تفاجئ جميع المتتبعين ، بإستثناء طبعا العقول المُدبِّرة لِقرار منع بث الجزيرة (نشرة المغرب العربي من الرباط) لما علموا بهذا الخبر الصاعقة..ولأن القرار قرارٌ غير مسؤول وجبان ،فإن كل المُحللين عجزوا عن إيجاد تفسيرات منطقية لأسبابه ومبرراته .. الأمر الذي لا غبار عليه.. هو أن " قَشَّابَة " المغرب الجديد ?!.." قَشَّابَة " ضيِّقة لا تَتَّسِع لأبعاد حرية التعبير المسؤول وثقافة الرأي المُخالف... عموم الناس يَعرفون أن من لديْهم " قَشَّبات "غير واسعة يَتميَّزون بسرعة التأثر و تقلب المزاج إذْ يكُونُون أكثر حساسية إتجاه من ينْتقدُهم أو يُسمِعهم كلامًا يكشِف حقيقتهم..و أصحابُنا ذوو " القَشَّبات الديموقراطية" الضيقة ،مهما تظاهروا أمام العام و الخاص بِسِعة تجربتهم الحداثية الرائدة بين دول المنطقة، ومهما أغرقوا مسامع العالم بِصِدْقِيّة و جدّية قَطيعتهم مع مُماراسات الماضي و وُلوجهم عهد الديموقراطية و مايستلزمُه من شفافيةٍ و إنفتاح و إحترامٍ لِلحريات، فإن لحظة عودة "حليمة إلى عادتها القديمة" تحل مُسرِعةً و بدون إشعار كحالة خرار !!..عفوا أقصد قرار منع الجزيرة . وإذا كان المغاربة النبهاء ،و معهم المُراقبون في باقي العالم قد أدركوا سابقا بأن طرد الجزيرة من الرباط ،و إطلاق رصاص التصفية على جسدها الإعلامي المحترم ،ماهو إلا مجرد وقت كي يَنقلب المُستضيفون على ضيفتهم المكروهة في دواخلِهم،لأنه ..لأنه من المستحيل أن يتعايش الذئب و الحمل، و من المستحيل أن يتعايش الإستبداد و الحرية.. لكن رغم هذا التعسف الذي لحق بها فينْبَغي على الجزيرة أن لا تنزعج و تغضب من تصرفات ذوي أنصاف الديموقراطية اللّذين منَعوها من بث نشرتها المغاربية ..، على الجزيرة إن هي أرادت العودة إلى المغرب و البقاء فيه ،أن تُجرب الحلول متاحة وعديدة أمامها..فماعليها أولا إلا أن تُعلن التوبة و تستغفر السلطات من كل رأي رجيم ،و من كل صُورة ماردة مُتمردة.. ثم بعد هذا تستلهم من القنوات الإعلامية الرسمية المغربية حسن السيرة ،زائد أدبيات إعلام المغرب الأخضر و أخْبار التنمية البشرية،و لكي تكون أكثر وداعةً فعليها أن تُلقي بعيدا شعار الرأي والرأي الأخر ،و تندمج في مسلسل المنوعات الغنائية و الكليبات الراقصة..مع قليل من حصص كيفيات إعداد الطعام و مسلسلات الحب و الغرام..ربما بهذا تكسب حب وعشق المعنيين بالأمر،و تعفي نفسها شر المنع والتوقيف ...والسلام شخصياً حينما أتمعن في شعار القناة الناجحة ( الجزيرة )،يصوِّر لي خيالي هذا الرمز الشعار و كأنه نار ملتهبة متصاعدة الألسنة و على كل حال ،إذا صدقت خيالي ..و إعتبرت أن( الجزيرة ) هي حقا نار.. فسوف لن أكون ،على ما يبدو، مخطئا،بل إن ما يصل إلى مسامعي من أنين المكتوين بلهيبها و آهات المنزعجين من شدة وهجها ..يؤكد أن خيالي قد أحسن تصوير الصورة.. . إن كل بروز لفكر متحرر كقناة الجزيرة بوجهات نظر خارجة عن جلاليب الحاكمين و نخبهم..إلا ووجد العداء والمعتقل و الإقصاء من طرف بعض المتخلفين عن ركب التقدم الديموقراطي...لذا لا أستغرب محولات إطفاء الأنوار و حفر قبور السكوت والنسيان و تعميم النوم و الموت في كل الأماكن و الأوطان العربية تحديدا.. . إذن في ظل هذا الواقع حيث يراد للعقل العربي المسلم ،أن يظل ما أمكن عقلا معطلا، تمرر على حسابه السياسات و الخطابات الجوفاء، يصبح مستعجلا على الإنسان العربي المسلم حماية فكره و عقله ،و وقايته من عبث العابثين . منير أبو هِداية (منير الغيواني) riwani.maktoobblog.com ""