-(1)- نحن على بعد أيام قليلة جدا ونقرأ أول مقال لرشيد نيني بعد خروجه من 'السجن'، من شرفة عموده الأشهر « شوف تشوف»، لكن هذه المرة ليس من سفينة «المساء» وإنما من الهدد الجديد «الأخبار».. عودة رشيد نيني إلى إصدار جريدة يومية وطنية بطموح دولي كما عبر عن ذلك الرجل يعني الكثير من الدلالات؛ أولها أن قلم الصحافة وخاصة قلم الرأي ما زال على قيد الحياة التي وبكل تأكيد لن تنتهي بمجرد اعتقال أو موت، فالحروف الصادقة لا تعرف طريقا آخر غير الحياة، في الحياة وبعد الموت؛ لأن الصحفي الملتزم إن جاز لنا التعبير يعيش مرة مع قرائه ومرة تعيش مواقفه بين الناس وفي التاريخ بعد خروجه من صندوق الدنيا . ذات كتاب، كتب الراحل محمد الماغوط بعد مدة من انقطاعه عن الكتابة لقرائه ' كنت أعرف أطال الزمن أو قصر، سأعود إلى الكتابة كما يعود القاتل إلى مكان الجريمة. لقد راجعت كل مكاتب الاستخدام في العالم، فأبلغوني بأن يدي لا تصلحان إلا للقيود'. الكلام يبدو قويا من الراحل لكن يحمل بين أحفه الكثير من الدلالات ! منا من يكتب فقط ليقول اللاشيء . ومنا من يكتب ليكون تلميذا نجيبا للفضائيات العارية. ومنا من يكتب عن الجنس وبائعات الهوى وكيف تصبح داعرا في خمسة أيام بدون معلم ؟ وآخر يكتب لأنه يريد أن يعيش مهما كان فمه يساريا .. لكن المعدة تبقى دائما يمينية ! -(2)- المغرب الذي تركه رشيد نيني بعدما أدخل إلى السجن، ليس هو مغرب اليوم؛ فالكثير من الأمور تغيرت، وعلى رأسها الخطاب التاريخي للملك يوم 09 مارس2011. وتولي حزب العدالة والتنمية رئاسة الحكومة .. وإقدام الحكومة على جملة من الخطوات الشجاعة في مخطط محاربة الفساد والمفسدين .. رغم أنها خطوات قد تبدو للقارئ ليست كافية مقارنة مع ما هو مأمول لكن فين كنا وفين وصلنا؛الحق يقال إنها شجاعة غير مسبوقة في تاريخ المغرب الحديث والمعاصر، وهنا تتجلى مهمة الصحفي رقم 1 لأن له صوتا مسموعا أكثر من أي صوت هنا،عليه أن يظل يقظا مع بندقيته، يقوم كل اعوجاج يصيب هذه المسيرة أو تلك... مادام على قيد الحرية.. كما صرح هنا في هسبريس ! والله .. وأنا أكتب الآن فاضت عيناي بالدموع ..لأن كل ما يطلبه أي مواطن حقيقي أن يكون وطنه بخير .. قبح الله حساباتنا العابرة ! -(3)- باختصار بعد كل أزمة أو محنة .. لا بد وأن يشتد عود صاحبها، ويأتي الهدد بالخبر اليقين، ولا بد أن يكف الفساد عن أكل الموز، ونحن نتزحلق بالقشور. ان عاجلا أم آجلا . علينا جميعا أن نعلم منذ بداية الحفر أن شجرة التنمية قصيرة لكن ظل ثمارها طويل جدا. هكذا أصبحت أفهم البناء والإصلاح بعيدا عن خطابات اليأس والدم. [email protected] https://www.facebook.com/belhamriok