أثار تدخّل وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر في الجلسة الصباحية لليوم الدراسي المنظم بمجلس المستشارين صباح أمس الأربعاء حول موضوع: "تدبير اللغات وتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في ضوء الدستور"، (أثار) احتجاج عدد من الأمازيغ الذين كانوا حاضرين في قاعة الجلسات بمجلس المستشارين، وذلك بعد انتقاده لاعتماد اللغة المعيار كلغة لتدريس الأمازيغية، وهو ما جعل، حسب قوله، الأمازيغ أميين في لغتهم، "لأنّ الأطفال يدرسون أمازيغية في المدرسة، لكنهم في البيت يتكلمون أمازيغية مختلفة"، يقول الداودي، وهي العبارة التي لم ترق عددا من الحاضرين، ومن بينهم النائبة البرلمانية فاطمة تبعمرانت، والناشط الأمازيغي أحمد عصيد، حيث تعالت الاحتجاجات في القاعة، واضطر وزير التعليم العالي إلى الصمت إلى أن "هدأت" الاحتجاجات، ليعود إلى إكمال تدخله. وقال الداودي إن اعتماد اللغة المعيار كلغة لتدريس الأمازيغية كان قرارا إداريا، في إشارة إلى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، لم يشارك الشعب في اتخاذه، مضيفا أن اللغة المعيار يمكن اعتمادها في التعليم العالي والبحث العلمي، بينما يجب تدريس اللهجة الأمازيغية المحلية المتداولة في البيت والشارع للتلاميذ الصغار، داعيا إلى عقد حوار وطني حول اللغة التي يجب تدريسها، "لأنّ هناك خلطا بين البحث في اللغة وبين تدريس ما يجب تدريسه"، حسب تعبير وزير التعليم العالي. الباحث الأمازيغي أحمد عصيد، ردّ على كلام الداودي في مداخلة مقتضبة قائلا، بأن اللغة المعيار ليست لغة مصطنعة، وإنما هي لغة المدرسة التي جاءت كثمرة لعشر سنوات من البحث من طرف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أفضت إلى اعتمادها كلغة لتدريس الأمازيغية، مشيرا إلى أن الذين لا يفهمون اللغة الأمازيغية المعيار يحدث لهم ذلك لأنهم لم يدرسوها، قبل أن يضيف، فيما يشبه ردّا على الداودي: "نحن مستعدّون لتكوين الوزراء والنواب البرلمانيين حتى لا يظلوا أميين في اللغة الأمازيغية". وتحدث وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، في تدخله حول ما تحقق للأمازيغية في الإعلام قائلا بأن هناك تطورا ملحوظا في هذا المجال، حيث انتقل بث البرامج باللغة الأمازيغية على أمواج الإذاعة الوطنية من 10 دقائق سنة 1938، لتصل المدة إلى 12 ساعة سنة 1974، ثم إلى 16 ساعة سنة 2005، قبل أن يأتي مشروع إطلاق قناة تمزيغت، وأضاف الخلفي بأن الأمازيغية تعتبر رصيدا مشتركا لكل المغاربة، وعلى وسائل الإعلام أن تضطلع بنشرها في مختلف مناحي الحياة العامة. الخلفي أشار إلى أنّ هناك تراجعا كبيرا في مجال الإعلام الأمازيغي المكتوب، حيث تراجع عدد المنشورات باللغة الأمازيغية من 10 جرائد إلى جريدة واحدة في الوقت الراهن، وزاد قائلا بأنّ الوزارة عقدت لقاء مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية من أجل إعادة تنشيط الصحافة الأمازيغية. من جهة أخرى، اعتبر عميد االمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أحمد بوكوس، ترسيم الأمازيغية في الدستور كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية "حدثا تاريخيا متميزا يفتح آفاق غير مسبوقة للغة الأمازيغية"، مطالبا السلطة التنفيذية بإقرار إجراءات ملموسة من أجل ما جاء به الدستور في حق الأمازيغية كلغة رسمية. بوكوس تحدّث أيضا عن اللغة المعيار التي يتمّ تدريسها، وقال بأنها نتاج نقط التقاء بين مختلف اللهجات الأمازيغية، ولا تناقض بين اللغة المعيار واللهجات. يشار إلى أن اليوم الدراسي المنظم بمجلس المستشارين عرف مشاركة أعضاء من الحكومة وأعضاء مجلسي النواب والمستشارين، وفاعلين سياسيين وحقوقيين وأساتذة وممثلين عن هيئات المجتمع المدني.