجودين منهم في المواقع القيادية، ولكن أيضا الكثير ممن يناضل في القواعد أو ممن يحتلون موقعا وسطا في الهرم التنظيمي، إذ نجد أنفسنا أمام نفس السيناريو الذي وقع، بمناسبة انتخاب المكتب السياسي المنبثق عن المؤتمر السابع، حيث صوت أعضاء المجلس الوطني بأغلبية ساحقة، لصالح الأعضاء القدامى، واضعين الحواجز أمام كل الوجوه الجديدة، الشئ الذي يؤكد فعلا مسألة تشبث الاتحاديين بكل ما هو قديم وتخوفهم من كل ما هو جديد ومن الأطر الشابة بالحزب. وتأسيسا على ما ورد ذكره يبقى واردا أن نتوقع بان المرشح الأكثر حظا للوصول إلى كرسي الكاتب الأول هو عبد الواحد الراضي نائب الكاتب الأول ورئيس مجلس النواب سابقا، وذلك لأسباب كثيرة أبرزها انه مدعوم سلفا من قبل تيار اليازغي ومؤيديه ونحن نعلم ما يمثله هذا التيار من تواجد في قواعد الحزب ، والواقع وبغض النظر عن من سيفوز بكرسي الكاتب الأول ، فان جل الأسماء المرشحة إلى حد الآن تعتبر امتدادا آخر لشخصية اليازغي بجميع أبعادها المخزنية والبراغماتية ، فإننا نستطيع أن نقول بأنها وباختصار شديد "يازغي آخر" ولكن بهيئة جديدة. وخلاصة القول، إن مشكلة حزب الاتحاد الاشتراكي وباختصار شديد ليس مردها إلى قضايا، تنظيمية صرفة ، وعلى رأسها اختيار كاتب أول جديد للحزب أو إلى شيخوخة الأطر والقياداتٍٍ بل راجعة بالدرجة الأولى إلى تخلي النخب عن هوية الحزب والمرجعية الإيديولوجية التي تؤطره وذلك منذ قيادته لما سمي بحكومة التناوب إلى الآن . فعلى هذا الحزب إذن أن يفكر قبل كل شئ في أن يتصالح مع منخر طيه أولا، ثم مع الشعب المغربي ثانيا ، وذلك بواسطة إحداث قطيعة مع تصرفات عهده القديم في مقاربته للشأن السياسي ، وهذا هو السبيل الذي سيعيد الثقة في الحزب و يذيب الجليد بينه وبين المغاربة.