من جديد فجرت يومية الصباح ذات المرجعية العلمانية قنبلة إعلامية لا أساس لها من الصحة؛ واتهمت مرة أخرى تيارا واسع الانتشار ممتد الجذور والأصول والتاريخ في هذا البلد بتهمة دون بينة أو برهان. فبعد الكذبة الكبرى لجريدة الصباح بخصوص السلفيين الذين جردوا فتاة من ثيابها بالسويقة بالعاصمة الرباط، وكذبات أخرى متعددة ومتتالية.. خرجت يومية الصباح على الرأي العام بإشاعة جديدة زعمت فيها هذه المرة أن سلفيين مغاربة دمروا نقوشا صخرية عمرها 8000 سنة يعود تاريخها إلى عهد الفينيقيين؛ في الموقع التاريخي المعروف باسم "ياغور" فوق قمم جبال الأطلس الكبير. وهو الخبر الذي حرك لحساسيته وزارات الداخلية والعدل والثقافة؛ واستلزم تفريغ وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة وتنقله إلى عين المكان للتأكد من صحة الخبر؛ وفتح داخل قبة البرلمان نقاش حول الموضوع ومدى مصداقية الإعلام الوطني؛ والهدف والمرمى من وراء مثل هاته الفرقعات الإعلامية، ومن المستفيد منها؟! وتساءل إزاء ذلك العديد من المتتبعين وكذا بعض المنابر الإعلامية إذا لم يصح الخبر؛ كما أكدت الحكومة والمختصين في مجال الآثار؛ فما العمل إزاء هذا التضليل؟ وهل أصبحت هذه المنابر فوق المساءلة والمتاعبة؟ نعم؛ لا أحد يقف اليوم في وجه حرية التعبير وحرية الإعلام؛ لكن ما هو السقف الذي تقف عنده هذه الحرية؟ وهل من حق المنابر الإعلامية أن تختلق الكذب؛ وتزرع الحقد والكراهية؛ وتتهم الأبرياء؛ وتفتعل قضايا وهمية كذبا وبهتانا؛ وتطعن في دعوات كبيرة عريضة؛ وتعرض سمعة المغرب في الداخل والخارج للانتقاد والمتابعة؟ لم يكن تحرك الناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير الاتصال مصحوبا بوفد من باحثين ومتخصصين في الآثار وممثلين عن وزارة الثقافة وصحفيين وإعلاميين؛ وتنقلهم عبر مروحية للدرك الملكي إلى عين المكان؛ تحركا عاديا وتسجيل موقف فحسب؛ أكثر منه موقفا للمحافظة على صورة المغرب في الخارج؛ عملت هذه المنابر على تشويهها والمس بها. وهو الأمر الذي أكده بكل وضوح وزير العدل والحريات الأستاذ مصطفى الرميد حين أمر بإجراء بحث بخصوص ما تم ترويجه؛ وأن النيابة العامة في مدينة مراكش أصدرت تعليمات للشرطة القضائية بالتحقيق في الموضوع بالنظر إلى "الإيحاءات السلبية لمثل هذا الخبر على صورة المغرب في الخارج، باعتباره بلدا للاعتدال والتسامح، ليتضح أن الأمر مجرّدُ مزاعم كاذبة". المساء. فقد وقفت يومية الصباح جنبا إلى جنب مع طرف أجنبي وهي وكالة الأنباء الفرنسية وقناة فرانس 24 للترويج لهذه الإشاعة والنيل من سمعة المغرب، وهو تصرف أهوج وخطير؛ تعين لقطع دابره تحرك على مستوى عال تجلى في تنقل الناطق الرسمي باسم الحكومة في سابقة هي الأولى من نوعها إلى عين المكان. إلا أنه أمام غياب المتابعة القضائية لازالت يومية الصباح -الشديدة العداء للإسلاميين- تركب رأسها وتأخذها العزة بالإثم؛ وتصر إلى الساعة على تكذيب الرواية الرسمية؛ معتمدة في ذلك على تصريحات بوبكر أنغير؛ المنسق الوطني للعصبة الأمازيغية لحقوق الانسان؛ ادّعى فيها أن السلفيين هم من دمر المآثر التاريخية المذكورة. ودخل على الخط كما كان متوقعا الناشط الأمازيغي المتطرف أحمد عصيد؛ وادّعى هو الآخر كما جاء في موقع الجزيرة نت: "..أن سلفيين وراء هذا العمل"؛ وصرح لوكالة الأنباء رويترز أن: "هذا العمل يأتي في أعقاب زيادة ملحوظة في أنشطة السلفيين في المناطق التي يغلب عليها الأمازيغ في المغرب"، وأكد لجريدة الصباح بأن السلفيين يحاربون الفن الأمازيغي بالمال. لم يحسب هؤلاء الأفراد الذين ينسبون إلى الحركة الأمازيغية؛ -وينسون أو يتناسون عمدا أنهم ليسوا وحدهم من يمثل الأمازيغ في هذا البلد-؛ حسابهم جيدا؛ وظنوا أن إلصاق التهمة بالسلفيين الذين لا كيان موحد لهم يجمعهم ويدافع عن حقوقهم؛ سيخلق حدثا ويفتح نقاشا؛ سيستفيدون منه داخليا وخارجيا كما جرت العادة بذلك. إلا أنه انقلب السحر هذه المرة على الساحر؛ وظهر للرأي العام بوضوح أن بعض المنابر الإعلامية المغرضة؛ التي أستحي حقيقة أن أنسبها إلى الوطنية؛ استمرأت الكذب وجعلته خبزها اليومي؛ ووظفته بحقد وخبث في حربها ضد الإسلاميين عموما والسلفيين على وجه الخصوص. وأن ما روجته يومية الصباح حول تدمير سلفيين لنقوش صخرية عمرها 8000 سنة في الموقع التاريخي "ياغور" لا يعدو أن يكون كذبة في شهر أكتوبر؛ عند من يعتقدون الكذب حلالا في شهر أبريل؛ ومخططا مدبرا لضرب الأمازيغية بالسلفية.