نظمت جمعية آفاق للتنمية والمواطنة٬ بالقاعة الكبرى للندوات ببوعرفة لقاء ثقافيا مفتوحا حول فكر الراحل محمد عابد الجابري٬ بتعاون مع مؤسسة محمد عابد الجابري٬ وبمشاركة نخبة من المفكرين والباحثين المغاربة.. وقد أكّد المتدخلون، خلال هذا اللقاء المنظم في إطار "الملتقى الأول للفكر والثقافات بإقليم فجيج .. دورة المفكر محمد عابد الجابري"، أن الجابري كان مثل كل الكبار إنسانا عاديا متواضعا في حياته ومعاملاته. واعتبر المتدخلون أن المفكر محمد عابد الجابري لم يكن يبحث عن الشهرة ولا يحب الأضواء٬ بل يفضل الانزواء في مكتبه٬ والاشتغال بكل هدوء٬ وترك أعماله هي التي تتحدث عنه٬ وكانت طريقة اشتغاله ذات نسقية عالية٬ تدخل ضمن مشروع متكامل٬ استطاع الجابري من خلاله٬ أن يفتح باب النقاش حول قضايا تراثية٬ وأن يخلق حوارا مستمرا مع مفكرين عرب. وأوضحوا أن الحداثة بالنسبة للجابري لا تعني رفض التراث ولا القطيعة معه أو اعتباره مجرد بضاعة تنتمي للماضي بقدر ما يعتبرها الجابري ارتقاء بطريقة التعامل مع التراث إلى مستوى المعاصرة ومواكبة التقدم الحاصل على الصعيد العالمي. وأبرزوا أن الجابري يعتقد أن الحاجة إلى الاشتغال بالتراث تمليها الحاجة إلى تحديث كيفية التعامل معه خدمة للحداثة وتأصيلا لها٬ وهو ما اشتغل عليه الجابري طيلة حياته من خلال دراسة التراث العربي ونقد العقل النظري والسياسي والأخلاقي العربي ومن خلال ما يعبر عنه اليوم بإشكالية الدين والدولة وتطبيق الشريعة. واستطاع محمد عابد الجابري عبر سلسلة "نقد العقل العربي" القيام بتحليل العقل العربي عبر دراسة المكونات والبنى الثقافية واللغوية التي بدأت من عصر التدوين ثم انتقل إلى دراسة العقل السياسي فالأخلاقي وهو مبتكر مصطلح "العقل المستقيل" ذلك العقل الذي يبتعد عن النقاش في القضايا الحضارية الكبرى. والراحل حاصل على دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة في عام 1967 ثم دكتوراه الدولة في الفلسفة عام 1970 من كلية الآداب بالرباط وعمل كأستاذ للتعليم الابتدائي ثم أستاذا للفلسفة والفكر العربي الإسلامي في كلية الآداب بالرباط وكان عضوا بمجلس أمناء المؤسسة العربية للديمقراطية. وله العديد من الكتب المنشورة منها على الخصوص نحن والتراث (1980)٬ والعصبية والدولة (1971)٬ وسلسلة نقد العقل العربي. وقد حاز الراحل على عدة جوائز من بينها جائزة بغداد للثقافة العربية اليونسكو (1988)٬ والجائزة المغاربية للثقافة (1999)٬ وجائزة الدراسات الفكرية في العالم العربي سنة 2005٬ بالإضافة إلى جائزة ابن رشد للفكر الحر سنة 2008.