يخبرنا القرآن الكريم أن الشيطان كان السبب في إخراج آدم وزوجه من الجنة،ولم يكتف بذلك وإنما أخذ يتربص به في تفاصيل حياته ليخلق له المتاعب دينيا ودنيويا،وآدم أب البشرية جمعاء وعنه تفرعت الشعوب والقبائل،والدول والحضارات، وعندما قرر الشيطان أن يضل الناس لم يميز بينهم بل اعترف أنه سيلقى الصعوبة والعنت من عباد الله المخلصين فقط ،وأنه سيتمادى في الإضلال إلى يوم القيامة. "" ومعلوم أن الشيطان يختلق مداخل يدخل بها إلى من يريد للتأثير عليهم،ولعله وجد مرتعه في السياسة،فراح يبدع فيها أيما إبداع ربما لأنها الميدان الأكثر احتمالا لوسواسه ونزغه،وقد فعل الأفاعيل ، وسجل اسمه بمزيد من الفخر عندما أشعل حروبا دامت أربعين سنة،ثم استعمل دهاءه الشرير فتسبب في حربين عالميتين أتتا على الأخضر واليابس،ونزل بالحضارة الإنسانية إلى دركات سفلى،وبما أنه ليس من طبيعته النوم لاندري عم ستسفر عنه تخطيطاته الجهنمية التي إن نجحت ستكون لها نتائج كارثية، إذ إنه هيأ لها بما أوحاه إلى عقول الناس وطموحاتهم بضرورة تطوير هذه الأنواع وهذا الكم من أسلحة التدمير الشاملة والكاملة ،ورسخ في أذهانهم أيضا أنهم بطبيعتهم أعداء لبعضهم البعض،وجعل أحد المفكرين ينطق واصفا إياهم بقولته المشهورة الإنسان ذئب الإنسان، ،ووسوس لآخر لكي يختصر الوجود الحضاري في الصراع فأصدر كتابا سماه صراع الحضارات،اقتنعت دولته أمريكا بما ورد فيه فراحت تشعل الفتن في كل مكان،وتخلق لنفسها الأعداء وخاصة في بلاد المسلمين التي وصف فيها ذلك (المفكر( الشعوب الإسلامية بأنها غير قابلة للهضم،وغير قابلة للاندماج في الحضارة الغربية،وبالتالي يجب التصدي لها لأنها منبع الانغلاق،والشر،بل قد يصل خطرها لتهديد الحضارة الغربية برمتها، في معاكسة تامة لقوله تعالى(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى و جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم( سورة الحجرات آية 13،والتي نفهم منها أن بناء الحضارة مهمة منوطة بكل الناس،وليست مقصورة على عرق دون عرق،أو شعب دون آخر. في مواجهة هذا التوجه العدائي الذي حكم الشيطان بأن يكون المسلمون هدفه، كان عليهم أن يتوحدوا طبعا،وإذا توحدوا فستصبح مواجهتهم صعبة ومكلفة،وهنا لم يعدم المخلوق الناري الحيلة ،خاصة وهو يعلم أن المسلمين لو تدبروا قرآن ربهم وسنة رسولهم(ص) لبنوا وحدة كالبيان المرصوص يصعب التطاول عليها فقرر أن يفتح ثغرات ،ولكنها لاتسيء مباشرة إلى الدين حتى يمكن تقبلها من طرف المسلمين كالسم في الدسم،وأول ما بدأ به ألهاهم بالفروع عن الأصول، ونمذج لهم الغرب كمصدر للخير وحقوق الإنسان،وحببه إليهم،ودعاهم إلى التشبث الوثيق بالمذهبية وحب الذات،والتحرر ،وفصل الدين عن الدولة، وعدم احترام الأولياء والصالحين،ومعاداة الحكام واستفزازهم، والاعتداء على أعراض بعضهم البعض بالقذف والشتم تحت عنوان عريض اسمه حرية التعبير،و لما استكمل كل الإجراءات المذكورة، شمر عن عبقريته الفذة، وأبلغ حكامهم أن الحكمة هي ما صنعته دول الاستعمار مع بلدانهم عندما عكفتهم داخل حدود قطرية،وكتب لهم وصفة للوحدة والتضامن ذيلها بصفحات من أضرارها الجانبية،أما مبررات استعمالها فغير موجودة :( فهل يعقل أن تتقارب سنتكم مع شيعتكهم،وسوريتكهم مع لبنانكم، وجزائركم مع مغربكم،وإيران معكم ،أبدا ليس ذلك في مصلحتكم أبدا أبدا ،)، وأخرج العراق من دائرة الصراع وشغله بنفسه وامتطى المذهبية فسلط شيعته على سنته يفعلون بهم ما لم يفعله إنسان بحيوان، بينما أفتى لأوليائه (أن سر وجودكم في وحدتكم)، فحطموا الحدود،ومزقوا التأشيرات، وزيدوا من تضامنكم،وحذار أن تمنحوا فرصة لأصحاب الإسلام مهما صغرت ليستعيدوا مجدهم فتكونوا قد خسرتم كل شيء،واعلموا أن نظام الإسلام نظام صارم غير قابل للتغيير،وغير متناغم مع حداثتكم،واعلموا أيضا أن هذه طريقي،وأنني ربما قد أترككم لأشغال أخرى فابتدعوا كل مرة ما ترونه كفيلا بأن يشتت شملهم، وكلما تصارعوا كان أحسن، وأحمد لنفسي وإياكم أنني خلصتكم تماما من ذلك التضامن العربي،والإسلامي الذي كان يقلق أختنا إسرائيل كلما اعتقلت واحدا من الفلسطينيين،أما إذا قتلته فكانت مشكلة كبيرة، وكنتم إذا تعرضتم لقائد عربي أو مسلم فقط بالنقد تقوم الدنيا ولا تقعد أما اليوم حتى إذا شنقتموه يوم عيدهم الكبير فلا حرج،وإذا حاصرتم الملايين منهم وقطعتم عنهم كل أسباب العيش فقصارى ما يمكن أن يصدر عنهم إدانة محتشمة هنا وهناك، لكنني أعترف أنكم تجاوزتموني بعض الشيء،ولكن يحسب لكم ذلك ، حين تخرجون بعضكم إلى الشوارع منددين بحصارنا لهم، أو بقتل أحد زعمائهم ،لتبرزوا لهم أنكم ديموقراطيين،(وحقانيين)،وأؤكد لكم أنني أقف مشدوها أمام السيد الرئيس بوش، بخصوص هؤلاء الفلسطينيين،والعرب،لقد استطاع أن يعلق قياداتهم بخيط من الأمل في تكوين دولة فلسطينية،مرة هذا العام،مرة بعد شهر،مرة بعد سنين، أتدرون لماذا؟ لأنه ينتظر أن يثبت له المسبار الفضائي إمكانية الحياة في المريخ ليجعل لهم دولة هناك،ولاحظوا أنه رغم تصريحه بالتضامن مع إسرائيل لم يجد العرب غضاضة في الاحتفاء به،وتبجيله، حتى من دولهم التي كانت أشد عداوة لإسرائيل أتدرون لماذا أيضا؟ لأنه حكمي الذي لايمكن أن يطعن فيه إلا من أخلص النية لله واحترم الروح البشرية التي جعل إسلامهم قتلها بغير حق كمن قتل الناس جميعا،وابتعد عن الظلم،واحترم حقوق الناس، ونشر العدل،وتمسك بالكتاب والسنة، مثل هؤلاء ليس لي عليهم سلطان.