في اكتوبر عام 2000 ، زرت قطاع غزة في اطار عملي الصحفي ..كانت الانتفاضة ضد العدو المحتل في اوجها ..كان الشهيد محمد الدرة قد ارتقى قبل اسبوع من وصولي الى هناك..زرت مستشفى الشفاء وشاهدت ضمن ما شاهدت عشرات الاطفال اما جثتا في ثلاجات الموت او جرحى في حالات حرجة...اذهلت بصلابة اهل الشهداء والمصابين ورباطة جأشهم..كيف كانوا يرفعون علامات النصر ويصرحون لي انهم ماضون في حرب التحرير رغم القتل والدمار .. قيل لي ان هؤلاء هم "الارهابيون" كما يصفهم كيان الاحتلال وتصفهم واشنطن والجوقة الغربية...كان اول مرة اصادف "ارهابيا" رضيعا.... قلت لهم :اذا كان هذا هو "الارهابي" فاعتبروني واحدا منكم ايها الفلسطينيون "الارهابيون"..بعدها انضم الى صف هؤلاء "الارهابيين " الشاعر نزار قباني..وكان شجاعا عندما كتب قصيدته :"متهمون نحن بالارهاب" مما قال فيها: متهمون نحن بالارهاب اذا رفضنا زمنا صارت به أميركا المغرورة ... الغنية ... القوية مترجما محلفا... للغة العبرية... ... متهمون نحن بالارهاب واذا رمينا وردة.. للقدس.. للخليل.. أو لغزة.. والناصرة.. اذا حملنا الخبز والماء الى طروادة المحاصرة متهمون نحن بالارهاب اذا رفعنا صوتنا ضد الشعوبيين من قادتنا وكل من غيروا سروجهم وانتقلوا من وحدويين الى سماسرة متهمون نحن بالارهاب اذا اقترفنا مهنة الثقافة اذا قرأنا كتابا في الفقه والسياسة اذا ذكرنا ربنا تعالى اذا تلونا ( سورة الفتح) وأصغينا الى خطبة الجمعة فنحن ضالعون في الارهاب متهمون نحن بالارهاب ان نحن دافعنا عن الارض وعن كرامة التراب اذا تمردنا على اغتصاب الشعب.. واغتصابنا... اذا حمينا آخر النخيل فى صحرائنا... وآخر النجوم فى سمائنا... وآخر الحروف فى اسمآئنا... وآخر الحليب فى أثداء أمهاتنا.. ..... ان كان هذا ذنبنا فما اروع الارهاب!! أنا مع الإرهاب... ان كان يستطيع أن ينقذنى من المهاجرين من روسيا.. ورومانيا، وهنغاريا، وبولونيا.. وحطوا فى فلسطين على أكتافنا... ليسرقوا مآذن القدس... وباب المسجد الأقصى... ويسرقوا النقوش .. والقباب... أنا مع الارهاب.. ان كان يستطيع أن يحرر المسيح.. ومريم العذراء .. والمدينة المقدسة.. من سفراء الموت والخراب .. في ذلك الزمان كانت الانتفاضة ضد المحتلين بالحجارة فقط..وما ادراك ما الحجارة..اما اليوم فان "الارهابيين" الذين يريدون تحرير ارضهم من"المتحضرين" الصهاينة فطوروا سلاحهم الذي لطالما سخر منه رئيس سلطة رام الله وجوقته ..طوروا هذا السلاح ليطال الداخل الفلسطيني المحتل والمستوطنات من النقب الغربي الى هرتزيليا والضفة الغربية...وكشف هذا كم هم جبناء اولئك"المتحضرون" من بني صهيون..وكم هي العواصمالغربية تخشى على هذا الكيان من الزوال..فهرولت فرنسا لتنبيه نتنياهو من خطورة ما اقدم عليه على مصيره ومصير كيانه..ثم طار امين عام الاممالمتحدة الى القدسالمحتلة ثم وزيرة خارجية البيت الابيض التي رددت كلمة الارهابييين ،في اشارة الى الفلسطينيين، ربما اكثر مما رددها نتنياهو..تقول ذلك ودولتها هي من يقتل الاطفال في فلسطينالمحتلة بيد قوات الاحتلال الاسرائيلي ..فالطائرات امريكية ..والمروحيات امريكية..والقبة الحديدة امريكية ..والصواريخ التي تقصف بيوت الامنين ومكاتب الاعلاميين والمتاجر وملاعب الكرة والقنوات التلفزية والمزارع ..هي امريكية تصنيعا او تمويلا ..ما"ارحمك" يا امريكا..وما"ارحم " الكيان الذي تحمينه اكثر مما تحمين مواطنيك من البطالة والجوع والافلاس .. ربما "يحق" لك ان تكوني كذلك ما دام العربان ليسوا مع هؤلاء "الارهابيين"..لكن..نزار ..و.. أنا مع الإرهاب مادام هذا العالم الجديد يريد ذبح أطفالي ويرميهم للكلاب من أجل هذا كله أرفع صوتي عاليا أنا مع الإرهاب أنا مع الإرهاب أنا مع الإرهاب