قال مسؤول أمني مغربي رفيع المستوى إن الشرطة العلمية والتقنية في الدارالبيضاء "ساهمت بدور كبير في كشف هوية مدبري عملية قتل أربعة سياح فرنسيين في ولاية البراكنة شرق موريتانيا، مشيرا إلى أن هذا يعد " فخراً للشرطة المغربية ". وأوضح مصطفى الموزوني، والي أمن الدارالبيضاء ومدير مكتب منظمة الشرطة الجنائية الدولية ( أنتربول ) في الرباط، في كلمة ألقاها أمس خلال الاحتفال بالذكرى 52 لتأسيس الإدارة العامة للأمن الوطني، أن " ولاية أمن البيضاء كان لها النصيب الأوفر في تحقيق الإشعاع الدولي للشرطة المغربية "، مضيفا أن " الأمر يعود إلى البعد الدولي للقضايا التي تنجزها، مثل تهريب السيارات المسروقة، والاتجار الدولي في المخدرات، وشل تحركات المشتبه في تمويلهم الإرهاب ". "" واهتدت مصالح الأمن الموريتانية، عبر النتائج التي توصلت إليها الشرطة العلمية المغربية، إلى أماكن اختباء المتهمين بارتكاب هذا الاعتداء، قبل أن تلقي القبض على ستة منهم، في مقدمتهم سيدي ولد سيدنا، الذي فر من قصر العدالة، بعد أن تسلمته سلطات نواكشوط، عقب اعتقاله في غينيا بيساو. وولد سيدنا متهم بقتل السياح الأربعة وهم في نزهة خلوية في جنوب موريتانيا، في 24 ديسمبر(كانون الأول) الماضي، في هجوم نادر أثار مخاوف بخصوص احتمال تصاعد عنف الإسلاميين المتشددين في الدولة الهادئة عادة. وهذا المتهم الرئيس معروف باسم "أبو جندل" (من مواليد العام 1987 في نواكشوط) واعتقل في العام 2006 بتهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية، بعدما قالت الشرطة إنه خضع لتدريبات عسكرية في معسكرات "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" الجزائرية التي باتت قبل عام فرعاً ل "القاعدة" في بلاد المغرب، وتحديدا في المنطقة الصحراوية المشتركة بين موريتانيا ومالي والجزائر والنيجر. وقالت الشرطة أيضا إنه كلف خصوصا تجنيد شبان موريتانيين للقتال في الصومال. وحوكم ولد سيدنا أمام محكمة في نواكشوط، في تموز (يوليو) 2007، وجرت تبرئته، لكنه ظل متهما بمحاولة ترتيب "عملية فرار منظمة" من السجن المدني في نواكشوط. وكان سيدي ولد سيدنا اعترف، بحسب محاضر التحقيق، أنه غير نادم على قتل السياح الفرنسيين، وأضاف أنه خطط مع رفاقه لاختطافهم وذبحهم في منطقة نائية، قبل إرسال الصور إلى "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" الجزائرية. وتمكن ولد سيدنا من الفرار في ظروف غامضة من محكمة في نواكشوط بعد استجوابه أمام قاضي التحقيق. وكان ولد سيدنا أمضى سنتين في معسكرات "الجماعة السلفية" للتدرب على فنون القتال، قبل عودته إلى موريتانيا، وهو أحد أبرز عناصر الخلية التي اشتبكت معها أجهزة الأمن في مواجهات عنيفة غرب نواكشوط مطلع الشهر، وقتل فيها ضابط من الشرطة واثنان من الإسلاميين. وتتهم السلطات الموريتانية الخديم ولد السمان (28 عاما) بتدبير الهجوم بالأسلحة الأتوماتيكية والمتفجرات على مبنى السفارة الإسرائيلية في نواكشوط، وتنظر إليه باعتباره القائد الميداني ل "الجماعة السلفية" الموريتانية. وتلقى الخديم تدريبا في معسكرات تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". واعتقل ولد السمان في نيسان (أبريل) 2005، وتمكن من الفرار من السجن المدني في نواكشوط، بعد إطاحة نظام الرئيس السابق معاوية ولد الطايع، وأدانته محكمة موريتانية بالسجن سنتين غيابيا العام الماضي. وأحالت السلطات الأمنية الموريتانية تسعة أشخاص يشتبه بمساعدتهم قتلة أربعة سياح فرنسيين، من بينهم سيدتان، إحداهما متهمة بمساعدة "قتلة الفرنسيين" المفترضين على الفرار خارج البلاد. ويعتبر قتل الفرنسيين أول اعتداء يستهدف غربيين في هذه الدولة الإسلامية، وهو جاء بعد أشهر قليلة من دعوة الرجل الثاني في "القاعدة" أيمن الظواهري إلى تصعيد الهجمات ضد الغربيين )خصوصا الفرنسيين والإسبان) في بلدان المغرب العربي. وشن الفرع المغاربي ل "القاعدة" هجمات عدة طوال هذه السنة في الجزائر، لكن لم تسجل عمليات مرتبطة به مباشرة في بقية الدول المغاربية، إذ إن الاعتداءات التي قام بها "انتحاريون" في الدارالبيضاء المغربية في ربيع 2007 بقيت في الإطار المحلي ولم يظهر أن القائمين بها لديهم صلة مباشرة ب «القاعدة» في الجزائر، على رغم ان أجهزة الأمن المغربية والجزائرية اعتقلت في السابق عددا من الأشخاص الذين تدربوا في معسكرات "الجماعة السلفية" في الجزائر.